بغداد وأربيل تبدآن جولة جديدة من التفاوض لحل الخلافات المالية | | صحيفة العرب

  • 9/9/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حكومة إقليم كردستان العراق التي حاولت مؤخّرا الضغط على بغداد عبر التلويح بتوثيق العلاقات مع أنقرة، تعلم جيدا أنّ ارتباطها المالي الكبير بالحكومة الاتّحادية لا يترك لها من خيار سوى العمل معها على إيجاد صيغة للتفاهم وحلّ المسائل الخلافية العالقة وأوكدها المسألة المالية، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية المستفحلة وضغوط الشارع المهدِّد بتفجير انتفاضة شعبية بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية. بغداد - دشّنت الحكومة الاتّحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق، الثلاثاء، جولة جديدة من المباحثات الهادفة لحلّ الخلافات القائمة بين الطرفين، والدائرة أساسا حول القضايا المالية، وتحديدا حصّة الإقليم من الميزانية العامّة والموارد المتأتية من النفط الذي ينتج في كردستان العراق ويباع مباشرة دون الرجوع إلى السلطات المركزية. وتعمل أربيل على حلّ خلافاتها مع بغداد تحت ضغط الوقت، ذلك أن الضغوط المالية المسلّطة من حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على حكومة آل البارزاني، بدأت تؤثّر بشدّة على الوضع المالي للإقليم وتضع حكومته تحت ضغوط الشارع الغاضب أصلا من انتشار الفساد وهدر المال العام، والذي أعطى خلال الأسابيع القليلة الماضية إشارات على تحفّزه لإشعال انتفاضة شبيهة بتلك التي شهدتها مدن وسط وجنوب العراق بدءا من خريف العام الماضي وأدّت إلى الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي. وخلال الأيام الماضية طرأ عامل تأزيم إضافي على الخلافات بين بغداد وأربيل تمثّل في دخول تركيا على خطّ العلاقة بين الطرفين، وذلك عندما استقبلت أنقرة رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان البارزاني في زيارة عاجلة لم يعلن عنها مسبقا، واعتبرها مراقبون رسالة تركية واضحة لبغداد بعد استقبالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أوج التصعيد والتراشق الكلامي بين باريس وأنقرة. وتمّ التطرق خلال الزيارة إلى تطوير التعاون التجاري والاقتصادي بين تركيا وإقليم كردستان العراق، كما عرضت أنقرة خلالها مساعدة الإقليم على مواجهة كورونا. وتضمّن البيان المشترك الصادر بشأن الزيارة عبارة تشير إلى أنّ البارزاني تطرق في محادثاته مع وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو إلى “المباحثات بين بغداد وأربيل لمعالجة المشاكل”، في تأكيد على أنّ الخلافات بين بغداد وأربيل كانت ضمن بنود أجندة الزيارة، رغم أنها شأن داخلي عراقي محض. ومن جهتها، اعتبرت مصادر سياسية عراقية أنّ هدف القيادة الكردية العراقية من تلك الزيارة لا يتعدّى محاولة الضغط على الحكومة الاتحادية عبر التلويح بالورقة التركية، مضيفة أن أربيل تدرك في الأخير أنّ أنقرة لا تستطيع أن تعوّض لها ما تحصل عليه من بغداد. ووصل، الثلاثاء، وفد رفيع من إقليم كردستان العراق بقيادة نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد الطالباني، إلى بغداد لاستئناف المباحثات مع الحكومة الاتحادية بشأن الخلافات العالقة، وخاصة ملفي النفط والإيرادات المالية. وبحسب مصادر مطّلعة على سير المفاوضات التي جرت، الثلاثاء، فقد تمّ التوصّل خلال أول اجتماع للوفد الكردي مع وفد الحكومة الاتحادية برئاسة وزير المالية علي علاوي إلى اتفاق على تشكيل لجان مختصة وفرعية لتكثيف المباحثات. ونقلت شبكة رووداو الإعلامية عن سمير هورامي المتحدث باسم نائب رئيس الوزراء في حكومة كردستان العراق قوله إنه بعد وصول الوفد إلى بغداد عُقد أول اجتماع موسع بين وفدي حكومتي