هل بمقدور أوروبا التخلي عن التجارة مع الصين | | صحيفة العرب

  • 9/11/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تطرح قيود الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بكين اقتصاديا وتكنولوجيا قلقا كبيرا لدى القادة الصينيين حيث يتخوف المسؤولون من أن تنضم أوروبا إلى جبهة معادية لها اقتصاديا وتجاريا في انصهار مع إرادة واشنطن ما يثير أسئلة حول مدى إمكانية هذه المقاربة في ظل اقتصاد عالمي تحدوه المخاطر. بكين – تختلف تصورات الخبراء لمسألة الانفصال الأوروبي عن الصين والذي بدت ملامحه بارزة مع بدء أوروبا في تقييد التواجد التكنولوجي الصيني، ولكن خبراء يرون أن أوروبا لا تريد الاضطرار إلى الانحياز لطرف وهي تركز على التعامل الاقتصادي وتنويع الاقتصاد رغم التعنت الصيني في أسواق أوروبا وتشويه المنافسة. أمضى الدبلوماسيون الصينيون عاما مريعا بالفعل في أوروبا، ولكنهم جعلوا الأمور أكثر سوءا هذا الأسبوع. فبهذا المعدل، قد يعمل الرئيس الصيني شي جين بينج، على إبعاد الأوروبيين عن بلاده بصورة أسرع وأكبر مما يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتقول وكالة “بلومبرغ” للأنباء إن الهدف الشامل للرئيس الصيني في المنطقة، هو منع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من التآمر ضد الصين. كما يأمل في إحراز تقدم كبير أثناء القمة المقرر عقدها مع زعماء الاتحاد الأوروبي في 14 من سبتمبر الجاري، والتي ستتم عبر تقنية الفيديو كونفرانس بدلا من عقدها في مدينة لايبتسيغ الألمانية كما كان مقررا بسبب جائحة كورونا. إلا أن المخاطر ستكون كبيرة، لذا قام الرئيس الصيني في الأسبوع الماضي بإرسال وزير خارجيته وانج يي، إلى خمس دول أوروبية من أجل إجراء أحاديث تحضيرية لطيفة. ولكن الأحاديث هناك لم تتسم بالقدر الكاف من اللطف. وتوجه وانج على أمل في سماع النغمات الأكثر ليونة التي اعتاد عليها من جانب الأوروبيين الذين ما زالوا متلهفين أكثر من الأميركيين، لاستمرار الأعمال التجارية مع الصين. ولكنه بدلا من ذلك، تفاجأ بأنه يواجه قدرا كبيرا من المقاومة، في ظل المجاملات الرسمية التي حظي بها. إلا أن ذلك التنافر لم يمثل شيئا بالمقارنة مع ما حدث لدى توقفه في برلين. فقد انتقد وانج في حديثه مع صحافيين ألمان، رئيس مجلس الشيوخ التشيكي ميلوس فيسترسيل، الذي ذهب الخميس الماضي في زيارة إلى تايوان التي تتمتع بحكومة مستقلة، والتي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، على رأس وفد يضم 90 فردا، من سياسيين ورجال أعمال وصحافيين وممثلي مؤسسات علمية وثقافية. وهدد وانج قائلا إن فيسترسيل “سوف يدفع ثمنا باهظا” بسبب زيارته، وأضاف أن “خيانة” التشيك قد جعلت من رئيس مجلس الشيوخ “عدوا لـ1.4 مليار صيني”. وأثارت تلك التصريحات ردا سريعا من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، والذي كان يقف بجانب وانج أثناء المؤتمر الصحافي المشترك بينهما، حيث ذكر ماس ضيفه الصيني قائلا “إننا كأوروبيين نعمل في ظل تعاون وثيق”، مطالبا بالاحترام، ومؤكدا أن “التهديدات ليست لائقة هنا”. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي لن يتحول إلى “لعبة” في ما يتعلق بالخصومة بين الصين والولايات المتحدة. وسرعان ما أيدته في ذلك فرنسا وسلوفاكيا ودول أوروبية أخرى. وزير الخارجية الصيني، سعى خلال الأسبوع الماضيإ إلى سماع النغمات الأكثر ليونة التي اعتاد عليها من جانب الأوروبيين وزير الخارجية الصيني، سعى خلال الأسبوع الماضي، إلى سماع النغمات الأكثر ليونة التي اعتاد عليها من جانب الأوروبيين وببساطة، أصبحت قائمة المظالم الموجهة ضد الصين، طويلة جدا، حيث تبدأ بالإجراءات الصارمة التي فرضتها على هونغ كونغ، وقمع أقلية الإويغور في شينجيانغ. ومن جانبها، تصر الصين على أن تلك الموضوعات، هي مسائل داخلية ولا تخص العالم، شأنها في ذلك شأن تايوان. ثم تأتي تهديدات الصين في بحر الصين الجنوبي، إلى جانب نهجها الجشع في ما يخص الأعمال التجارية، بحسب بلومبرغ. ومن أجل تحسين المصالح التجارية، كانت القمة المقررة في 14 من سبتمبر تهدف في الأصل إلى إضفاء طابع رسمي على علاقة أفضل من أجل استثمار متبادل بين الاتحاد الأوروبي والصين. ولكن بعد أعوام من المفاوضات، سئم الأوروبيون من تعنت الصين بشأن الكثير من الطرق التي تقوم من خلالها الشركات الصينية المملوكة للدولة أو التي توجهها الدولة، بالشراء في السوق الأوروبية الموحدة، لتشويه المنافسة أو للانفراد بالتكنولوجيا. وقد بدأ الاتحاد الأوروبي في تقييد الاستثمار الصيني في أوروبا، بدلا من تسهيله. ومع ذلك، ما زالت هناك قيود على حجم معارضة أوروبا للصين. ومن جانبه، يرى نواه باركين، وهو مراقب للشؤون الصينية الأميركية يستقر في برلين ويعمل حاليا في صندوق مارشال الألماني، أنه بينما تستهدف الولايات المتحدة “فصل” اقتصادها عن الاقتصاد الصيني، فإن الاتحاد الأوروبي يرغب فقط في “تنويع” الاقتصاد. ويفسر ذلك سبب استمرار بعض الدول الأوروبية، ولاسيما ألمانيا، في موقفها المحايد بشأن حظر شركة هواوي الصينية العملاقة، من توريد المواد الخاصة بشبكات الجيل الخامس المقبلة. كما يفسر سبب محاولة فرنسا جاهدة بدعم من ألمانيا ودول أخرى الحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ بأكملها، وهي بشكل أساسي كل المنطقة حول الصين، حرة وتتسم بالرخاء. ويدرك الأوروبيون أكثر من الولايات المتحدة، أنه لا يكفي التحقق من الصينيين كلما أمكن ذلك، لأنهم يجب أيضا أن يسعوا إلى التعاون الصيني حيثما كان ذلك ضروريا، من أجل حل مشاكل عالمية، بدءا من تغير المناخ، وصولا إلى الجائحة. وفي المقام الأول، يأمل الأوروبيون ألا تصل الخصومة بين الصين والولايات المتحدة إلى حرب ساخنة، يكون فيها الاتحاد الأوروبي مضطرا إلى الانحياز إلى أحد الطرفين.

مشاركة :