صنع بايرن ميونخ الألماني مزيجا رائعا ومتكاملا بين اللاعبين الشبان والنجوم الكبار أصحاب الخبرة حتى نجح الفريق في اعتلاء العرش الأوروبي. وتوج بايرن ميونخ بلقب دوري أبطال أوروبا ليستكمل بهذا الثلاثية (دوري وكأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا) للمرة الثانية فقط في تاريخه حتى الآن حيث سبق له تحقيق هذه الثلاثية في 2013. واستفاد بايرن لأقصى حد من إمكانيات نجومه الشبان الذين يمكنهم بسط نفوذ الفريق على الساحة الأوروبية لسنوات قادمة بقيادة المدرب هانزي فليك. ميونخ – بعدما أحكم ريال مدريد الإسباني قبضته على دوري الأبطال الأوروبي لثلاثة مواسم متتالية من 2016 إلى 2018 ، يبدو السؤال الذي يراود كثيرين حاليا هو: ما مدى قدرة بايرن ميونخ الألماني على تكرار هذا في السنوات القليلة المقبلة؟ وبدا بايرن ميونخ بشكل رائع للغاية في طريقه إلى اللقب السادس له في تاريخ مشاركاته بدوري الأبطال الأوروبي والذي حسمه بالفوز على باريس سان جيرمان 1 – 0 الفرنسي في المباراة النهائية للبطولة. واستكمل بايرن من خلال هذا الفوز الثلاثية (دوري وكأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا) للمرة الثانية فقط في تاريخه حيث كانت المرة الوحيدة السابقة في عام 2013 بقيادة مديره الفني الأسبق يوب هاينكس. ومع فوز بايرن بجميع المباريات الـ11 التي خاضها في دوري الأبطال خلال الموسم المنقضي وعدم خسارته أي مباراة في مختلف البطولات منذ بداية 2020، يتساءل منافسوه الآن عمن يستطيع إيقاف انطلاقة القطار البافاري؟ منصة التتويج صرح الألماني يورغن كلوب المدير الفني لليفربول الإنجليزي قائلا “بايرن في الوقت الحالي من أفضل وأبرز الفرق الكبيرة”. وأوضح كلوب، الذي قاد ليفربول للفوز بلقب دوري الأبطال في موسم 2019 – 2020، أن فريق بايرن بقيادة المدرب هانزي فليك كان “حافلا بالنوم بشكل مثير. يوجد في كل مركز لاعبان من الطراز العالمي يتمتعان بالعمر المناسب؛ ليس هناك الكثير مما يمكن الشكوى منه”. وكان كلوب ضحية لثلاثية بايرن في 2013 حيث خسر مع فريقه السابق بوروسيا دورتموند نهائي دوري الأبطال وقتها أمام بايرن. ولكن كلوب لم يتردد في الإشادة بفريق بايرن الحالي. ومن المؤكد أن هذه الإشادة ليست غريبة لأن الفريق الحالي لبايرن لم يخسر في آخر 30 مباراة خاضها كما حقق الفوز في 29 من هذه المباريات وتعادل في مباراة واحدة فقط كانت أمام لايبزغ سلبيا. وشق بايرن طريقه بنجاح إلى منصة التتويج بلقب دوري الأبطال خاصة عندما سحق برشلونة الإسباني 8 – 2 في دور الثمانية للبطولة. ويرى أوتمار هيتزفيلد، الذي كان مديرا فنيا لبايرن عندما فاز الفريق بلقب دوري الأبطال في 2001، أن فليك يمكنه قيادة الفريق إلى المزيد من المجد. وقال هيتزفيلد “فليك يمكنه تشكيل حقبة مع الجيل الحالي لبايرن مثلما حدث عندما فاز الفريق بلقب كأس أوروبا للأندية الأبطال (دوري الأبطال حاليا) في ثلاثة مواسم متتالية من 1974 إلى 1976”. بايرن ميونخ عزز صفوفه بالجناح الدولي ليروي ساني وكذلك الحارس ألكسندر نوبل استعدادا للتحديات الجديدة التي تنتظر الفريق وبعد عام واحد من رحيل النجمين الكبيرين الهولندي آريين روبن والفرنسي فرانك ريبيري عن صفوف الفريق، يرى هيتزفيلد أن بايرن يضم بين صفوفه حاليا هيكلا رائعا يمكّن اللاعبين الآخرين المنضمين إليه من تطوير مستواهم. ويضم هذا المحور أو الهيكل الذي يعتمد عليه الفريق كلا من حارس المرمى المخضرم مانويل نويري (34 عاما) والمدافع النمساوي ديفيد ألابا (28 عاما) والمهاجم المتألق توماس مولر (30 عاما) والمهاجم الخطير القناص البولندي روبرت ليفاندوفسكي (32 عاما). وساهم هؤلاء اللاعبون في تكوين جيل ذهبي