مشاريع الشباب المعوّقين تمنحهم الأمل وتدمجهم في المجتمع | | صحيفة العرب

  • 9/6/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت السنوات الأخيرة تطورا مهما في مجال الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية وإدماجهم في سوق العمل للاستفادة من إمكانياتهم التي تفوق في بعض الأحيان إمكانيات شخص سليم، وتقوم جمعيات المجتمع المدني بدور بارز في هذا الشأن في ظل عدم تطبيق القوانين التي تفرض على المؤسسات العامة والخاصة نسبة تشغيل معينة من ذوي الاحتياجات الخاصة. تونس - يقول حسين زيتوني صاحب إعاقة بصرية من ولاية قابس إنه حصل على تمويل مشروع تربية الماشية بقيمة 15 ألف دينار تونسي (5000 دولار) وأنه يطمح لتوسيع المشروع بشراء آلة جزّ العشب وتوفير العلف البيولوجي، مؤكدا أن برنامج تشغيل وإعاقة مثل أملا جديدا له بعد معاناته في عمل غير منتظم وأجر زهيد. وزيتوني صاحب الـ30 عاما أحد المستفيدين من مشروع “التشغيل والإعاقة” الذي بدأ قبل ثلاث سنوات وساهم في ربط المؤسسات الاقتصادية والأشخاص ذوي الإعاقة الشباب حيث قامت 50 مؤسسة خاصة في أربع محافظات تونسية بدمج ما يقارب 300 شاب من ذوي الإعاقة في مجال العمل من خلال تنفيذ سياسات دامجة للأشخاص ذوي الإعاقة. وتمكن عدد آخر من ذوي الإعاقة الشباب من فتح مشاريع خاصة بهم في مجالات متنوعة منها الفلاحة ومواد صحية وغيرها. مشاريع إقليمية وأعلن رئيس مشروع “التشغيل والإعاقة” محمد محرز أفشار عن انطلاق المرحلة الثالثة بتمويل مؤسسة “دروسوس” بالشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية. والمشروع ذو بعد إقليمي يشمل تونس والمغرب والسنغال والبنين. وفي إطار تنفيذ هذا المشروع تم تشكيل 16 لجنة محلية بجانب مكاتب التشغيل والعمل المستقل في المحافظات الأربع المعنية وتعمل على التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لتسهيل مرافقة الأشخاص ذوي الإعاقة نحو الإدماج في سوق العمل بعمل مؤجر أو مستقل. وتم تمويل 4 مشاريع صغرى لصالح شباب ذوي إعاقة في محافظتي بن عروس وقابس، وقال علي ورتاني صاحب إعاقة عضوية إنه تمكن من تمويل مشروع لبيع مواد التنظيف في ولاية بن عروس على مراحل معتبرا أن هذا المشروع فتح له آفاقا جديدة في الحياة خاصة بعد رفض تشغيله في عدة مؤسسات اقتصادية بسبب إعاقته العضوية. ووفقا للتقرير العالمي عن الإعاقة فإن 15 في المئة من سكان العالم لديهم نوع من أنواع الإعاقة. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة تتراوح نسب الأشخاص ذوي الإعاقة غير المشاركين في القوى العاملة بين 80 – 90 في المئة. وبالرغم من وجود قوانين وجمعيات أهلية وأنشطة وبرامج متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أنهم يعتبرون من أكثر الفئات تهميشا من حيث إمكانية الحصول على مهارات وفرص عمل لائق. علاوة على ذلك، ما زال الأشخاص ذوو الإعاقة يواجهون وصمة اجتماعية وأنماطا سلبية تجاههم. وتنص التشريعات القانونية في غالبية الدول العربية على إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات الخاصة والعامة بنسبة معينة من العدد الكلي للعاملين في هذه المؤسسات، لكن الواقع يشير إلى أنه لا يتم تطبيق هذه القوانين فعليا لأسباب متعددة. امتيازات لذوي الإعاقة الفهم الحقيقي للتعامل مع احتياجات ذوي الإعاقة وإعادة تأهيلهم يتم من خلال سياسات اجتماعية الفهم الحقيقي للتعامل مع احتياجات ذوي الإعاقة وإعادة تأهيلهم يتم من خلال سياسات اجتماعية في المقابل تنشط العديد من منظمات المجتمع الدولي بالتعاون مع منظمات دولية