استحوذت سوق عكاظ في نسختها التاسعة التي ستنطلق في الـ27 من شوال الجاري على مساحة واسعة من النقاشات التي يخوضها المثقفون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وذلك بالتزامن مع بدء التحضيرات الأخيرة الجارية حاليا لإطلاق نسخته المقبلة. وتوقف مثقفون في قراءاتهم لانطلاقة السوق أمام اختيار الشاعر لبيد بن ربيعة شخصية للمهرجان هذا العام، والاحتفاء به بعرض مسرحي كبير، إضافة إلى القيمة الكبيرة التي يمثلها تتويج الفائزين بجوائز السوق الشعرية بمنحهم "البردة" التي رأى المثقفون أنها باتت حلما يتطلع إليه كل مبدع عربي.وتحدثت مؤسسة جروب "حقول الحرف الثقافي" القاصة فاطمة سعيد الغامدي، إن نخبة من النقاد والشعراء والإعلاميين تناولوا في الجروب وعلى مدى يومين سيرة لبيد الذي امتدحه رسول الله بمقولة شرفته عبر التاريخ، إذ وصف الرسول قوله "ألا كل شي ما خلا الله باطل.. وكل نعيم لا محالة زائل"، بأصدق بيت شعر للعرب.وقالت الغامدي "تاريخ سوق عكاظ العائد إلى أكثر من 14 قرنا أصبح اليوم هوية تاريخية ونافذة مستقبلية نتطلع منها لتعزيز أدواتنا الثقافية، ورفع عمادنا الأدبي الذي لا يوازيه شيء، فلغتنا هي لغة القرآن الكريم، وفصاحتنا مستمدة من هذا الدستور العظيم". أشعر العرب وتناول الباحث المصري المتخصص في النقد والبلاغة الدكتور أيمن خميس أبو مصطفى، شخصية لبيد، مشيرا إلى أنه نشأ في كنف أبيه الذي كان يسمى "ربيع المقترين" لجوده وسخائه، وقتله بنو أسد في الحرب التي كانت بين قومهم وقوم لبيد. وقال أبو مصطفى "جاء في كتاب "الأغاني" أن النابغة وصفه بأنه أشعر العرب، واستجاد شعره النقاد والأدباء وعرفوا قدره ومكانته". وأضاف "كما ذكر الشنقيطي في شرح المعلقات أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – سمع بيته المشهور: "ألا كلُّ شيء ما خلال الله باطل... وكل نعيم لا محالة زائل" فقال: أصْدَقُ كلمة قالها شاعر كلمة لبيد "ألا كل شيء ما خلا الله باطل". وزاد "والمطالع لديوان لبيد يرى فيه كنزا لغويا واجتماعيا وتاريخيا، فهو شاعر معمر حكيم مجرب، قال حين بلغ من العمر 140 عاما "ولقد سئمت من الحياة وطولها.. وسؤال هذا الناس كيف لبيدُ/ غلب الزمان وكان غير مغلَّب.. دهر طويل دائم ممدود". وقال أبو مصطفى إن لبيد أسلم بعد أن عاش فترة من عمره في الجاهلية، وترك الشعر فلم يقل بعد إسلامه إلا "الحمد لله إذ لم يأتني أجلي... حتى لبست من الإسلام سربالا". مضيفا "لعله ترك الشعر لأنه وجد في القرآن ما يغنيه عنه، أو لأنه خاف أن يختلط القرآن بالشعر في ذهنه، أو لأنه رأى أن الشعر سيصرفه عن التأمل والتدبر، فيبدو أنه بإسلامه كان كمن وجد عين ماء بعد طول عناء عطش في صحراء مقفرة". الجاهلي والإسلامي من جانبه، رأى عضو نادي الرياض الأدبي الشاعر عبدالإله المالك الجعيب، في قراءته لشعر لبيد، أنه من الممكن تصنيفه ضمن منحيين تعايشا في شعره، وهما المنحى الجاهلي وتمثله مجموعة كبيرة من القصائد، منها "معلقته"، وكتب جل قصائده إبّان تلك الحقبة، والمنحى الإسلامي، ولقد عد ما كتبه في هذه الحقبة بقصيدة واحدة فقط، مبينا أنه غلب على الجانب المُوسيقيّ في شعر لبيد استخدام البحور التي تخلق إيقاعا واضحا عبر تفعيلاتها المركبة أو تفعيلاتها الأحادية على حد سواء. وتطرق الجعيب إلى جائزة سوق عكاظ "البردة"، مؤكدا أنها حلم كل شعراء العصر الحديث من كل الأقطار العربية، ويكفيها شرفا أنها ستسلم من يد الأمير خالد الفيصل مهندس سوق عكاظ الحديث، والذي بعث تاريخها بعد أفول نجمها طوال 14 قرنا.وتناول العلاقة بين الشعر والبردة قائلا "هذا الشعر امتداد لتعابير الرجل العربي الذي نطق به بكل فصاحة وبلاغة، وهذه البردة التي توضع كرمز لتفرد الشاعر بالشعر، ولما وصل إليه من مكانة مرموقة عالية بين الشعراء، يتم تكريمه باحتفال ثقافي ضخم ينظم خصيصا لهذه المناسبة التاريخية". ورشة عمل تبحث تطوير السوق سياحيا الطائف: ساعد الثبيتي بعد نجاح ورش العمل التي ناقشت تطوير سوق عكاظ مع رؤساء الأندية الأدبية والمثقفين والإعلاميين والمسرحيين والتشكيليين، اتجهت بوصلة مشروع تطوير سوق عكاظ إلى الجانب السياحي. وعقد المشرف العام على تطوير السوق، الدكتور بريكان الشلوي، أول ورشة عمل تبحث تطوير السوق مع مؤسسات غير ثقافية. وحملت ورشة العمل التي عقدت أول من أمس مع الأكاديميين في معهد السياحة في جامعة الملك عبدالعزيز عنوان "سوق عكاظ.. المعوقات والتحديات والحلول"، وشارك فيها عميد المعهد الدكتور إبراهيم الصيني، ووكيل المعهد الدكتور محمد البشيري ورؤساء الأقسام. وتناولت الورشة عددا من المحاور المتعلقة بتطوير السوق في الجوانب السياحية، خاصة أن سوق عكاظ استطاعت خلال الفترة الماضية استقطاب شرائح مختلفة إلى جانب شريحة المثقفين والأدباء. وخرجت الورشة بتوصيات مميزة ستدرج ضمن مشروع تطوير السوق الذي يحظى بمتابعة من أمين اللجنة الإشرافية مستشار أمير منطقة مكة المكرمة، الدكتور سعد مارق. وانطلق مشروع تطوير السوق بموافقة مستشار خادم الحرمين الشريفين،أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية للسوق الأمير خالد الفيصل، الذي وجه بتشكيل فريق عمل لتطوير أنشطته وبرامجه وفعالياته للأعوام الخمسة المقبلة، بدءا من الدورة العاشرة، وتعيين الدكتور بريكان الشلوي مشرفا على تطوير السوق.
مشاركة :