يا صديقي.. هذه هي الحقيقة | عبدالرحمن عربي المغربي

  • 11/15/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

طال بنا النقاش الذي صاحب جلستنا عن العمل التطوعي الإنساني.. والموضوع بكل بساطة أن أحد الأصدقاء كان شاكيًا، طالبًا بعض التفسيرات لِمَا حَدَث معه بخصوص موضوع النقاش.. فقلتُ له: إن العمل الإنساني -والذي يتفرع منه التطوع- ليس من صنع أحد، ولا من فرض الطبيعة، إنما هي صناعة إلهية بحتة، عرضت لها الكتب السماوية، وحمل رسالتها الأنبياء، وجاء القرآن الكريم وشريعة الإسلام بلسان رسول الهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لتتم هذه المكارم الأخلاقية قولًا وفعلًا وتقديرًا وصفات خلقية وخُلقية، وأخبرتُه أيضًا أن الإنسان عندما يقوم بعمل إنساني، فهذا يعني أن العمل التطوعي ليس حكرًا على أحد، ولا يمكن ربطه باختصاص أو بعلم معين أو حتى بشهادة معترف بها، وهذا العمل أيضًا لا يرتبط بغني أو فقير، ولكن كما قال أحد الفلاسفة: هو أرض عذراء حمراء نغرس فيها معاولنا بكل اتجاه، ونزرع فيها من العلوم والمعارف التي نأخذها ونستمدها من العقيدة والمبادئ وكذلك العادات.. ثم نتعاون حتى تكبر أشجارها، لتبقى شامخة، قطوفها دانية. والعمل التطوعي السوي بالمفهوم الخاص، هو جزء من الأمانة التي عرضها المولى عز وجل على السموات والأرض والجبال؛ وأبين أن يحملنها وحملها الإنسان وسيُسأل عنها، ولكن عندما يبدأ الإنسان هذا العمل، إما أن يُؤدِّيه على وجهه الكامل، وإلا أصبح الجهل ينخر في عقولنا وفكرنا. وقلت لصديقنا.. ولكن -ولابد أن تضع ألف خط «لونه أحمر» تحت ولكن- من المؤسف أن البعض -يعتقد حسب فكره الذي يسكن فيه الجهل- أن خير وأفضل وسيلة حتى تكبر وتنضج مزرعته وتؤتي ثمارها هو كسر الأغصان الأخرى. وهذه يا صديقي حقيقة صادقة.. وفي هذه الحال، فإن الحقيقة تغدو هي الضحية، وهذا يحدث عندما نُصرّ على أن كلاً منّا هو صاحب الرأي الأصوب، وهو صاحب الحقيقة، ويحدث هذا عندما يغيب إدراكنا بالشكل الكافي لمنظومة تركيبتنا العقدية والإنسانية، ويحدث أيضًا عندما تختل توازنات تربيتنا، ويغيب اعترافنا بالآخر. فكثيرٌ منّا إلى اليوم لم يُؤمن بالمكاشفة بمعناها الحقيقي، ولا يدين بالحوار.. هذه هي الحقيقة يا صديقي، وأخيرًا.. إن المعيار الحقيقي هو عمل الخير دون انتظار مردود. * رسالة: عندما أعلنت هيئة الشارقة للكتاب عن اختيار سمو الأمير خالد الفيصل الشخصية الثقافية للدورة الرابعة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب.. كان جمال المقطوعة ينبع من حالة الفكر البديع الذي يحمله خالد الفيصل.. فكان اختياره لإسهاماته الثقافية وغيرها تقديرًا لسعيه لترسيخ الوسطية والاعتدال، وتشجيعه للحوار والتفاعل مع الثقافات الأخرى.. فجاءت كلمته كمقطوعة تقول: لكل أمرٍ من الله سلطان وسلطان الثقافة قاسمي ولكل أملٍ في الحياة بارقة وبارقة الآمال شارقة عاشت السعودية والإمارات رمزًا للشعوب والقيادات باسم الكتاب والديوان والقافية والأشجان والمعاني الحسان.. شكرًا لكل من رشّح واختار.. وفكّر ونظَّم وأدَار.. وخصّني بهذا الفخار. maghrabiaa@ngha.med.sa

مشاركة :