معركة لي ذراع بني الحكومة التونسية والمحتجين جنوب البلاد | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 9/14/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – صعد المعتصمون في الحقول النفطية بمنطقة الكامور جنوب تونس موقفهم تجاه الحكومة التي تسلمت مهامها قبل أيام، بعد أن تم تقديم رسالة إلى وزارة الطاقة وممثلي الشركات البترولية تقضي بعدم عودة الإنتاج إلاّ بعد التطبيق الفوري للاتّفاق الموقع مع حكومة يوسف الشاهد (2017-2019). ويطرح وقف الإنتاج غياب الدولة والمسؤولين في تطبيق القانون من ناحية، فضلا عن “العجز” عن التناول الفعلي للملف الشائك الذي صدرته الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من 3 سنوات. وأكّد المعتصمون أنه لن تتم عودة ضخ النفط إلاّ في صورة “التطبيق الفوري للاتّفاق”. وجاء في تدوينة نشرتها التنسيقيّة على صفحتها الرسميّة بموقع فيسبوك “إلى وزارة الطاقة وممثلي الشركات البترولية…لن تفتح الفانا (أنبوب الضخ) إلا بالتطبيق الفوري لاتفاق الكامور”. وكان المعتصمون قد تمكنوا من دخول محطة ضخ البترول بالكامور يوم 16 يوليو 2020 وأغلقوا أنبوب الضخ بعد أن عاشت الولاية على وقع إضراب عام في القطاع الخاص دعا إليه الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة، فضلا عن تواصل الإضراب العام المفتوح في الوظيفة العمومية والقطاع العام الذي دعا إليه الاتحاد الجهوي للشغل وتنسيقية اعتصام الكامور في الـ2 من يوليو الماضي. عبدالعزيز القطي: حقول النفط ومناجم الفوسفات أصبحت تحت سيطرة المعتصمين عبدالعزيز القطي: حقول النفط ومناجم الفوسفات أصبحت تحت سيطرة المعتصمين ويتمسك معتصمو الكامور بتوظيف ما يقارب ألفين من شباب المنطقة في الشركات البترولية وشركات أخرى وتخصيص دعم مالي يقدر بنحو 80 مليون دينار (ما يعادل 27.92 مليون دولار) لصندوق التنمية الخاص بتطاوين وفق اتفاق مبرم بين المعتصمين وحكومة يوسف الشاهد. وعلى الرغم من استمرار المطالب لأكثر من 3 سنوات وإبرام حكومة يوسف الشاهد للاتفاق مع المعتصمين، إلا أنه بقي مجرد اتفاق ولم يفعل على أرض الواقع. ويكشف الملف الشائك تواصل غياب تمثيلية الدولة لمعالجته وتفعيله طبقا للصيغة المتفق عليها، مقابل عجزها عن التطبيق الفعلي للقانون وإقرار عودة الضخ والإنتاج. وأفاد المحلل السياسي والكاتب يوسف الوسلاتي أنه “يجب التفريق بين المطالب المشروعة للمعتصمين وحقوقهم في الشغل والكرامة ومدى صدقية الحكومات في قراراتها ووعودها تجاه المعتصمين”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “وقف الإنتاج نوع من الاعتداء على القطاع العام الذي يوفر عائدات مالية مقارنة بالعجز الطاقي الذي تشهده البلاد.. وهو يعمق الأزمة ويصعب إيجاد حلول لها”. وتابع الوسلاتي “يبدو أن تنسيقية اعتصام الكامور لم تعد تعمل كما عهدناها في السابق وأصبحت موجهة في مطالبها وسياساتها بإشراف قوى إقليمية (لم يسمها).. والحل ليس في وقف الإنتاج”. ويطرح تواصل وقف الإنتاج مسألة ضعف الدولة ومؤسساتها في فرض القانون وتطبيقه بصرامة والتصدي للتجاوزات الطارئة مع تنامي وتيرة أشكال الاحتجاج والتصعيد. وقال الوسلاتي في هذا الصدد “مسألة ضعف الدولة مطروحة بحدة خصوصا أمام أشخاص يتعاملون بعنجهية ويتجاوزون القانون، نظرا لأن الطرف الأول والثاني في الانتخابات التشريعية بالجنوب