الوقت مواتٍ لتحرير أسعار الوقود في الإمارات

  • 7/27/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الإعلان مؤخراً عن تحرير أسعار الوقود في دولة الإمارات اعتباراً من شهر أغسطس/آب المقبل يجب ألان يشكل مفاجأة كبيرة للمراقبين. فقد ازداد الحديث عن تقليص دعم الوقود في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة أن الميزانيات الإقليمية تواجه انخفاضاً حاداً في عوائد النفط قياساً بالسنوات الماضية عندما كانت أسعار النفط تتجاوز 100 دولار أمريكي للبرميل مقارنة مع 55 دولاراً اليوم. واتخذت كل من سلطنة عمان والكويت العام الماضي تدابير لخفض دعم مجموعة من المنتجات، فيما بحثت البحرين مؤخراً سبل تقليص الدعم الحكومي لأسعار الوقود والمواد الغذائية واستبدال ذلك بتعويضات نقديّة للمواطنين البحرينيين. وتشير التصريحات التي أدلى بها وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي إلى أن مسألة دعم الوقود على وجه الخصوص كانت قيد المراجعة والبحث، وأن وزارة النفط قد توصي بخفض دعم أسعار البنزين والديزل خلال الأشهر المقبلة علماً أن أسعار الوقود في الإمارات تعد من بين أدنى المعدلات عالمياً. وبحسب البيان الرسمي حول تحرير الأسعار، ستقوم لجنة الوقود بمراجعة الأسعار المحلية للوقود قياساً بالمعدل المتوسط لمستويات الأسعار العالمية شهرياً وتطبيق التعديلات وفقاً لذلك. وفي هذه المرحلة، من المتوقع أن تكون أسعار الديزل في الإمارات أدنى قليلاً في أغسطس مقارنة بالمستويات الحالية، مما يشكل عاملاً إيجابياً لقطاعات النقل والخدمات اللوجستية التي تعد من الدعائم الرئيسية للنمو الاقتصادي العام في الدولة. ومع استقرار سعر النفط الخام حالياً (لكل ليتر) عند مستوىً أدنى من تكلفة البنزين في محطات التعبئة بالدولة، فإننا لا نتوقع أيضاً تسجيل ارتفاع حاد في أسعار البنزين على المدى القريب. وعلى مستوى الاقتصاد الكلّي، من المرجح أن يشكل خفض دعم الوقود عاملاً إيجابياً مباشراً على الميزانية، مما يساعد على تعويض انخفاض عوائد النفط، وحشد هذه الموارد لإنفاقها في مجالات أخرى مثل مشاريع البنية التحتية. وقد أظهر التقرير الصادر مؤخراً عن صندوق النقد الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي تنفق 3.4% من ناتجها المحلي الإجمالي لدعم الوقود، وهو معدل أعلى بكثير من مناطق أخرى باستثناء البلدان المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي تنفق أكثر من ذلك. وفي المقابل، تنفق الاقتصادات المتقدمة أقل من 0.1% من ناتجها المحلي الإجمالي لدعم الوقود. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، أنفقت الإمارات أكثر من 46 مليار درهم لدعم الوقود هذا العام (دون الأخذ بالاعتبار التغيرات التي تم الإعلان عنها مؤخراً)، وهذا يتجاوز 10% من إجمالي ميزانيتها العامة. ويمثل ذلك التكلفة المباشرة لدعم الوقود والغاز الطبيعي والكهرباء، ولا يعكس التأثيرات البيئية الأخرى لجهة الاحتباس الحراري، وتلوث الهواء محليّاً، وتكاليف الازدحام، وحوادث الطرق، والأضرار على الطرقات، والتي يقدر صندوق النقد الدولي أن تبلغ مستوىً إضافياً يبلغ 48 مليار درهم هذا العام. ومن غير المستغرب أن صندوق النقد الدولي كان لفترة طويلة من أبرز المناصرين لجهود تقليص دعم الوقود. حيث أكد أن هذا الدعم - علاوةً على التكاليف المالية، وانعدام الفعالية، والحوافز السلبية الناجمة عنه - لا يشكل وسيلة عادلة لدعم العائلات منخفضة الدخل، بل إن ذلك يعود بالنفع على الأثرياء كما الفقراء إن لم يكن أكثر. ونظراً للأسعار الحالية المنخفضة نسبياً للنفط الخام ومشتقاته، فإن الوقت يبدو مواتياً لإصلاح آليات الدعم الحكومي للوقود من دون التسبب بارتفاع حاد لمعدل التضخم أو غلاء المعيشة على المدى القريب. وفي نهاية المطاف، فإن تقليص دعم الوقود والانتقال إلى نظام تسعير أكثر مرونة ينبغي أن يشجع المستهلكين على استخدام سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، وزيادة استخدام وسائل النقل العام، فضلاً عن تشجيع الاستثمار في وسائل النقل العام والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. وحتى لو أفضى تحرير أسعار الوقود إلى ارتفاع طفيف لأسعار البنزين في محطات التعبئة الشهر المقبل، فإن السلطات أكدت أن تكلفة البنزين تمثل 3-4% من متوسط الدخل في الإمارات، مما يوحي بأن التأثير الفوري في الأسر يجب أن يكون محدوداً. *رئيسة بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - الأسواق العالمية والخزينة في بنك الإمارات دبي الوطني

مشاركة :