تراهن باريس كثيرًا على الزيارة التي سيقوم بها غدًا (الأربعاء) وزير خارجيتها، لوران فابيوس، إلى طهران لإقناع الجانب الإيراني باتباع سياسة أكثر إيجابية. وبرز ذلك في البيان الذي صدر عن قصر الإليزيه عقب الاتصال الهاتفي الذي تم يوم 23 يوليو الحالي، بين الرئيس فرنسوا هولاند ونظيره حسن روحاني؛ إذ جاء فيه أن فرنسا «تتمنى أن تلعب إيران دورًا إيجابيًا في تسوية أزمات الشرق الأوسط». وتريد باريس، كما قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون لبنان هو «الاختبار الأول» للمسار الجديد للسياسة الإيرانية في المنطقة بسبب الموقع التقليدي الذي يحتله لبنان لدى فرنسا، وبسبب الجهود السابقة التي بذلتها باريس، ومنها مع إيران من خلال زيارات مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، السفير جان فرنسوا جيرو، إلى طهران. وعلم في باريس أن هولاند كلف الوزير فابيوس أن يتولى التعاطي بالملف اللبناني، وأن يبحثه مع نظيره محمد جواد ظريف ومع الرئيس روحاني. وجاء الاتصال الهاتفي بين هولاند ورئيس الوزراء اللبناني تمام سلام، أمس، الذي صدر بشأنه بيان عن رئاسة الوزراء اللبنانية، ليبين المخاوف المتزايدة لباريس ليس فقط من استمرار الفراغ على رأس الهرم الدستوري في لبنان، وإنما أيضًا قلقها من أن يصل إلى الحكومة ورئاستها بعد تهديدات سلام المبطنة باللجوء إلى الاستقالة بسبب التعطيل الذي يواجهه وشلل حكومته. وينبع قلق باريس من شمول الفراغ السلطة التنفيذية بكافة مكوناتها، الأمر الذي يعني استفحال الأزمة السياسية المنعطفة على الأزمة الاجتماعية الاقتصادية، ناهيك بالمخاطر الأمنية. ورغم أن المصادر الفرنسية تمتنع عن القول صراحة إنها طلبت من سلام البقاء في موقعه حتى لا تتهم بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية، فإنها تشير ضمنًا إلى حثها سلام على الاستمرار. وخلال الأسبوع الماضي، استقبلت باريس وزير الداخلية، نهاد المشنوق، الذي أعد له برنامج لقاءات حافل بما في ذلك لقاء مع فابيوس، وكما استقبلت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، ونجله تيمور. وبحسب الوزير المشنوق، فإن لبنان يأتي «في المنزلة الأولى» من اهتمامات المسؤولين الفرنسيين الذين يعملون مع الأطراف المؤثرة على توفير شبكة أمان للبنان وتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. بيد أن الجهود الفرنسية لم تكن كافية حتى الآن، وتتخوف باريس من أن استمرار «التجاذب الإقليمي»، كما هو ظاهر من اليمن وحتى سوريا، «لا يساعد كثيرًا» على تحقيق اختراق في الأزمة اللبنانية. وقد خبر جان فرنسوا جيرو ذلك سابقًا، وخلال جولاته المتعددة التي لم تنجح في «فك الارتباط» بين ما يجري في لبنان وما يحصل خارج حدوده.
مشاركة :