واشنطن – أثار كتاب “غضب” الجديد لبوب وودورد عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلا واسعا في أوساط المحللين العسكريين في أنحاء العالم بشأن التصريحات التي تباهى فيها سيد البيت الأبيض للصحافي بشأن نظام أسلحة نووية محتمل “لم يملكه أحد من قبل”. ويبدو أن ترامب كشف معلومات دفاعية بالغة السرية في واحدة من 17 مقابلة مسجلة أجراها وودورد مع الرئيس الأميركي أوردها في كتابه الذي يحمل عنوان “غضب”. ويقول ترامب إن حكومته أنشأت نظام أسلحة لا يعرف أحد شيئا عنه، ولا حتى قادة روسيا والصين، وألمح إلى أنه “نووي”. وفي حال ثبتت صحة هذا التصريح، فمن شأنه أن يحدث هزة في سياسات القوى العظمى ويؤجج سباق التسلح. لكن مقطع المقابلة الصوتية المؤلف من 54 كلمة والمسجل في 5 ديسمبر 2019 والذي أصدره وودورد مع الكتاب، يثير الحيرة بقدر ما يكشف عن معلومات، إذ عندما يقول ترامب “نووي” يتوقف في منتصف الكلمة، كما لو كان يصحح لنفسه، ثم يقول “نظام أسلحة”. ويضيف “لدينا أمور لم ترها أو تسمع عنها حتى. لدينا أمور لم يسمع عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولا الرئيس الصيني شي جين بينغ… لا أحد. ما نملكه لا يصدق”. وأوضح وودورد أنه تأكد بشكل منفصل مع مصادر أن الولايات المتحدة لديها سلاح سري جديد، لكنه لم يذكر ما إذا كان نوويا أم لا. كتاب أثار جدلا واسعا كتاب أثار جدلا واسعا في العالم لكن خبراء الأسلحة يقولون إنهم غير متأكدين مما إذا كان الأمر الذي تحدث عنه ترامب صحيحا أم أنه كان مجرّد محاولة جوفاء للتباهي، وهو أمر معروف عن الرئيس الأميركي. وقال هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين، إنه يمكن أن يكون رأسا نوويا منخفض القوة “دبليو 76 – 2” استخدم للمرة الأولى على غواصة نووية في يناير، بعد شهر من ذكر ترامب الأمر لوودورد. أما شيريل روفر، عالمة نووية أخرى، فقالت إن تلك التصريحات يمكنها أن تشير إلى رأس حربي جديد قيد التطوير، وهو “دبيلو 93” الذي كشف عنه البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) في وقت سابق من هذا العام. ويعتقد آخرون أن ترامب لم يقصد أسلحة نووية على الإطلاق. فقد جاءت التصريحات في الفترة التي بدا فيها أن روسيا والصين أخذتا زمام المبادرة في تطوير صواريخ “أفانغارد” التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي تكاد تكون من المستحيل مواجهتها في الوقت الحالي. وتأتي هذه التطورات في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة مباحثات متعثرة مع روسيا لتمديد العمل بمعاهدة نيوستارت، وهي آخر المعاهدات للحد من انتشار السلاح النووي، حيث تشترط واشنطن انضمام الصين إلى المعاهدة كشرط أساسي لتمديد العمل بها، وهو ما ترفضه بكين بشدة. وتنصّ أحكام معاهدة نيوستارت التي تقضي بنزع تسلح تدريجي، على إبقاء ترسانتي البلدين دون المستوى الذي كانت عليه خلال الحرب الباردة بتحديد عدد القاذفات النووية الاستراتيجية بـ700 وعدد الرؤوس النووية بـ1550. ومع تعثر المفاوضات السابقة يستمر الغموض بشأن مصير المعاهدة التي أبرمت عام 2010 وتنتهي مدتها مطلع 2021، مباشرة بعد انتهاء ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويخشى العديد من المراقبين أن تدفع هذه المعاهدة النووية الأخيرة المتبقية ثمن الدبلوماسية المغامرة التي يتبعها الرئيس الأميركي. وسحب ترامب بلاده من ثلاث اتفاقيات دولية حول الحدّ من التسلّح، هي الاتفاقية حول النووي الإيراني ومعاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى ومعاهدة “الأجواء المفتوحة” الرامية إلى التحقق من التحركات العسكرية وإجراءات الحدّ من تسلّح الدول الموقعة عليها. وتصر الولايات المتحدة على مشاركة الصين في المفاوضات، غير أن بكين لا تزال حتى الآن تبدي رفضها القاطع للتفاوض بشأن ترسانتها النووية التي تُعْتَبَر صغيرة نسبيا لكنها متنامية.
مشاركة :