جدة ـ ياسر بن يوسف ـ عبد الهادي المالكي عادت إلى شوارع جدة صور ومشاهد المتسولين إلى السطح، وبدأت إشارات المرور تستقبل روادها من المتسولين، سواء بالتسول التقليدي أو الخفي أو السلبي ببيع العلكة والعطور الرخيصة ومناشف المطابخ ولعب الأطفال، والمتتبع الراصد للشوارع يرى المشهد بشكل ملحوظ خصوصا خلال فترة الأمسيات ، وليس هذا فحسب بل أن هناك مجموعات من الأطفال المتسولين في إشارات المرور وتقاطعات الطرق، والسؤال الذي ينطلق من معاقله ما هي البوصلة التي توجه مثل هؤلاء الصغار الوافدين للتسول ، خصوصا وأن الجهات المعنية تواصل جهودها لضبط المتسولين؟. ظاهرة خطرةوبين المواطن سعيد المالكي أن التسول يشكل ظاهرة خطرة علي اي مجتمع وإن استمرار التوعية ضرورة ملحة لتحجيم هذه الظاهرة، فإذا أردت أن تعطي أحداً، فعليك أن تقدم ما تجود به نفسك إلى الجمعيات الخيرية، لافتا إلى أنه إذا أتى مسؤول أو إمام مسجد ليوقف التسولَ الخاطئ أو يمنعه، يأتي بعضُ الجهال ويتدخل بقوله أنت تقطع رزقه حرام عليك.. ويفتي بغير علم فمن قال لك إنه حرام؟ وعليك ألا تتدخل في عمل المسؤول أو الإمام، فهم أدرى منك. سيناريو حازممن جانبه قال سلمان العتيبي إن مشكلة التسول من اخطر المشاكل في المجتمعات كافة، وهناك بعض الأجانب يتسولون بالعاهات واعتقد ان الحد من هذه الظاهرة يأتي عبر التوعية حتى لا يدفع الناس أموالهم لهؤلاء وبعض المتسولين الأجانب يعتمدون على “النصب” ومنهم من يستأجر اطفالا يتسول بهم، وهناك الكثير من القصص حول الأطفال الأجانب الذين يتم تسريحهم للتسول وجمع ” الغلة ”. يوميا إذن لا بد من إيجاد سيناريو حازم لإيقاف عمليات التسول خصوصا وأن السياح بدأوا يتوافدون على مناطق المملكة. حوادث وهمية لا تعاطف معهممن جانبه قال كل من مشعل الشباني وعاطف ناهض الأحمدي لا يمكن القضاء على ظاهرة التسول طالما ان المواطن لازال يمد يده لهم بالعون والمساعدة ويتعاطف معهم. واضاف مع الأسف وجد المتسولون والمتسولات بيئة مناسبة ساعدتهم في الحصول على المال بطرق سهلة وقد يصل دخل المتسولة مثلاً دخل موظف في المرتبة السابعة وربما أكثر وهذا الأمر ساهم في زيادة اعدادهم وتنوع الاساليب التي يستخدمونها في استدرار عطف المواطن والحصول على المال. لافتا الى انه حذر كثيراً الاهالي من خلال الاعلام والصحافة ومنابر المساجد والمناسبات الاجتماعية من التعاطف مع المتسولين والمتسولات ومع ذلك لا تزال هذه الظاهرة موجودة. إذن لابد من أهمية التصدي لهذه الظاهرة التي تعكس وجهاً غير حضاري فالحمد لله الدولة تشهد زيادة في عدد الجمعيات الخيرية وما يقدمه عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة من دعم للأسر المحتاجة والأرامل والمطلقات ولذوي الهمم والفئات الأخرى. ظاهرة سلبيةتؤكد الاستشارية النفسية الدكتورة هويدا الحاج ، أن ظاهرة التسول تعد من الظواهر الاجتماعية السلبية الضارة ، وهي موجودة في جميع المجتمعات ، وقد لا يكون سببه الفقر وانما الكسل ، فالحصول على المال بدون تقديم جهد في عمل شاق يشكل حافزاً للتسول للبعض، وقد يكون التسول بعدة اشكال سواء بإظهار “عاهة” أو إصابة، إذ إن الكثير من هذه الفئة يلجؤون إلى التسول لكسب المال، وهناك متسولون يدعون المرض لأنفسهم أو احد أقاربهم، ومن أشكال التسول الاستعانة بالأبناء وبذلك يتم توارثها بين الآباء والأبناء نظراً لإمكانية الحصول على المال بدون بذل مجهود. تقارير طبية المردود الماديويرى استشاري الطب النفسي محمد براشا، ان التسول ظاهرة قائمة في جميع المجتمعات كافة ، ولكنها تختلف من مجتمع لآخر كما تختلف أسبابها ، وتُعد القدوة السيئة من أسباب التسول كذلك ، فتؤثر في بعض الأشخاص فتدفعهم إلى التسول ، فمثلاً قد يجد الصبي أباه أو أمه يمتهنان التسول فيقلدهما خصوصاً مع علمه بالمردود المادي المرتفع الذي يجنياه من مهنتهم ، ولرفقاء السوء دور مهم في انتشار الظاهرة بين الأطفال ، فيجد الطفل في البيئة الاجتماعية المحيطة به في المنزل أو في الشارع أو المدرسة بعض الضالعين في التسول الذين يحاولون اجتذابه للتسول ، بأن يظهروا له أنه الطريق السريع والسهل للحصول على المال إذ لا يُدرك المتسول تماماً مفهوم القيم الاجتماعية ، بل إنه يضع أمامه هدفاً يتمثل في الحصول على المال بأية وسيلة لتعويض الحرمان الذي يُعانيه. مراعاة القيمواكد براشا