عبّر المحللون عن "خيبة آمالهم" إزاء ما استعرضته الفصائل من مواقف، خلال خطاباتها في الاجتماع، واصفين لغة الخطابات بـ"التصالحية الخالية من الإجراءات العملية" التي كان ينتظرها الفلسطينيون. ويعتقد المحللون من خلال قراءة الخطابات أن الفجوة بين الفصائل "ما زالت كبيرة"، خاصة فيما يتعلق بالبرامج السياسية، وموقفها المُتباين من إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية. وعقد الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية، الخميس، اجتماعا، بمدينتي رام الله، وبيروت، بشكل متزامن، لمناقشة "تحديات القضية الفلسطينية". واتفق قادة الفصائل، خلال الاجتماع، على ضرورة "تحقيق الوحدة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الداخلي للتصدي للتحديات والمؤامرات التي تواجه القضية الفلسطينية". وأجمع القادة، على أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة تاريخية "خطيرة" في ظل "صفقة القرن" الأمريكية، وخطة الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، والتطبيع العربي مع إسرائيل. ونص البيان الختامي للاجتماع على ضرورة "تشكيل لجنة تقدم رؤية استراتيجية، خلال 5 أسابيع، لتحقيق إنهاء الانقسام"، و"تشكيل لجنة وطنية لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة". ** تغطية لحالة التعثّر ووفق الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم، فإن أجواء من التفاؤل الحذر تسود الشارع الفلسطيني، إزاء إمكانية تطبيق مخرجات اجتماع بيروت، وذلك لوجود خشية من أن يكون هذا الاجتماع تغطية لحالة التعثّر الفلسطينية. وقال: "الشعب الفلسطيني يأمل أن تكون هناك محاولات جادة لتجاوز الواقع والذهاب لإجراءات حقيقية"، لكنه حذر من أن يكون الاجتماع تغطية لحالة التعثر ورشوة للمجتمع الفلسطيني أكثر من ما هي برامج ونية وخطوات حقيقية لتجاوز الواقع. ووصف سويلم الاجتماع بـ"المهم وذلك نظرا لخطورة المرحلة التي يعيشها الفلسطينيون"، لكن "التجربة السابقة فيما يتعلق بالمصالحة ووحدة البرنامج النضالي والشراكة السياسية، كانت مريرة بسبب المشكلات التي تتعلق –بالدرجة الأولى- بمصالح الانقسام"، كما قال. كما أن التجربة السابقة واجهت عقبات حالت دون تحقيق المرجو، سواء كانت العقبات "داخلية أو إقليمية"، الأمر الذي يزيد من حالة الحذر لدى الشعب من الإفراط في التفاؤل، على حدّ قوله. واعتبر أن ما جاء في الاجتماع "لم يشمل قضايا محسومة سلفا، تشي برغبة حقيقية في الذهاب لتجسيد حالة الوحدة"، مشيرا إلى عدم "وجود خارطة طريق لدى الفصائل للخروج من المأزق". وتابع: "مثلا لم يتم الحديث كيف سيتم دخول حماس والجهاد لمنظمة التحرير، هل عبر توافق أم انتخابات، كما لم يشر أي فصيل لموضوع الانتخابات، كأنه مؤجل، وليس ضمن آليات إنهاء الانقسام، هناك الكثير من المشكلات بدون أن نجد آليات محددة يصعب الحديث عن تفاعل حقيقي". وحتى الآن، لم تنضم حركتا حماس والجهاد الإسلامي، لمنظمة التحرير، التي يقودها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (زعيم حركة "فتح")، وتطالب الحركتان بـ"إصلاح" المنظمة، كي "تُمثّل الشعب الفلسطيني، بكافة مكوناته". وأوضح سويلم أن مسار حل الأزمة الداخلية الفلسطينية يكون عبر مرحلتين الأولى "لملمة الجراح"، والثانية "التأسيس لمرحلة مجابهة من خلال بناء نظام ديمقراطي راسخ وقوي يذهب بالشعب نحو الشراكة السياسية الملزمة". ولا يستبعد المحلل السياسي أن يصل الفلسطينيون