للفريق. وقال هيتزفيلد “العديد من اللاعبين الشبان، مثل جوشوا كيميتش وسيرج نابري، يؤدون بشكل رائع كما يتمتعون بالاستقرار في ظل أعمارهم الصغيرة والمتوسطة”. ويستطيع بعض اللاعبين تحسين مستواهم؛ مثل ليون غوريتسكا ونيكلاس شوله اللذين لا يزالان في الخامسة والعشرين من عمرهما فيما لا يزال الفرنسي كينغسلي كومان صاحب هدف المباراة النهائية لدوري الأبطال في الرابعة والعشرين من عمره، وهو ما ينطبق أيضا على ليروى ساني المنضم حديثا إلى الفريق. وقال حارس المرمى الألماني الدولي السابق أوليفر كان عضو مجلس إدارة نادي بايرن حاليا “تكوين الفريق لا يمكن أن يعتبر مكتملا أبدا… من المهم أن يكون لديك محور (هيكل للفريق) مستقر على عقود طويلة المدى. وهذا هو الحال الآن”. وفي المقابل، يبدو برشلونة الإسباني على النقيض تماما حيث يظهر ضمن المنافسين الدوليين الذين أصبحوا بحاجة ماسة إلى إعادة بناء فرقهم للمنافسة في المواسم المقبلة، كما أن هناك بعض الفرق المنافسة تحتاج إلى استعادة مستواها المعهود. وقال هيتزفيلد “لهذا أرى أن بايرن سيشكل الحقبة المرتقبة على الساحة الدولية في السنوات المقبلة كما أنه يمتلك فرصة جيدة للدفاع عن لقبه في دوري الأبطال”. ومنح فليك لاعبيه راحة لمدة 14 يوما على أن يستأنف الفريق تدريباته بعدها استعدادا للارتباطات المقبلة. وقال كارل هاينز رومينيغه الرئيس التنفيذي للنادي “لسوء الحظ، هذه هي حياة لاعب كرة القدم”. واضطر بايرن إلى هذه الراحة القصيرة بسبب تأخر نهاية الموسم نتيجة أزمة تفشي الإصابات بفايروس كورونا المستجد وتوقف فعاليات الموسم لعدة أسابيع في منتصف الموسم. ويستهل بايرن فعاليات الموسم الجديد بلقاء ديورين، أحد فرق دوري الدرجة الخامسة، وذلك في بدء مسيرة بايرن للدفاع عن لقب كأس ألمانيا. لحظة عابرة بطل ألمانيا على موعد مع كأس السوبر الأوروبية في مواجهة إشبيلية، قبل أن يخوض غمار الدوري وكأس العالم للأندية بطل ألمانيا على موعد مع كأس السوبر الأوروبية في مواجهة إشبيلية، قبل أن يخوض غمار الدوري وكأس العالم للأندية كما يستهل الفريق رحلة الدفاع عن لقبه في الدوري الألماني (بوندسليغا) بمواجهة شالكه في 18 سبتمبر المقبل، وبعد ذلك بستة أيام يلتقي الفريق أشبيلية الإسباني في العاصمة المجرية بودابست بمباراة كأس السوبر الأوروبي. وقال فليك “إذا حققت نجاحا، من المهم أيضا أن تواصل النجاح وأن تواصل العمل لتصبح أفضل”. وأشار فليك إلى أن فريقه يسعى دائما لتقديم نسبة “100 في المئة من قدراته”. في ظل هذا، يبدو الفريق قادرا على الدفاع عن لقبه في البوندسليغا وتمديد الرقم القياسي لعدد مرات الفوز المتتالي حيث احتكر الفريق اللقب على مدار المواسم الثمانية الماضية ويستطيع الفوز به في الموسم المقبل حتى وإن كان من الصعب استبعاد إمكانيات بوروسيا دورتموند ولايبزغ وقدرتهما على المنافسة بقوة على اللقب. وسط الاحتفالات كانت هناك لحظة عابرة من التقدير الجاد الذي قدمه فليك للاعبين على ما حققوه. وقال فليك “أنتم رجال بحق، فخور للغاية بمرافقتكم، ألف شكر، لم يسبق لي تدريب فريق مثل هذا”. لكن أيضا لم يسبق وجود مدرب نجح في قيادة فريق متعثر إلى حصد ثلاثية مذهلة في غضون عشرة أشهر فقط. وبدأ فليك الموسم في منصب المدرب المساعد لكنه خلف نيكو كوفاتش في منصب المدير الفني في نوفمبر، ونجح في تجاوز كل العقبات داخل الملعب وكذلك وصل بالفريق إلى بر الأمان خلال أزمة فايروس كورونا التي تسببت في تعطيل النشاط الكروي. وبعد الفوز بكل شيء، ابتسم فليك إثر سؤال وجه إليه بشأن الهدف المقبل، وحتى لو قرر التنحي بشكل فوري فإنه سيرحل كملك كرة القدم في ألمانيا وأوروبا، فما بالك وعقده يمتد حتى 2023 ويمتلك مجموعة من