باريس – الوكالات: تواصل محامية إيرانية مسجونة حائزة جوائز عدة إضرابا عن الطعام بدأته قبل ثلاثة أسابيع للفت الانتباه إلى محنة السجناء السياسيين في بلدها خلال جائحة كوفيد-19، بينما تثير حالتها الصحية قلقا متزايدا على الصعيد الدولي. وتمضي نسرين سوتوده الحائزة جائزة ساخاروف التي يمنحها البرلمان الأوروبي، في 2012، حكما بالسجن لمدة 12 عاما في سجن إيوين في طهران. وقد صدر الحكم العام الماضي بعدما دافعت عن نساء اعتقلن بسبب احتجاجهن على قوانين فرض الحجاب. وقال زوجها رضا خندان على مواقع التواصل الاجتماعي إنها بدأت الإضراب عن الطعام في 11 أغسطس. ونشر بيانا من سوتوده يؤكد أن أوضاع السجناء السياسيين المحتجزين بتهم «لا تصدق» لا يمكن تحملها وليس هناك اي أمل قانوني في الإفراج عنهم، بينما ينتشر وباء كوفيد-19 في إيران. وقالت سوتوده (57 عاما) إن إضرابها هو لتأمين إطلاق سراح السجناء السياسيين الذين لم يستفيدوا من الإعفاءات التي سمحت بالإفراج عن عشرات الآلاف من المدانين الآخرين خلال الوباء، بعدما تجاهل القضاء مناشداتها المكتوبة. ورأى هادي قائمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في العراق وإيران ومقره نيويورك أن سوتوده «لم تجد أي وسيلة سوى الإضراب عن الطعام وتعريض حياتها للخطر للدعوة إلى إطلاق سراح الأشخاص الذين يجب ألا يكونوا في السجن في المقام الأول». وقال لوكالة فرانس برس «مع تفشي كوفيد-19 في السجون، تلفت سوتوده الانتباه إلى محنة مئات السجناء السياسيين مثلها، والحكومة والقضاء يتجاهلان وضعهم تماما». وقال قائمي إن إيران تمر بفترة «قمع غير مسبوق» مع اعتقال مئات في الأشهر الماضية بتهم سياسية. وهزت آثار العقوبات البلاد إلى جانب احتجاجات جرت في نوفمبر 2019 على ارتفاع أسعار الوقود الذي أعقبه ما وصفه ناشطون بأنه واحدة من أكبر حملات القمع منذ الإطاحة بالشاه في 1979. وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير الأسبوع الماضي إنها سجلت شهادات من 500 شخص اعتقلوا بعد الاحتجاجات وخضعوا لإجراءات قانونية غير عادلة. وأضافت أن التعذيب يشكّل «وباء» في السجون، بما في ذلك الإيهام بالغرق والاعتداء الجنسي. وفي تقرير آخر، قال مركز عبدالرحمن بوروماند لحقوق الإنسان في إيران ومقره واشنطن، إن حجم وباء كوفيد-19 أكبر بكثير في السجون الإيرانية مما تعترف به السلطات، متهما السجون بالفشل في مراعاة تدابير النظافة الأساسية. وأوضحت المديرة التنفيذية للسجناء رؤيا بوروماند «يتناقش السجناء مع زملائهم في السجن والحراس ويتحدثون إلى مسؤولي السجن. ثم لا يجدي أي شيء ويكتبون إلى القضاء ويكتبون إلى المسؤولين ولا شيء يجدي مرة أخرى، لذا يتعين عليهم الإضراب عن الطعام». وقالت لوكالة فرانس برس «هذه هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لهم». ويتزايد القلق على صحة سوتوده مع اقتراب مدة إضرابها عن الطعام من الشهر. وقال زوجها إنها ضعيفة ورفضت الحقن التي تقدمها إدارة السجن. وصرحت كارين دويتش كارليكار، مديرة برامج «فري اكسبريشن ات ريسك» في منظمة «بين اميريكا» التي منحت سوتوده جائزة حرية الكتابة في 2011 «نشعر بالحزن لرؤية صحة نسرين تتدهور يوما بعد يوم أثناء سجنها بتهم غير عادلة». وقالت «إنها تواجه الآن أسوأ العواقب على نشاطها وتعبيرها». ومنحت جمعية القضاة الألمان الثلاثاء جائزتها لحقوق الإنسان لسوتوده معتبرة أنها «رمز حركة الحقوق المدنية الإيرانية». وقالت إنها تريد رفع مستوى الوعي العام بمصيرها. وتعززت المخاوف على وضع سوتوده الشهر الماضي عندما توفيت إبرو تيمتيك، المحامية التي كانت مسجونة بتهم إرهاب نفتها بشدة في تركيا، بعد إضرابها عن الطعام 238 يوما. ويقول ناشطون إن السلطات الإيرانية تستهدف عائلة سوتوده مباشرة بسلسلة من الإجراءات تهدف إلى جعلها تستسلم، بما في ذلك تجميد الحسابات المصرفية لعائلتها خلال الصيف. وفي أغسطس اعتقلت ابنتها مهرافي خندان البالغة من العمر 20 عاما بتهمة الاعتداء على أحد حراس السجن أثناء زيارة والدتها. أطلق سراحها بكفالة لكنها مازالت تواجه احتمال محاكمتها. وقال قائمي «إنهم (السلطات) يحاولون وضع سابقة وإرسال رسالة للآخرين بأنهم لا يخشون تجاوز الأفراد وسيعاقبونهم جماعيا».
مشاركة :