لمرحلة "لملمة والتئام الجراح"، كما لن "تبقى مرحلة بناء النظام الديمقراطي بعيدة". ويسود أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) انقسام سياسي منذ يونيو/ حزيران 2007، بسبب خلافات حادة بين حركتي "فتح" و"حماس" (أكبر حزبين في فلسطين)، ولم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهائه. ** مُصالحة بعيدة الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، قال إن قادة الفصائل حرصوا خلال خطاباتهم على تبادل "المجاملات والجمل التصالحية، والحديث عن الشراكة، بينما غابت بشكل واضح أسس توصيف الواقع والتدهور الحاصل في القضية". وبيّن إبراهيم أن بُعد هذه الخطابات عن المضامين "الإجرائية يجعل منها خطابات إنشائية"، مستبعدا تطبيقها على أرض الواقع. وأوضح أن الحديث عن تشكيل لجان لبحث آلية المصالحة "يعني في طبيعة الحال أن هذا الملف لن يتحقق"، مرجعا ذلك إلى عدم وضع "حلول جذرية للقضايا التي كانت عالقة في ملف المصالحة، والتي منعت تطبيقه على مدار سنوات". وأضاف: "من أراد المصالحة، كان عليه أن يعلن عن خطوات إجرائية تقرب من التطبيق الكامل لهذا الملف، كرفع إجراءات السلطة (تديرها فتح) عن قطاع غزة، وإتاحة الحريات للعمل السياسي في الضفة وغزة". وأشار إلى أن "قادة الفصائل لم يتعلموا من أخطاء الماضي في إدارة هذا الملف، ما يشي بأن عدم التنفيذ هو أمر وارد بدرجة كبيرة". وتابع: "كما غابت الرغبة في الحديث بشكل حقيقي عن إعادة بناء النظام السياسي على أسس يشارك بها الكل الفلسطيني بعيدا عن هيمنة السلطة ورؤيتها لهذا النظام". كما بيّن الاجتماع، وفق إبراهيم، الاختلاف الكبير في البرامج السياسية بين حركتي "فتح" و"حماس"، فيما يتعلق بالبرنامج النضالي، الذي تتبنى فيه الأولى المسار السياسي التفاوضي والمقاومة الشعبية لإقامة دولة على حدود عام 1967، بينما تتبنى الثانية كل أدوات النضال بما فيها العسكرية. ** خلاف على إصلاح المنظمة الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، رأى في تأثير خلاف الحركتين على ملف إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها، مؤشرا يدفع بمخرجات الاجتماع بعيدا عن التنفيذ. ويقول إن هذا الملف من الملفات الجوهرية لدى حركة "حماس"، حيث يفتح باب الشراكة السياسية ويمنع حالة التفرد بالقرار الفلسطيني، ويوحّد البرنامج النضالي للفصائل لمواجهة العدو. وتابع: "لم يطرأ جديد على موقف الحركتين فيما يتعلق بإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، فحركة حماس ما زالت تتمسك بضرورة إصلاح المنظمة، وإعادة تشكيلها، ومن ثم السماح للكل الفلسطيني بالانضمام إليها". كما تعارض "حماس"، وفق محيسن، مسار التسوية السلمية الذي تتباه المنظمة؛ حيث يشكّل هذا المسار هاجسا لديها ولدى حركة الجهاد الإسلامي. وبيّن أن حركة "فتح" تعارض ذلك الأمر، حيث أنها "توافق على التشكيلة الحالية للمنظمة أو مؤسساتها". ومن جانب آخر، رأى محيسن أن محتوى الخطابات لم يشر إلى صدق النوايا بإنهاء الوضع الفلسطيني الحالي، وبدء مرحلة جديدة تقوم على التوافق والشراكة السياسية. وأكمل: "لم تضم قرارات متعلقة بقضايا لها علاقة بالتخفيف عن المواطنين في غزة، نصت على تشكيل لجان لتحقيق الوحدة، وتوحيد المقاومة الشعبية". ويعتقد أن تشكيل اللجان، لبحث القضايا الوطنية دائما وعلى مدار سنوات، كانت تؤدي إلى "المماطلة أو تأجيل خطوات التنفيذ". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :