واشنطن – بدأت الولايات المتحدة تستشعر خطر هجمات القرصنة أكثر من أي وقت مضى ولذلك رسمت استراتيجية تتمحور حول اتخاذ موقف أكثر شراسة في الحرب السيبرانية، التي تتواجه فيها خصوصا مع الصين وروسيا وعدة منافسين آخرين لا يقلّون أهمية من هذين البلدين، وهما كوريا الشمالية والصين، فضلا عن الدعاية الإرهابية. ويدافع الجنرال بول ناكاسوني، قائد القيادة الإلكترونية الأميركية ومدير وكالة الأمن القومي، عن فكرة تحول إدارة الرئيس دونالد ترامب نحو استراتيجية “أكثر عدوانية في الفضاء الإلكتروني”، قائلا إن “المهمة تطورت على مدار العقد الماضي لتصبح أكثر استباقية وهجومية من أجل مواكبة التهديدات المعقدة”. وكتب ناكاسوني في مقال نُشر الثلاثاء في مجلة “فورين أفيرز”، يقول إن المقاتلين الإلكترونيين للجيش ابتعدوا عن “الموقف الدفاعي” وهم يتورطون بشكل متزايد في القتال مع الخصوم الأجانب عبر الإنترنت. وأضاف في مقاله الذي شارك في تأليفه كبير مستشاريه مايكل سولماير “علمنا أنه لا يمكننا تحمل الانتظار حتى تؤثر الهجمات الإلكترونية على شبكاتنا العسكرية.. ونرى أن الدفاع عن شبكاتنا العسكرية يتطلب تنفيذ عمليات خارج هذا النطاق لأن التهديد تطور، ولقد تطورنا بالتالي لمواجهته”. وكمثال على ذلك، استشهد ناكاسوني بمهمة يتم تنفذيها منذ شهر أكتوبر الماضي، حيث أرسلت القيادة الإلكترونية الأميركية فريقا من نخبة الخبراء إلى مونتينيغرو (الجبل الأسود) للانضمام إلى قوات دولة البلقان الصغيرة، التي استهدفها قراصنة مرتبطون بروسيا. بول ناكاسوني: علينا التحول نحو سياسة أكثر عدوانية في الفضاء الرقمي بول ناكاسوني: علينا التحول نحو سياسة أكثر عدوانية في الفضاء الرقمي وهذه المهمة، بحسب ناكاسوني، لم تساعد فقط في الدفاع عن حليف، بل كانت أيضا فرصة للولايات المتحدة لتحسين دفاعاتها الإلكترونية قبل الانتخابات الرئاسية المزمعة في نوفمبر المقبل، والتي تتخوف دوائر صنع القرار الأميركي من تعرضها لقرصنة من الخارج. وعملت القيادة الإلكترونية الأميركية ووكالة الأمن القومي قبل انتخابات التجديد النصفي الأميركية في عام 2018 للحماية من التدخل الروسي، وأنشأت فريق عمل شارك في المعلومات حول التسويات المحتملة والتهديدات الأخرى، بما في ذلك كيفية مواجهة المتصيدين على وسائل التواصل الاجتماعي. وبفضل هذه المجهود وغيره، عطّلت الولايات المتحدة الجهود المتضافرة لتقويض انتخابات التجديد النصفي. وقال ناكاسوني إن القيادة الإلكترونية الأميركية تقوم بكل هذا وأكثر من أجل انتخابات 2020. وكانت القيادة الإلكترونية، التي تم إنشاؤها في عام 2010 لحماية الشبكات العسكرية الأميركية، تركز بشكل كبير عندما تم إطلاقها على “تأمين محيط الشبكة”، لكنّ المسؤولين أدركوا أن ذلك لم يكن كافيا. واعتبر مراسل وكالة “أسوشيتد برس” إيريك تاكر أن هذه الاستراتيجية الاستباقية هي تغيير لما كانت عليه قبل عقد من الزمن عندما تم إنشاء القيادة الإلكترونية لأول مرة في أعقاب “هجوم إلكتروني عقابي” على الشبكات المصنفة وغير المصنفة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). ويُظهر تبني القيادة الإلكترونية في الجيش الأميركي خلال السنوات الأخيرة لسياسة الهجوم في هذا المضمار مدى المخاوف التي تنتاب المسؤولين، فقد قام 68 فريقا من فرق الحماية الإلكترونية “بالبحث بشكل استباقي عن برامج ضارة معادية على شبكاتنا الخاصة بدلا من مجرد انتظار تحديد أي اختراق”. وقال ناكاسوني إنه بينما تأخذ القيادة الإلكترونية هذه المخاوف على محمل الجد، “نحن على ثقة من أن هذا النهج الأكثر استباقية يمكّن القيادة السيبرانية من إجراء عمليات تفرض تكاليف مع إدارة التصعيد بمسؤولية”. غير أن هذا الأمر يبدو أنه غير كاف، فبالإضافة إلى تلك النقطة المهمة في مواجهة الهجمات الرقمية، قد يحمل التقاعس عن القيام بذلك العديد من “المخاطر الخاصة”، وهي أن التجسس الصيني، والترهيب الروسي، والإكراه الإيراني، والسطو الكوري الشمالي، والدعاية الإرهابية ستستمر بلا هوادة. ولذلك تركز القيادة الإلكترونية الأميركية على عمليات إدارة هذه المشكلة بشكل مستمر مع مشاركة المعلومات على نطاق واسع حول البرامج الضارة التي تكتشفها لإكساب البرامج الضارة تهديدا أقل فعالية. ويتوقع مراقبون عسكريون أن التنافس مع الأعداء في الفضاء الإلكتروني سيزيد من خطر التصعيد، بدءا من عمليات القرصنة الممنهجة إلى الحرب الشاملة. ويقول ناكاسوني إنه من خلال التنافس بشكل أكثر استباقية في الفضاء السيبراني، فإن خطر سوء التقدير أو الخطأ أو الحوادث يزيد ويمكن أن يتصاعد إلى أزمة.
مشاركة :