أن بعض الدراسات الاجتماعية التي أجريت على بعض فئات العمالة الوافدة اشارت إلى أنها تسعى ـ ولاسيما غير المتعلمين منهم ـ إلى الحصول على المال بأسرع الطرق وبأية وسيلة، دون النظر إلى قضية العيب أو مراعاة القيم الاجتماعية أو مبادئ الشريعة الإسلامية السامية. (البلاد) حملت ملف التسول ووضعته على طاولة عدد من المواطنين والمختصين في هذا المجال والذين أبدوا مرئياتهم حول كيفية تجفيف التسول من شوارع المدن، لافتين إلى أنه حينما يأتي ذكر التسول فإن بوصلة الذاكرة تتجه نحو مجاميع المتسولين الأجانب الذين تجدهم في ردهات الأسواق وعلى جوانب الطرق بجوار إشارات المرور والمساجد والأرصفة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب بل إن بعضهم يطرقون أبواب المنازل، كما تم رصد متسولات يتخذن من الأطفال وسيلة للتحايل على الأجهزة الرسمية، بدفع الأطفال للتسول، فيما تختفي الواحدة عن الأنظار، بينما يتحايل آخرون بعاهات زائفة لاستدرار العطف، ويشكل كل هذا مشهدا غير حضاري في الطرقات وردهات الأسواق، فضلا عن تسول عمال النظافة في تقاطعات الطرق إلى جانب وافدين يحملون في أياديهم (مساحات) لتنظيف زجاج السيارات في إشارات المرور وهذا الأخير نوع من التسول المستتر. في البداية تحدث المواطن حجاب العتيبي بقوله كانت مجاميع المتسولين ينتشرون في الشوارع وبجوار المساجد بكثرة في الفترة الماضية ولكن لاحظنا ان تلك المجاميع خفت وبدأت تتلاشى، منذ اكثر من عام مع مجهودات الجهات المختصة، ونثق ببراعة هذه الجهات ووقوفها في وجه كل تجاوز، وكذلك بوعي المواطنين والمقيمين بدورهم ليقوموا مع الجهات المختصة صفاً واحدا ويدا واحدة لمكافحة التسول وأن على وزارة العمل النظر الي هذا الملف للحد من هذه الظاهرة.واوضح عبد القادر عيد أن المتسولين الأجانب يستخدمون أشكالاً وحيلا مختلفةً للقيام بالتسوّل، ويتّخذون كثيراً من الطرق للحصولِ على المال ويتفنّنون في ذلك، ومن هذه الأشكال: إظهارُ الحاجة الماسّة للناس عبر البكاء، كأن يَدّعي المتسوِّل أنّه عابرُ سبيل ضاع ماله أو نفد، فيطلب من الناس المساعدة. وانتحالُ بعضِ الأمراض والعاهات غير الحقيقية عبر الخداع والتّمويه كاستخدام المستحضرات التجميلية مثلاً لاستثارة عواطف الناس، أو ادّعاء الشخص إصابته بالخلل العقليّ عبر التلفّظ بعباراتٍ غير مفهومة أو التلويح بإشاراتٍ مُبهمة؛ لكسب شَفقة النّاس، واصطحاب الأطفال الذين يُعانون من خللٍ أو إعاقة مُعيّنة إلى أماكن مُعيّنة يرتادها الناس بكثرة كالمساجد والأسواق؛ لكسب عواطف الرّحمة والعطف لدى الناس. واستئجار أطفالٍ واستخدامهم كوسيلة للتسول مع دفع مقابلٍ لأسرة الطفل؛ حيثُ يقومون بعمل عاهات مُصطنعة للأطفال غالباً ما تكون باستخدام أطراف صناعية مشوّهة، واستغلال مشاعر النّاس وعطفهم عبر إظهار وثائق رسميّة وصكوك غير حقيقيّة لحوادث وهميّة يَلزم دفعها كفواتير الماء والكهرباء، أو وصفات الأدوية. ومنهم من يتسول بتقارير طبية مزورة، أو من خلال إعاقته ليثير الشفقة. ولأن “الشعب السعودي عاطفي ويتعاطف مع هذه الفئات حيث يمنحها المال مما أسهم في حصولها على دخل ممتاز واستمرارها في ممارسة العمل مما زاد من ظاهرة التسول بشوارع المدينة وفي الأسواق وأمام المساجد وبالقرب من الإشارات الضوئية عند توقف المركبات من قبل نساء يحملن أطفالاً حديثي الولادة، لكسب عطف المارة.اما الاخصائي الاجتماعي طلال الناشري فيقول: التسول هو طلب الصدقات من الناس في الأماكن العامة والبيوت والمساجد، والمتسول هو من يحترف مهنة التسول فأصبحت مهنته وصنعته، ومن المتسولين من يمضي حياته متسولاً، ومنهم من تبين بعد موته أنه يملك أموالاً طائلة، والشواهد على ذلك كثيرة. وأشار إلى ان هذه ظاهرة مزعجة وغير أخلاقية، وتنتشر بسبب سهولة الحصول على الأموال وقوت اليوم بدون عمل مرهق وشاق فهي لا تحتاج على مجهود ذهني او بدني كبير من اجل استعطاف الناس يكفي للمتسوّل القيام بارتداء ملابس ممزقة لكي يستدر عطف الناس ، واظهار التقارير الطبية الوهمية. وشدد على أهمية تكاتف المجتمع بأكمله لمواجهة التسول، وتكثيف التوعية في هذا الجانب، وتفاعل المجتمع مع الجمعيات الخيرية والقنوات الرسمية التي تعمل على مساعدة الفقراء والمحتاجين الحقيقين وليس المتسولين الذين اتخذوا من التسول عملاً رسمياً لهم دون اي جهد او وجه حق.
مشاركة :