يقول صديقي : لا مشكلة .. لا يوجد شيء في الدنيا اسمه مشكلة بل هي أحداث جاءت لنتعلم و نستفيد منها بتفائل . لماذا يقول صديقي ذلك ؟ هل هي فلسفة تأخذنا إلى الحديث أنه لا مشاكل و أن كل شيء لا يدعو للقلق ؟ لا يدعو للتفكير للخروج بنتيجة ؟ هل عندما نظن أن هنالك مشكلة نفكر فيها نصبح حينها متشائمين و أغبياء و أننا نفكر في شيء ليس له وجود أصلاً و أن ما نفعله ما هو إلا مضيعة للوقت و لذلك من الأفضل لنا ألا نشغل بالنا ؟ يقول صديقي أن كل شيء سيء يحدث لنا ما هو إلا حدث جاء لنستفيد منه . هو كذلك حدث نستفيد منه لكن هل الاستفادة هنا كانت بلا ثمن ؟ و هل جميعنا يستفيد من هذا الحدث و الذي لا يستفيد ما الذي سيحدث له ؟ تماما سيصبح في مشكلة .. إذا هنالك مشكلة . ثم لنتأمل .. لماذا قال الله لنا في محكم التنزيل : و الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ؟ أليست المصيبة مشكلة ؟ بل هي أعظم من المشكلة تجعلنا في هم و حزن و بعد أن تنتهي تصبح درساً منا من يستفيد منه و منا من لا يستفيد . لنبحر سويا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ألم يعلمنا دعاء الهم والحزن ؟ لماذا ؟ إلا لأن هنالك حدثاً جلب لنا هماً و أن الإنسان هنا ذو إحساس يتفاعل مع ذلك الحدث . ثم لماذا يقول لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( من فرج عن مسلم كربةً فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة ) ؟ أليست الكربة مشكلة أم هي أيضاً ليست كذلك ؟ المشكلة ليست في وجود المشكلة بل المشكلة أن نقول لا مشكلة . لا تظنونها فلسفة .. إن الذي يفترض أن ليس له وجود هي كلمة مستحيل و ليست كلمة مشكلة . مستحيل أن أجد حلاً لمشكلتي .. هنا الخطأ وهنا نقول لا مستحيل . هنالك فرق بين من يقول هنالك مشكلة سأحلها و بين من يقول هنالك مشكلة و يسكت . و السكوت هنا استسلام . إن أول طريق لحل المشكلة هو الاعتراف بها لأننا إذا لم نعترف بالمشكلة لن نفكر في حلها و سنقول لا مشكلة و نترك للأحداث تواصل زحفها حتى تضيق علينا الأمور و نحن نقول لا مشكلة لنجد أنفسنا في وسط مأساة و أيضاً نقول لا مشكلة . لست سلبياً لكن علينا أن نواجه بمنطق حتى نكون إيجابيين .. حتى نضع أيدينا على الجرح و نبدأ بالعلاج . لنسير في الأرض و ننظر حولنا .. لنحاول الجلوس مع شرائح مختلفة من الناس و حينها سنجد أن لكل منهم همه الذي يعيشه فيحاول التغلب عليه بحلول أو مجاهدته بأمور أخرى فمنهم من يتغلب على مشكلاته و منهم من يحاول و يحاول لكن لا فائدة و هنا لا نيأس و لنعلم أن هذه الدنيا مرحلة يكفينا فيها أننا حاولنا و لم نستسلم و لنصبر على قدر الله و أن هذه الدنيا ابتلاء و الله يجزي الصابرين بغير حساب و ما فقدناه هنا من أمور قد نجدها عند رب العالمين . يا صديقي العزيز ليس كل نظرية تكون لنا منهجاً فالحياة أكبر مدرسة تعلمنا منها أن فيها من المشكلات ما فيها .. نقع فيها . منها ما نجتازه .. ومنها من نجاهده و يجاهدنا .. نستمر و تستمر الحياة ويبقى كل ما مضى مكتوب في دفتر الحياة نستفيد منه و ننقله لأجيال تأتي من بعدنا نعلمهم إياها كما تعلمناها نحن من قبلهم . اعلم يا صديقي أن الحياة تجارب و أن الكتب التي تكتب من تجارب الحياة هي أكثر نفعا لا نظريات يلقيها أحدهم من خلف مكتبه العتيق في قصره الشامخ . إنها سنة الحياة يا صديقي . محمد الدباسي مؤلف و كاتب صحفي رئيس التطوير في اتحاد الكتاب و المثقفين العرب maldubasi@gmail.com
مشاركة :