الأزمة الاقتصادية تدفع الكويت إلى خفض جديد في الإنفاق | | صحيفة العرب

  • 9/9/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

انحنت الحكومة الكويتية أمام الواقع الاقتصادي الصعب الذي كان نتيجة لتداعيات كورونا بإقرار خطة خفض جديدة للمصروفات في ظل نزيف مستمر للإيرادات ما يعكس تقلص هوامش توفير السيولة الأمر الذي يثير مخاوف التوجه نحو توسيع رقعة الدين العام. الكويت - أجبرت الأزمة الاقتصادية الخانقة دولة الكويت إلى إقرار خفض جديد في الإنفاق تحت ضغط تضرر الاقتصاد من تراجع عائدات النفط وتبعات كورونا في وقت تشتد فيه الحساسية الاجتماعية من أي مساس بالدعم والوظائف العمومية. تكشف أحدث البيانات والمؤشرات أن الاقتصاد الكويتي يشهد نزيفا مستمرا حاولت الحكومة تخفيفه عبر خطوات لخفض النفقات لسد الفجوة المالية ولكن خبراء يرون أن سياسة التقشف لا تتعدى كونها حلا ترقيعيا. وزاد إقرار الحكومة بخفض النفقات مخاوف الأوساط الاقتصادية والشعبية من تقلص هوامش توفير السيولة وبداية فقدان انفلات الموازين المالية ما يعزز التوجه نحو مراكمة دين خارجي جديد وهو ما يرفضه البرلمان. وفي هذا السياق قال رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي عدنان عبدالصمد الثلاثاء إن “الحكومة خفضت مصروفات ميزانية السنة المالية 2020-2021 التي بدأت أول أبريل بمقدار 945 مليون دينار (3.1 مليار دولار) بسبب تداعيات فايروس كورونا”. ونقل حساب مجلس الأمة على تويتر عن عبدالصمد قوله إن هذه التخفيضات “لن تطال حقوق الموظفين أو الدعم أو المنافع الاجتماعية”. وقال أيضا إن وزارة المالية عدلت تقديرات ميزانية 2020-2021 حيث قدرت الإيرادات بمبلغ 7.5 مليار دينار والمصروفات بواقع 21.5 مليار دينار. عدنان عبدالصمد: التخفيضات لن تطال حقوق الموظفين والمنافع الاجتماعية عدنان عبدالصمد: التخفيضات لن تطال حقوق الموظفين والمنافع الاجتماعية وفي يناير، توقعت وزيرة المالية آنذاك مريم العقيل أن يبلغ الإنفاق 22.5 مليار دينار والإيرادات 14.8 مليار دينار 87 في المئة منها من النفط في السنة المالية 2020-2021. وطلب مجلس الوزراء في يونيو من وزارة المالية التنسيق مع كافة الجهات الحكومية لتخفيض ميزانية كل منها بنسبة لا تقل عن 20 في المئة في السنة المالية الحالية في ظل هبوط أسعار النفط وتفشي فايروس كورونا. وقال عبدالصمد إن “تقديرات وزارة المالية بعد التعديل تتوقع إيرادات قدرها 7.5 مليار دينار وعجزا قدره 14 مليار دينار، مضيفا أنه “من الممكن أن يتحسن هذا العجز لأن سعر البرميل الذي تم تقدير الميزانية عليه هو 30 دولارا وسعره الحالي 45 دولارا”. وكان التقرير الشهري لبنك الكويت المركزي قد أظهر مؤخرا انخفاض الأصول الاحتياطية الأجنبية للدولة بنسبة واحد في المئة في يوليو على أساس شهري. ووفقا لبيانات البنك انخفضت الأصول الاحتياطية للكويت إلى 13.78 مليار دينار (45.1 مليار دولار) في يوليو 2020، مقابل 13.92 مليار دينار (45.6 مليار دولار) في يونيو. وعلى أساس سنوي، زادت الاحتياطيات بنسبة 18.9 في المئة، 11.59 مليار دينار (37.9 مليار دولار) في الشهر المماثل من 2019. وتضمنت احتياطيات البلد الغني بالنفط نحو 12.97 مليار دينار (42.5 مليار دولار) رصيد الودائع والعملات، إضافة إلى نحو 564.4 مليون دينار (1.83 مليار دولار) حقوق السحب الخاصة للكويت لدى صندوق النقد الدولي، وأيضا نحو 214.2 مليون دينار (702.4 مليون دولار) رصيد لدى صندوق النقد