زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى لبنان ولقائه بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، تأتي في توقيت فارق بالنسبة للبنان والملف الفلسطيني على حد السواء، وسط مخاوف حول ما قد ستحمله لهما التحولات في المنطقة. بيروت- حمل اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أكثر من دلالة لاسيما من حيث توقيته البالغ الحساسية بالنسبة للجانبين. وبدأ هنية الأربعاء الماضي زيارة إلى لبنان، هي الأولى منذ عودته من إبعاد “مرج الزهور” في العام 1993، وتأتي الزيارة تحت حماية حزب الله، والتقى خلالها، إلى جانب نصرالله، مسؤولين لبنانيين على غرار رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وكان هنية قدم مباشرة من تركيا حيث كان في ضيافة الرئيس رجب طيب أردوغان، وكانت تلك الضيافة محل انتقادات واسعة من قبل الولايات المتحدة، لاسيما وأنها ضمت مطلوبين لدى واشنطن على غرار نائب رئيس حماس صالح العاروري. ونشرت قناة المنار على موقعها الإلكتروني صورا يظهر فيها نصرالله وهنية جالسين مع بعضهما ويضعان كمامتين للوقاية من فايروس كورونا المستجد. ولم تذكر القناة التابعة للحزب اللبناني مكان اللقاء أو تاريخه، واللافت صور المرشد الأعلى لإيران الحالي علي خامنئي وقبله آية الله الخميني، معلقة على جدران الغرفة التي دار فيها اللقاء الأمر الذي أثار تهكم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان اللقاء جرى في طهران أم في بيروت “ولماذا لا توجد صورة ‘بي الكل"” (في إشارة إلى الرئيس ميشال عون). وذكرت قناة المنار التابعة لحزب الله أن نصرالله استعرض مع رئيس المكتب السياسي لحماس مجمل التطورات السياسية والعسكرية في فلسطين ولبنان والمنطقة بشكل مفصل، و”ما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار، خصوصا صفقة القرن، ومشاريع التطبيع الرسمي العربي مع الاحتلال الإسرائيلي”. وخلال الاجتماع تمّ التأكيد “على ثبات محور المقاومة وصلابته”، في مواجهة كل الضغوط والتهديدات، كما جرى التشديد على متانة العلاقة بين حزب الله وحركة حماس “القائمة على أسس الإيمان والأخوّة، والجهاد والمصير الواحد”، وتطوير آليات التعاون، والتنسيق بين الطرفين. ويأتي اللقاء في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى لاسيما على مستوى تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية التي فسح لها المجال الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي في أغسطس الماضي، ويتوقع أن تنضم دول أخرى إلى هذا المسار في ظل جهود أميركية حثيثة وتوجه أوروبي للمشاركة فيها. كما يأتي في وقت تشهد الجبهتان الشمالية والجنوبية توترات أمنية، وسط مؤشرات على أن المرحلة المقبلة ستشهد ضغوطا أميركية مضاعفة على الحزب اللبناني إذا ما عرقل جهود الإصلاحات وترتيب البيت الحكومي في لبنان، مع بروز إشارات على الضفة المقابلة تشي بتغير في تعاطي واشنطن مع حماس، ترجم في هجوم الخارجية الأميركية الأخير على الحركة الفلسطينية. ويعتقد أن اللقاء جرى بتنسيق بين إيران وتركيا، ويندرج في إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية التي قد تشهد تطورات عاصفة سواء في علاقة بحزب الله، إذا لم يلتزم بخارطة الطريق الفرنسية، لناحية عدم المشاركة في الحكومة اللبنانية المقبلة وعرقلة تنفيذ الإصلاحات، وأيضا في علاقة بحماس التي غيرت الإدارة الأميركية النبرة تجاهها. ترجيحات بانضمام دول عربية جديدة إلى مسار التطبيع في ظل جهود أميركية حثيثة وتوجه أوروبي للمشاركة فيها وزار رئيس المكتب السياسي عقب لقاء الأمين العام لحزب الله مخيم عين الحلوة، جنوبي لبنان، حيث قال أمام حشد كبير جاء لاستقباله “كانت مسافة الصواريخ قبل فترة بضعة كيلومترات خارج حدود غزة، اليوم المقاومة في غزة تمتلك صواريخ ‘دكت’ تل أبيب وما بعد تل أبيب”. ووفق بيان صادر عن حركة حماس، أضاف هنية في المخيم أن “التطبيع لا يمثل شعوب الأمة وضميرها”، مؤكدا رفضه للتوطين ولفكرة “الوطن البديل”.وكان هنية صرح الخميس من بيروت أنّ “صواريخنا يمكنها أن تصل إلى تل أبيب وما بعد بعد تل أبيب”. ولفت إلى أن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية “قد يفتح بابا لتحصين الوحدة الوطنية الفلسطينية”، مضيفا “قررنا العمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني”. ويذكر أنّ الأمناء العامين للفصائل الفلسطينيّة عقدوا الخميس الماضي اجتماعا في السفارة الفلسطينيّة في لبنان، شارك فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من رام الله، وألقى به كل من عباس وهنيّة والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة وممثلي الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين كلمات شددت بأسرها على ضرورة إنهاء الانقسام لمواجهة “صفقة القرن”. وانتهى هذا الاجتماع كما هو متوقع بتباين بين الأطراف الفلسطينية المجتمعة حيث تحفظت حركة الجهادي الإسلامي على عدد من بنود بيانه الختامي.
مشاركة :