لتمكين الشباب من ذوي الإعاقة من الدخول إلى سوق العمل، وقدمت فرص للكثير منهم، فقد أدّت التّوعية والتّثقيف إلى تحسن كبير في معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة، وبدأت المنظمات والجهات المختصة بالتّفكير بإقامة مشاريع تشملهم، للاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم التي تفوق في بعض الأحيان مهارات أيّ شخص سليم. وأكّدت جليلة وسلاتي المكلفة بمشروع “تشغيل وإعاقة” في الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل في تونس أنّ الوكالة أحدثت ثورة عام 2019 في برامجها الخاصة بالأشخاص من ذوي الإعاقة. وأبرزت أن هذه الفئة تمتعت ببعض الامتيازات منها إعفاؤهم من شروط طالب العمل لأول مرة والأقدمية في سوق العمل وبـ3 سنوات فترة عمل ضمن عقد الكرامة عوضا عن عامين لبقية الأشخاص الحاصلين على فرصة عمل. وأضافت أنّ مشروع “تشغيل وإعاقة” يهدف إلى تطوير الإطار القانوني لبرامج التشجيع على التشغيل في تونس بما ييسر استفادة الأشخاص ذوي بالإعاقة منها. مشروع "تشغيل وإعاقة" يهدف إلى تطوير الإطار القانوني لبرامج التشجيع على التشغيل لدمج ذوي الإعاقة في تونس وقد ترجمت الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل ذلك عبر الإطار القانوني الجديد المنظم للبرامج النشيطة للتشغيل عام 2019، والذي مكن طالبي العمل من الأشخاص ذوي الإعاقة من امتيازات خاصة. واعتبرت أن هذه الامتيازات غير كافية وأنه رغم رفع نسبة تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات العمومية والخاصة إلى 2 في المئة إلا أن ذلك يتطلب المزيد من دعم المنظمة التونسية للدفاع عن الأشخاص ذوي الإعاقة في مجهود تشغيل هؤلاء في القطاعين الخاص والعام وتطوير بعض التشريعات بالخصوص. وشهدت السنوات الأخيرة تطورا مهما في مجال الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية، ويقول المتخصصون إن الفهم الحقيقي للتعامل مع احتياجات ذوي الإعاقة ومشكلاتهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع لا بد أن تتم من خلال سياسات اجتماعية لإعادة استثمار قدراتهم وتمكينهم وتحويلهم من طاقة إنتاجية معطلة إلى طاقة منتجة في حدود إمكاناتهم ومقدراتهم ليكون لهم دور في بناء المجتمع. وقررت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، في الجزائر القيام بتقنية صحية بتقريب الخدمات في مجال الأعضاء الصناعية ولواحقها من الأشخاص المعاقين المتواجدين في المناطق المعزولة في الجنوب الكبير والهضاب العليا، بهدف تأهيلهم للدخول إلى مجال العمل. ولتحديد خصوصية الأشخاص المعاقين لإدماجهم مهنيا، فتحت وزارة العمل أبوابها لتعزيز العمل المنسق مع بعض الجمعيات من أجل تطوير آليات التكفل بهذه الشريحة ضمن خطط عام 2020 لإزالة العوائق التي يواجهها الشاب المعاق في حياته اليومية والتي تمنعه من الاندماج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لاسيما من خلال الحماية الاجتماعية الموجهة لهذه الفئة بإدراج تسهيلات وخدمات مكيفة وفقا لاحتياجاتهم. تدريب الموظفين مشاركة فاعلة مشاركة فاعلة وتم العام الماضي رفع نسبة تشغيل الأشخاص المعاقين في الجزائر إلى 3 في المئة، وقام القطاع بتأهيل وتدريب موظفي الاستقبال على لغة الإشارة ولغة البراي من أجل دعم آليات الاتصال والتواصل مع هذه الفئة على مستوى كل الهيئات وطنيا ومحليا، وتجنيد مستشارين متخصصين، وتخصيص شبابيك ورواق أخضر بهدف تقديم خدمة سريعة وفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة، في 164 وكالة محلية عبر شبكة الوكالة