المخلفات الصناعية وإعادة تدويرها (4/4)

  • 9/27/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نتابع في هذا المقال الرابع والأخير الحديث عن إعادة تدوير عنصرين مهمين من المخلفات الصناعية وهما الألومنيوم والأجهزة والمعدات الكهربائية. تدوير مخلفات الألومنيوم يعتبر معدن الألومنيوم من المعادن غير السامة وليس له رائحة ولا يسبب اكتساب أى مذاق، كما أنه خفيف الوزن ويمكن تحويله إلى عبوات حاوية، كما أنه موصل جيد للحرارة، ولذلك فإن السائل داخل العبوة يمكن تبريده سريعاً، وقد ساعدت هذه الخصائص الفريدة للألومنيوم إلى الزيادة السريعة فى استخدامه كمعلبات للمشروبات مما أدى إلى تراكمه المكثف بعد استخدامه على شكل مخلفات من عبوات ومعلبات الألومنيوم مما يعتبر هدرا للإقتصاد وإضاعة للثروات الوطنية. ونظرا لأهمية مادة الألومنيوم فإن تدوير تصنيعه يعد من أكثر عمليات التدوير توفيرًا للطاقة وتقليلاً للتلوث وتعد عمليات تدوير الألومنيوم أسهل من تدوير غيره من المعادن كالحديد مثلاً نظراً لثباتية عنصر الألومنيوم وعدم تآكله بالتـأكسد ولسهولة صهره وتشكيله ونقله وتخزينه. وقد كان الألومنيوم في العصور الوسطى أحد أثمن المعادن المعروفة على الأرض وذلك لصعوبة الحصول عليه، ولذا كان يستعمل في صناعة الحلي والتحف القيمة التي توضع في قصور الملوك والأثرياء، ولكن مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين تم اكتشاف طرق سهلة وبسيطة لاستخلاصه وتنقيته وتشكيله مما جعله ينتشر بسرعة حتى صار يدخل في العديد من الاستخدامات حول العالم مثل صناعة السيارات والشبابيك والأبواب وأواني المطبخ وأدواته وعلب المشروبات الغازية وغيرها من الاستخدامات التي لا حصر لها، وهذا ما جعل كميات المخلفات الناتجة منه تزداد بشكل هائل، ويمكن القول إن عمليات تدوير الألومنيوم موجودة في غالبية دول العالم نتيجة للفائدة المادية والبيئية العالية لهذة العملية. ولا تعد نفايات الألومنيوم خطرة في حد ذاتها لكنها قد تشكل مصدر إزعاج للقائمين على المكبات الصحية المعدة لدفن النفايات المنزلية، فهي مواد لا تتحلل ولذا تبقى كما هي أجسامًا صلبة، كذلك تزداد المشكلة تعقيدًا في حال جمع هذه النفايات وإلقائها في مكبات عشوائية إذ قد تتراكم وتشكل أكوامًا قد تصبح ملوثة للبيئة إذا كانت قريبة من الأحياء السكنية حيث تصبح ملاذًا آمناً للقوارض الضارة والحشرات المؤذية والزواحف الخطرة، كما أنها قد تحتوي على مواد سميَّة خطرة على صحة الإنسان، أو توضع في مناطق خضراء فتؤدي إلى تدميرها، وقد تمنع من استغلال الأراضي الزراعية، وهذا يتطلب إبعاد مثل هذه النفايات والمخلفات وأفضل علاج لها هي مرورها خلال عمليات إعادة التدوير. تدوير مخلفات الأجهزة والمعدات الكهربائية تمثل بعض الأجهزة والمعدات الكهربائية والإلكترونية عند نهاية صلاحيتها والرغبة في التخلص منها أهم مصادر الأخطار المؤثرة على البيئة وبخاصة ما يتصل منها بصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى نظرًا لاحتواء الكثير منها على مواد خطرة ومشعة وذات علاقة بأمراض خبيثة وخطيرة. إن جمع تلك الأجهزة إما لإعادة تصنيعها مرة أخرى أو التخلص منها لأسلوب متبع ومنظم لدى الكثير من دول العالم منها على سبيل المثال لا الحصر، السويد والدنمارك وألمانيا وهولندا وأستراليا واليابان. ويشكل التخلص من تلك الأجهزة والمعدات الكهربائية وخاصة ما يحتوي منها على مواد خطرة مثل الثلاجات في عوازلها والمكيفات في غازاتها والتلفزيونات في موادها المشعة والشواحن في بطارياتها والمصابيح الموفرة في طلاءاتها هاجسًا مقلقًا للدول الصانعة لتلك الأجهزة أو المستهلكة لها، كما أن الحكومات والهيئات التشريعية في تلك الدول تسعى نحو تشجيع عملية تدوير تصنيعها وليس للتخلص منها فحسب. والمخلفات الكهربائية والإلكترونية تعني كل ما يتخلف عن إنتاج واستخدام الأجهزة الكهربائية والإلكترونية وأجزائها ومستلزماتها لكافة المجالات متضمنا الأجهزة المنزلية، أجهزة المكاتب، أجهزة الاتصالات والمعلومات، أجهزة القياس والتحكم، أجهزة الإنارة، لعب الأطفال والساعات وأجهزة المعامل والأجهزة الطبية، أجهزة الهواتف والتسجيل والاستقبال، أجهزة الحاسبات الآلية بأنواعها، ماكينات التصوير والطباعة والفاكس.. إلخ. وحيث إن مخلفات هذه الأجهزة ومخلفات الأجهزة الإلكترونية بشكل عام تمثل نسبًا كبيرة من إجمالي المخلفات فإن عملية التخلص منها أو إعادة تدويرها تمثل مشكلة عويصة نظرًا لاحتوائها على العديد من المكونات الخطرة مثل الرصاص والكاديوم والليثيوم وغيرها. وتشير بعض الدراسات إلى احتواء هذه المخلفات على مواد متعددة مختلطة في داخلها بكمياتٍ ونسبٍ من عناصر الكروم والرصاص والنيكل والزنك تجعل عملية فصلها بالطرق التقليدية أمرًا عسيرًا ومرهقًا وغير ذي جدوى، وعلى الجانب الآخر تحتوى هذه المخلفات على مواد خام قيمة وعناصر نادرة مما حدا بعدد من الدول إلى بذل الكثير من الجهود في مجال إعادة التدوير والاسترجاع والاستخدام مرة أخرى. وفي الختام فقد أصبح تدوير المخلفات الصناعية مجالا مهما في كثير من دول العالم المتقدم حيث تحرص تلك الدول على تطويره وتنظيمه وتطبيقه من خلال التشريعات والقوانين المنظمة له يقينا لديها بأن التدوير يقوم بعملية مهمة ومجدية ألا وهي إعادة الاستخدام لتلك المعدات والأجهزة التي انتهى عمرها الافتراضي وصلاحيتها التشغيلية بطرق صناعية حديثة تستغل أجزاءها ومكوناتها وموادها الأولية في عمليات تصنيعها واسترجاعها للاستفادة منها مرة أخرى، وينطوي بالطبع في هذه المهمة حماية البيئة من المواد التي تحتويها معظم تلك الآلات والأجهزة والمعدات من مواد سامة أو مشعة أو متفجرة ربما تشكل خطرًا على صحة الإنسان وتهديدًا لسلامة البيئة التي يعيش في كنفها.جامعة الملك سعود

مشاركة :