النجوم الشباب أصحاب العزيمة تحت قيادته. وقال فليك “الآن سأستمتع بهذا الفوز في النهائي، نعود إلى الديار بالكأس”. وتحدث كيميتش عن سر نجاح بايرن هذا الموسم وقال “الجانب الإنساني يأتي في المقام الأول، بالنسبة إليه (فليك) نحن لسنا مجرد لاعبين يستخدمهم داخل النظام؛ إنه ينظر إلى الجانب الإنساني”. وأضاف “اللاعبون وكذلك الجهاز الفني لاحظوا ذلك”. وبعد إقالة كوفاتش بسبب معاناة بايرن كثيرا في البوندسليغا لعدّة عوامل، من بينها الهزيمة القاسية أمام اينتراخت فرانكفورت بخمسة أهداف مقابل هدف، عمل فليك على تغيير الجو العام وأداء اللاعبين بشكل كبير. وقال فليك إنه شعر بأن فريقه لا يقهر أمام باريس سان جيرمان، رغم أن المباراة متوازنة، ولا عجب في ذلك فالفريق لم يتعرض لأي هزيمة في 2020 وتعادل مرة واحدة فقط أمام لايبزغ. طريقة الضغط على الخصم التي يتبعها فليك جريئة، لكن لاعبيه يمتلكون اللياقة البدنية، وحسن التنظيم والثقة بالنفس. بايرن ميونخ عزز صفوفه بالجناح الدولي ليروي ساني وكذلك الحارس ألكسندر نوبل استعدادا للتحديات الجديدة التي تنتظر الفريق. اللاعبان سينضمان إلى الفريق في أجواء مختلفة تماما عما كان عليه الوضع عندما تسلم فليك المسؤولية. وقال فليك “بالعودة إلى نوفمبر كان من الممكن الشعور بأن الناس ما عادوا يخشون الفريق مجددا، لا يوجد احترام” في إشارة إلى الفترة التي كان يحتل فيها بايرن المركز السابع بجدول ترتيب البوندسليغا بفارق سبع نقاط عن الصدارة. وختم المدرب بالقول “التقدم الذي حدث منذ ذلك الحين كان مثيرا… عملنا بكل قوة”. خبرة وشباب نجح فليك محليا وقاريا بالاعتماد على توليفة بين الخبرة والشباب، بقيادة الهداف روبرت ليفاندوفسكي، الذي سجّل 34 هدفا في الدوري الألماني، ليحرز لقب الهدّاف، وأضاف إليها 15 في دوري الأبطال، إلى جانب التألّق اللافت لتوماس مولر في تأدية دور مموّل لـ”ليفا” وسيرغ غنابري، وتميّز كل من جوشوا كيميتش وتياغو ألكانتار والواعد ألفونسو ديفيز، وبراعة الحارس مانويل نوير، وطبعا الإصرار والعزم على الفوز، والسرعة في نقل الكرة من الدفاع إلى الهجوم، واللعب حتى صافرة النهاية؛ كلّها عوامل منحت فليك إنجازات غير متوقعة، وينتظر أن تؤكّد في الموسم الجديد المقبل. بطل ألمانيا على موعد مع “كأس السوبر الأوروبية” في مواجهة إشبيلية، قبل أن يخوض غمار الدوري وكأس العالم للأندية في قطر نهاية العام، حيث يطمح بطل أوروبا لإضافة لقب إلى خزائنه المليئة بالألقاب. وأعرب المدير الفني لنادي بايرن ميونخ عن اعتقاده بأن بطولة دوري أبطال أوروبا تعتبر تحضيرا جيدا بالنسبة إلى يواخيم لوف المدير الفني للمنتخب الألماني. وقال فليك “لا أريد أن أضغط على يوجي لوف، لكننا أوجدنا الآن على الأقل قاعدة جيدة لبطولة أوروبا في العام المقبل. فقد رأى اللاعبون في البرتغال ما يمكنهم فعله، وهذا شيء مختلف عن مجرد شرح ذلك لهم”. يشار إلى أن فليك، الفائز في العام الحالي بالثلاثية، كان مساعدا للوف على مدار ثمانية أعوام. ومن المنتظر أن تقام بطولة كأس الأمم الأوروبية بعد تأجيلها هذا العام بسبب وباء كورونا في الفترة بين 11 يونيو و11 يوليو 2021. وكان فليك تولى تدريب بايرن في نوفمبر، كحل مؤقت، خلفا لنيكو كوفاتش. وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت هذه اللحظة التي جمع فيها بين البطولات الثلاث هي الوقت المناسب للتوقف، قال فليك “تعني أنه لا يمكن تحقيق أفضل من هذا؟ لا… أنا لا أفكر على هذا النحو، فأنا لا أخاف مما هو آت”. وأضاف فليك، الذي يقضي حاليا عطلة مع عائلته “البحر ليس بعيدا، وهذا يكفي، وأنا أود أن أحتفظ ببعض الأسرار لنفسي ولا أحب الخوض في الخصوصيات بشكل كبير”.
مشاركة :