أيضا. ويعتمد اقتصاد الكويت على الصناعة النفطية، وتشكل أكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية، وكان يبلغ إنتاجها النفطي 2.8 مليون برميل يوميا، ثم انخفض إلى نحو 2.2 مليون برميل في ظل الالتزام بتخفيضات تحالف أوبك+. وضاعفت أزمة الوباء وانهيار أسعار النفط الضغوط على الحكومة لدخول مسار التقشف الإجباري بعد أن فشلت محاولاتها السابقة بسبب الرفض الشعبي والبرلماني لأي تقليص للدعم واعتماد معظم المواطنين على الوظائف الحكومية. وفي الوقت الحالي تجد الدولة الخليجية النفطية نفسها أمام العديد من التحديات، بدءا من انخفاض الإيرادات النفطية وتآكل الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة في البنك المركزي وعدم القدرة على إيجاد بدائل للدخل. وتسبب هذا الأمر في تخفيض التصنيف الائتماني للكويت، وهو ما دفع الأوساط الاقتصادية إلى تكثيف الضغوط على السلطات من أجل التحرك السريع قبل وقوع أخطار أخرى من بينها تخفيض سعر صرف الدينار. وتواجه الكويت أزمة مالية غير مسبوقة جعلت من الخيارات الكثيرة، التي كانت مطروحة أمامها في السابق مجرد مقترحات لا يمكن تفعيلها على أرض الواقع. اقتصاد الكويت يعتمد على الصناعة النفطية، وتشكل أكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية، وكان يبلغ إنتاجها النفطي 2.8 مليون برميل يوميا، ثم انخفض إلى نحو 2.2 مليون برميل في ظل الالتزام بتخفيضات تحالف أوبك+ ويرى محللون أن توسيع رقعة الدين العام بات أمرا لا مفر منه في الوقت الراهن، وذلك مع تقلص هوامش تحرك الحكومة في توفير السيولة الكافية لإنهاء العام المالي الحالي. ولا يزال مشروع قانون الدين العام يثير جدلا بين الأوساط السياسية وخاصة تحت قبة مجلس الأمة، حيث يسمح للحكومة باقتراض 20 مليار دينار (64.8 مليار دولار) على أن يتم سداد المبلغ على أقساط ولفترة عشر سنوات، والمشروع القديم كان يتيح للحكومة اقتراض 81 مليار دولار. ورُفض القانون في أغسطس الماضي من قبل لجنة برلمانية إضافة إلى الرفض الشعبي نظرا للمخاوف الكبيرة من إنفاق القروض على المصروفات الجارية. ويرى خبراء أن الكويت تأخرت في وضع القوانين الكفيلة بتسريع ونجاعة الإصلاح إضافة إلى ضرورة تعديل وتطوير القوانين القديمة بما يتلاءم مع الوضع العالمي الاقتصادي. وتهيمن على الاقتصاد الكويتي القوانين التقليدية، حيث تسيطر الدولة على جميع القطاعات المنتجة، وتجد صعوبة في تقليص الإنفاق بسبب الرفض السياسي والشعبي لأي تقليص للإعانات والدعم الحكومي، في وقت لا يزال فيه دور القطاع الخاص محدودا في تخفيف الأعباء عن الدولة. واعتبر اقتصاديون أن تلك الأوضاع طاردة لرأس المال المحلي والأجنبي، مما يعرقل تنويع الموارد المالية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، حيث ينحصر دوره في مساحة ضيقة من المجالات الصناعية البسيطة. ولم تتخلّص الكويت حتى في رؤيتها 2035 التي أعلنتها منذ سنوات من اعتمادها على عوائد النفط في تمويل الوظائف الحكومية، حيث يعمل أكثر من 75 في المئة من المواطنين الكويتيين في القطاع العام، إضافة إلى الإعانات الحكومية الباذخة لقائمة طويلة من الخدمات والسلع. ويرى خبراء أنه لم تظهر حتى الآن أي آثار تذكر لبرنامج الإصلاحات الكويتي، الذي طرح لأول مرة في عام 2010، والذي يسعى إلى تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على عوائد الريع النفطي، وتقليص الإنفاق الحكومي ودور القطاع العام في توظيف المواطنين.

مشاركة :