الوطنية للتشغيل، بحسب ما ذكرت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي. من جهتها، قالت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة غنية الدالية، إن قطاعها يسعى بالتنسيق مع وزارة العمل من أجل اقتراح إدراج لغة الإشارة ضمن قائمة مدونة المهن للوظيفة العمومية. وأعلنت أن القطاع على “وشك الانتهاء” من إعداد مشروع نص لمراجعة القانون المؤرخ في 8 مايو 2002، المتعلق بحماية وترقية الأشخاص المعاقين، بهدف جعل أحكام هذا القانون “تتلاءم كليا” مع الاتفاقية الأممية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك من خلال استشارة موسعة على المستويين المحلي والمركزي. وعلى خط مواز تعمل منظمات وهيئات دولية على صياغة مبادرات لتأمين فرص عمل للشباب من ذوي الإعاقة، فقد رصد الاتحاد الأوروبي لمشروع التوأمة المؤسساتية بين فرنسا والجزائر ميزانية تناهز 1.2 مليون يورو ليمكن السلطات الجزائرية من مساعدة تقنية في جهودها لدفع حق ذوي الإعاقة في العمل. وتعمل جمعيّة البليدة لمساعدة المصابين بأمراض عقليّة منذ 15 سنة على تقديم المساعدة والدّعم للمصابين بأمراض عقليّة ولأسرهم وبفضل مشروع التّوأمة المؤسّساتيّة بين فرنسا والجزائر المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي تستعدّ الجمعيّة لمساعدة المصابين بأمراض عقليّة للمشاركة في تجربة فريدة من نوعها في الجزائر حول تشغيل ذوي الإعاقات. ويعاني رياض منذ صغره من اضطرابات نفسيّة لكنّ مرضه لم يمنعه من المشاركة في العمل بحدائق الورود في مستشفى فرانس فانون، التي تقع في البليدة (50 كلم جنوب الجزائر العاصمة). ويقول الدكتور نصرالدّين السعودي، الأمين العام للجمعيّة ومدير المركز المستقبليّ للمساعدة من خلال العمل التجريبي “ينتمي رياض إلى مجموعة تعدّ قرابة 10 مرضى يأتون خلال الأسبوع للمشاركة في أنشطة زراعيّة داخل إطار محميّ وما قدومه بمفرده إلى هنا سوى دليل على أنّه قد اكتسب درجة من الاستقلاليّة بفضل العلاج بالعمل”. وتُباع الورود التي يزرعها ذوو الإعاقة في كشك صغير قرب مدخل المستشفى وعندما لا تباع يتمّ إتلافها ولذلك فكّرت الدّكتورة فرانسواز جاي رايون، المستشارة لدى برنامج التّوأمة في إنشاء نشاط مربح داخل بيئة محميّة لصالح ذوي الإعاقة. أفكار جديدة أوضحت رايون “اتّصلنا بصاحب مشروع شابّ يعمل في مجال الزّيوت الطّبيعيّة ووافق مباشرة على اقتراحنا في زراعة الورود داخل المستشفى مع عدد من ذوي الإعاقة كما عمل منذ أوّل لقاء معنا على تصميم العبوة والغلاف الذي كُتب عليه ‘زيت صنع بأياد عاملة من ذوي الإعاقة’ لأنّه يعي تماما ويفتخر بالقيمة المضافة التي يمكن لتلك الكلمات أن تحدثها”. وتحدثت عن بعض الإشاعات الخاطئة التي تمنع وصول بعض الشباب من ذوي الإعاقة إلى سوق العمل حيث نقلت لها خبيرة كانت تعمل مع عدد من الجمعيّات الأعضاء في المجلس الوطني لذوي الإعاقة أنّ بعض تلك الجمعيّات قالت “لدينا تراخيص لمراكز للمساعدة من خلال العمل لكنّ الأفراد الذين يقبلون علينا وخاصّة منهم الأشخاص الحاملين لإعاقة ذهنيّة ليس لهم الحقّ في العمل”. وكانت الجمعيّات تعمل مع جمهور يعاني من الإقصاء بشكل كبير إلى درجة اعتقدت فيها أنّ ذلك الجمهور ليس له الحقّ في العمل ولذلك كان من الضروريّ، وفقا لرايون “أن نتوجّه نحو إحداث تغيير عميق وأن نقول صراحة إنّه لا وجود لنصّ قانونيّ يمنع ذوي الإعاقات من العمل وأن نخرج تدريجيا من وضع الرّعاية” وليس العمل الذي ينجزه يوميا رياض وزملاؤه في حدائق الورود في مستشفى فرانس فانون سوى تكذيب لهذه الإشاعة”.

مشاركة :