بغداد وأربيل لبحث الملفات العالقة وخاصة المستحقات المالية لإقليم كردستان وتثبيتها في موازنة 2021. شيروان ميرزا: تحديد حصتنا المالية بنسبة مئوية لم يعد مناسبا شيروان ميرزا: تحديد حصتنا المالية بنسبة مئوية لم يعد مناسبا وأوضح هورامي أنه تقرر خلال الاجتماع تشكيل لجان متخصصة وفرعية لتكثيف المفاوضات حول مسائل النفط والغاز والمستحقات المالية والكهرباء والمنافذ الحدودية والقروض. كما عبّر المتحدّث عن استعداد حكومة الإقليم للتوصل لاتفاق مع الحكومة الاتحادية حول الإيرادات النفطية وغير النفطية والمنافذ الحدودية. ومن جهته قال عضو اللجنة المالية في برلمان الإقليم شيروان ميرزا إن هناك توجها بعدم الاعتماد على نسبة مئوية لتحديد حصة إقليم كردستان من الميزانية الاتّحادية لأن بغداد لم تلتزم سابقا بإرسال النسبة المحددة. واعتبر أنه استنادا إلى المعدل السكاني في العراق، يجب أن لا تقل حصة كردستان في الموازنة عن 15 في المئة، لكن بغداد لم ترسل هذه النسبة من الموازنة قط خلال السنوات الماضية، لذا فإن الاتفاق سيكون على مبلغ محدد من الأموال بدلا من نسبة مئوية. وكثيرا ما تبادلت كل من بغداد وأربيل التهم بشأن عدم إيفاء كل طرف بالتزاماته تجاه الطرف الآخر. وتبدأ الخلافات بين الطرفين من حصة إقليم كردستان في ميزانية الدولة العراقية، والتي دفعت جهات مشاركة في السلطة نحو تقليصها بالنظر إلى كونها غير ملائمة لنسبة عدد سكان الإقليم من مجموع سكان العراق، حيث لا توجد إحصائيات دقيقة ومحيّنة لعدد السكان. ولا تتردّد بعض الجهات في اتّهام حكومة أربيل بتلقي أموال فائضة عن حاجة الإقليم وتحويلها إلى الحسابات الخاصة لكبار القادة والمسؤولين. وتريد بغداد أن تضع يدها على أكبر قدر من مصادر الأموال في المنطقة الكردية كالضرائب وعوائد المنافذ الحدودية وغيرها، قبل أن تدفع رواتب الموظفين العاملين ضمن حكومة إقليم كردستان، وهو ما ترفض السلطات الكردية القبول به. وترى السلطات الكردية أن إقليم كردستان “شأنه في ذلك شأن كافة الأجزاء الأخرى من العراق، تمنحه القوانين النافذة في العراق حق استلام رواتب موظفيه، إذ لا يجب التمييز بين مواطني الإقليم وباقي أجزاء البلاد ولاسيما في موضوع الرواتب، وهذا حق دستوري”. وفي وقت سابق، طالبت حكومة الإقليم رئيس الجمهورية برهم صالح القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والوزراء وممثلي إقليم كردستان في مجلس النواب العراقي بـ”الدفاع عن الحقوق والمستحقات المالية والدستورية لشعب إقليم كردستان”. لكن وزارة المالية العراقية ردت بأن ما ترسله من رواتب إلى موظفي كردستان لا يصل إلى مستحقيه، في اتهام غير مباشر للأطراف السياسية الكردية بسرقة المال العام. وتوجد ملفات عالقة بين بغداد وأربيل منذ سنوات طويلة وعلى رأسها ملف إدارة الثروة النفطية وتقسيم إيراداتها والمناطق المتنازع عليها بين الجانبين. وأجرى الطرفان عدة جولات من المباحثات منذ أبريل الماضي في أعقاب قطع بغداد لرواتب موظفي إقليم كردستان. وكانت آخر جولة مباحثات جرت الشهر الماضي عندما أنهى وفد الإقليم زيارة لبغداد في 21 أغسطس. وفي أبريل الماضي قررت حكومة بغداد السابقة برئاسة عادل عبدالمهدي قطع رواتب موظفي الدولة بالإقليم بعدما اتهمته بعدم الالتزام باتفاق تسليم 250 ألف برميل من النفط يوميا إلى شركة سومو المملوكة لبغداد والمختصّة بتسويق النفط، وهو ما نفته أربيل. لكن الحكومة العراقية قررت الشهر الماضي إرسال نحو 268 مليون دولار شهريا ولثلاثة أشهر فقط هي أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، إلى أربيل لصرفها كرواتب للموظفين لحين التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخلافات حول ملفي النفط والإيرادات.

مشاركة :