في مقال سابق تم الحديث عن المخلفات الصناعية وكيفية تدويرها والاستفادة منها إذا كانت قابلة للاستعادة واستيفاء الخصائص والمواصفات المطلوبة لها وأهمها دراسة تكاليف التدوير وكيفية تسويقه ورواجه ومدى تقبله لدى المستفيد أو المستهلك، إلى جانب كيفية التخلص من البقايا غير المفيدة بعد عملية التدوير. وعلى ذلك ليس من الضروري أن تحقق عملية التدوير في حد ذاتها مكاسب مادية فقد تفوق مزايا هذه العملية على الإنسان والبيئة إجمالي الخسائر الناجمة عن تدوير مادة ضارة بالبيئة. وفي هذا المقال ومقالات لاحقة سيتم عرض أمثلة لبعض المخلفات والنفايات التي يمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها مرة أخرى أو كيفية تجميعها والتخلص منها بطرق صحية سليمة، وهي كالتالي: تدوير القمامة اكتسبت القمامة وما يسببه تراكمها وتناثرها في الشوارع والأحياء من توفير بيئة مثالية لانتشار الذباب وتكاثر الحشرات وتوالد القطط والفئران، وما تحتويه من مواد عضوية قابلة للتحلل والتخمر والتعفن وما يجلبه كل ذلك من مشكلات صحية واجتماعية واقتصادية وبيئية شغلت اهتمام المجتمعات والهيئات العامة والأهلية في جميع دول العالم، وهذه نتيجة حتمية لأن الله سبحانه وتعالى فطر الإنسان على حب النظافة والعيش في حياة طبيعية سوية خالية من الكبد والنكد والمنغصات. وكان الأسلوب السائد في التخلص من هذه المخلفات هو عن طريق حرقها فى الهواء بالرغم مما ينتج أثناء هذا الحرق من آثار سُمِّيَّة متنوعة، إلى جانب إفراز العديد من المُركَّبات الحمضية التي تؤثر سلبًا على البيئة المحيطة وما تحتويه في كنفها وعلى أديمها من نباتات وكائنات حية، ومن هنا انصب اهتمام الجميع من دول العالم نحو إيجاد الحلول لهذه المشكلة وكان من ضمن هذه الحلول ما سمي بتدوير القمامة والتي تشتمل على طرق أساسية ثلاث هي: التجميع والفرز: أى جمع القمامة فى أماكن محددة ثم فرزها على أساس فحص واختيار المواد الصالحة منها لإعادة تصنيعها مثل الورق والكرتون والبلاستيك والزجاج والمعادن، وبقايا المواد الغذائية ومعلباتها. التصنيع: استخدام وسائل تقنية جديدة لإعادة تصنيع مثل هذه المواد التي يتم تجميعها وفرزها وانتقاؤها. الاستهلاك: لاكتمال حلقة التدوير يجب أن يتم تسويق واستهلاك المنتجات التي يتم إنتاجها من المواد التي تم فرزها من القمامة لتدخل في التسويق مرة أخرى، فعلى سبيل المثال يتم فصل المخلفات الزجاجية وإعادة استخدامها في صناعة أنواع أقل جودة وتكلفة من الزجاج الملون، كما تظهر منتجات من ورق الكتابة وأكياس القمامة وورق وعلب التغليف يذكر عليها أنها مواد معاد تدويرها، كما يمكن استخدام بعض المخلفات والنفايات المحتوية على مواد عضوية يسهل تحللها وتخمرها بواسطة البكتريا (مثل الورق والقماش والخشب وبقايا الطعام) لإنتاج غاز الميثان، وقد قامت بعض الشركات في الولايات المتحدة باستغلال هذا التفاعل الذى يحدث طبيعياً فى مستودعات القمامة لإنتاج الميثان بطاقة تصل إلى نحو 150 ألف متر مكعب في اليوم، وتتم الاستفادة من المخلفات الصلبة في الريف بطريقة مماثلة، فتجمع المخلفات النباتية (مثل حطب القطن وقش الأرز والحنطة) حيث يتم خلطها بنفايات الحيوانات، ثم يُعرَّضُ هذا الخليط لفعل البكتريا في آبارٍ متوسطة العمق، ويستخدم غاز الميثان الناتج (الذى يسمى في هذه الحالة اسم البوتاجاز) كوقود في عمليات التسخين وطهو الطعام. كما أنه في مجال الهندسة الوراثية أمكن البحث في كيفية استنباط بعض أنواع من البكتريا والطحالب المائية لها القدرة على التغذية على المواد العضوية الموجودة في القمامة حيث يتم تجفيفها واستخدامها كسماد لتربة الحدائق العامة أو كغذاء للدواب يخلط بنسب مع العلف الحيواني (يتبع). *جامعة الملك سعود
مشاركة :