منذ اشتعال شرارة مخطّط ما سُمّي بالربيع العربي زوراً والراصد يدرك جيداً كيف يتم استهداف المملكة بكل ما أوتيت تلك القوى والاستخبارات المعادية التي تقف خلفه من قوة، غير أن ضربات الأجهزة الأمنية السعودية التي كانت تستبق الإرهاب بكل ما أوتيت من قوّة وتمكين وما أثبتته الأحداث والمواقف من ولاء هذا الشعب وتكاتفه مع قيادته بكل مكوّناته أكّدت مزيداً من حصانة هذه البلاد وممانعتها ضد أي محاولات سفهاء كانوا يظنّون أن بإمكانهم هزّ وتد واحد من استقرار عماد هذه البلاد أو مسّ شعرة من جسد أمن هذا الوطن المتلائم والمترابط بكل أطيافه أو استهداف ولائه لقيادته. من المفارقات التي تبعث على مزيد من الاطمئنان والابتهاج في نفوس الشعب السعودي على عكس ما يحدث في دول أخرى حتى الكبرى منها؛ أنّه مع إعلان كل بيان للداخلية جديد يتيقّن مقدّماً المواطن السعودي أن هناك عيوناً تحرس أمنه وأمان وطنه لذلك لا غرابة أن ينام المواطن السعودي ليلة عيد بعد متابعة أي بيان جديد تعلن فيه الداخلية عن إنجاز جديد وضربات استباقية كانت تستهدفه ووطنه ويستيقظ مبتهجاً مكملاً الاحتفال والابتهاج بعيده. في بيان الداخلية الأخير والذي أعلنت فيه وزارة الداخلية السعودية أن الجهات الأمنية تمكّنت خلال الأسابيع الماضية من الإطاحة "بتنظيم مكون من خلايا عنقودية مرتبط بتنظيم داعش، يدار من المناطق المضطربة في الخارج وكان يهدف إلى تنفيذ مخططات إرهابية كبيرة" سنجد كالعادة أنّ البيان جاء منسجماً مع العهد الذي أخذته على عاتقها لمحاربة كافة أشكال الجرائم والعمليات الإرهابية والفئة الضالة ووأد أي محاولات تعشيش لخلايا تنظيمات إرهابية. المملكة وعلى أكثر من عقد من الزمان وما تمتعت به من خبرة عريقة في مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي والمحلي ما دفع تنظيم القاعدة آنذاك وقبل ظهور ما سمّي بداعش منذ بدء الثورات العربية أن يعيد مركزيته التنظيمية بعد أن فقدها بالضربات القاضية للداخلية السعودية التي امتدت على مدى عقد من الزمن باستراتيجية أمنية متكاملة رسم خارطتها الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز - رحمه الله- ومساعده ويده اليمنى ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ويعضده سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ممثلاً في وزارة الدفاع ما جعل من عاصفة الحزم تزهق ما تبقى من أحلام السفهاء. أذكر في هذه الزاوية قد كتبت قبل أكثر من أربعة أعوام ومع اشتعال أولى شرارات الثورات محذّرة من غايتها الحقيقية وسيناريوهات مستقبلية كان يُرسم لها من استغلال التنظيمات الإرهابية بمحاولة النفاذ للسعودية من خلال افتعال وإشعال المزيد من نيران الأزمات المحيطة؛ وأنّه ليس شرطاً أن تنفذ تلك التنظيمات إلى المملكة من دولة حدودية لنا، بل ربما كان يكفيها تجنيد الشباب السعودي في بلدان مضطربة يمكن أن تستغل عاطفتهم الدينية أو ثقتهم في بعض دعاة السياسة والتحريض للزج بهم حطباً في مواقد حروب مفتعلة بين تنظيمات وبعض أنظمة خدمة وتنفيذاً لأجندة أجهزة استخبارات ودول معادية أو متصالحة متواطئة ومتفقة على استهداف المملكة رأس مالهم العسكري في حربهم ليس طائرة ولا قنبلة متفجرة أو دبابة إنّما مجرد شاشة صغيرة وقوة أنعم بكثير مما نتصوّر! أتفق مع رأي المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي في معرض إجابته على تساؤل أحد الصحفيين وأنه ليس بحل إغلاق موقع التواصل الاجتماعي تويتر كإحدى وسائل مكافحة الإرهاب وتجنيد المزيد من الشباب في مواقد داعش أو أي تنظيمات إرهابية؛ الدولة القوية المعتدّة بأمنها وأجهزته وقياداتها وحدها من تفعل ذلك. ولكن السؤال الموجّه الآن ليس إلى مؤسساتنا الأمنية والدفاعية إنّما لأخرى معنية وتتقاسم مع الأجهزة الأمنية مسؤوليتها مشتركة ماذا قدّمت وماذا أنجزت وكم صدّت من محاولات إرهابية أو تجنيدية؟! وللحديث بقية..
مشاركة :