لم يساعدا على حل المشكل، فضلا عن تعطيل دور الاتحاد العام التونسي للشغل كمنظمة عتيدة لعبت دور الوساطة في إيجاد الحلول”. ودعا المحلل السياسي حكومة هشام المشيشي ومن ورائها هياكل الدولة إلى ضرورة التسريع بوضع مقترحات وتصورات لحل مشكل الكامور المتواصل. ومن شأن وقف الإنتاج في حقول النفط والفوسفات وغيرهما أن يعطل تلبية حاجيات الدولة من الطاقة والموارد، فضلا عن زيادة الأعباء للحكومة الجديدة في تحمل مسؤولياتها أمام الفئات الشعبية وإذكاء الأزمات. وأفاد المحلل السياسي عبدالعزيز القطي في تصريح لـ”العرب”، بأن “هناك تحديا كبيرا لحكومة المشيشي لإقرار عودة الإنتاج بعد تعطله في حقول النفط ومناجم الفسفات والتي أصبحت تحت سيطرة المعتصمين نظرا لأنه لم يتم تنفيذ الاتفاقات”. وأضاف القطي “هناك عجز والحكومة مطالبة بتطبيق القانون في ظل الأزمة المالية القائمة وتفاقم البطالة التي صدرتها الحكومات المتعاقبة.. نخشى أن نصل إلى نقطة اللاعودة”. وأشار إلى “ضرورة ابتكار طرق ورؤى جديدة لمعالجة الأزمة ووضع خطط استراتيجية لها”. ووفق أرقام رسمية، تساهم حقول تطاوين بـ40 في المئة من إنتاج تونس من النفط، وبـ20 في المئة من إنتاج الغاز. أزمة مستعصية أزمة مستعصية وسبق أن وجهت ثلاث شركات بترولية عاملة في صحراء تطاوين رسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد وطالبته بالتدخل لحل ملف الكامور لأن استمراره لأيام إضافية سيدفع الشركات إلى غلق حقول الإنتاج كليا. وأعلنت شركات ناشطة في قطاع النفط بحقل نوارة بالجنوب التونسي يوم 21 أغسطس الماضي أنها تفكر في تفعيل آلية البطالة الفنية لثلاثة أشهر قادمة وذلك نتيجة توقف الإنتاج في الحقل على خلفية الاحتجاجات المطالبة بالتشغيل والتنمية. وتزامن الإعلان مع صدور مؤشرات قطاع الطاقة التي تضمنت إشارات صريحة بأن الإنتاج المحلي من المواد الطاقية شهد تراجعا بأكثر من 10 مكافئ نفط بالنسبة للمواد البترولية أما الغاز فقد تراجع إنتاجه بنسبة 6 نقاط. وأدى تراجع الإنتاج إلى تدني نسبة الاكتفاء وعدم توفير حاجيات الاستهلاك الوطني إذ أن البلاد -ورغم تراجع كل المؤشرات الاقتصادية وتراجع الطلب على المواد الطاقية- لا زالت هناك حاجة إلى استيراد حوالي 72 في المئة من إجمالي استهلاكها للطاقة. والسبت أعلنت وزارة الطاقة والمناجم أن الوزيرة سلوى الصغير أكدت خلال لقاء جمعها بمقر الوزارة بممثلي الشركة التونسية البريطانية للنفط والغاز (اتوغ) “حرص الحكومة التام على ضرورة إيجاد الحلول الكفيلة لفض أزمة الكامور في إطار خطة تشاركية شاملة”. وأبرزت الصغير في بلاغ صادر عن الوزارة نشرته بصفحتها على موقع فيسبوك “سعي الشركة البريطانية لتوسيع استثماراتها في تونس” وإشارتها إلى “ضرورة إشراك كل الفاعلين في القطاع لتحسين مناخ الاستثمار في مجال المحروقات والتشجيع على البحث والاستكشاف خاصة في قطاعي النفط والغاز”. يذكر أن شركة “اتوغ” كانت قد اقتنت سندات محروقات شركة “مادكو انرجي” المتواجدة بالجنوب التونسي على غرار امتيازي الاستغلال “يير بن ترتر” و”آدم”، ورخصتي البحث “جنوب رمادة” و”جناين الوسطى” في إطار عقد مقاسمة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية والتي تتمتع أيضا بحقوق والتزامات رخصة البحث برج الخضراء، بالإضافة إلى امتيازي استغلال بخليج الحمامات “كوسوموس” و”ياسمين”.

مشاركة :