حركة النهضة الإسلامية تذكي الاحتجاجات في الجنوب، هذا ما خلٌصت إليه أطراف سياسية ونقابية في تونس بعد إغلاق شباب ولاية تطاوين الحدودية محطة لضخ البترول حيث اتهم هؤلاء النهضة بمحاولة تكريس المزيد من الضغوط على حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة كرد فعل على إقالة وزرائها وكذلك إرباك مسار تشكيل الحكومة الجديدة. تونس - في أحدث تصعيد بين الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، وحركة النهضة، اتهم نقابيون الحركة الإسلامية بتوتير الأجواء في ولاية تطاوين (جنوب) التي تشهد حراكا احتجاجيا، كرد فعل منها على رفض قرار إقالة وزرائها من حكومة الفخفاخ، علاوة على إرباك مسار تشكيل الحكومة الجديدة الذي بدأه الرئيس قيس سعيّد. واتهم سامي الطاهري الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، النهضة بالوقوف وراء إغلاق عدد من المحتجين محطة لضخ البترول في تطاوين. وطالب الطاهري في تدوينة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، الخميس، العمال والنقابيين بضرورة العودة إلى العمل في محاولة لتفويت الفرصة على النهضة التي تمارس ضغوطا على السلطة. وأغلق محتجون محطة لضخ البترول في محافظة تطاوين، مطالبين الحكومة بتنفيذ اتفاق “الكامور” الذي أبرموه مع الحكومة السابقة وينص على تشغيل العاطلين عن العمل. وتوجّه المحتجون إلى منطقة “الكامور” (110 كيلومترات عن مدينة تطاوين) وأغلقوا المحطة المقامة في المنطقة. وذهب متابعون إلى اتهام حركة النهضة بالمناورة في ما تبقى من جولات اللعبة السياسية، باستغلال تطورات الوضع في الجنوب لـ”تأجيج” الوضع، كرد فعل إزاء التطورات التي وضعتها ولأول مرة منذ ثورة يناير 2011 خارج الحكومة بعد إقالة وزرائها بطريقة اعتبرتها الحركة مهينة من ’’رئيس حكومة مستقيل’’. وتعد استقالة الفخفاخ صفعة للنهضة حيث استعاد الرئيس سعيّد بذلك زمام المبادرة لتكليف ’’الشخصية الأقدر’’ برئاسة الحكومة وهو ما أغضب الحركة. وأكد سامي الطاهري، في تصريح لـ”العرب”، أن ’’مطلب شباب الكامور في تطبيق الاتفاق مشروع منذ ثلاث سنوات، وأن الحكومة أخلّت بتعهداتها وخصوصا حكومة يوسف الشاهد’’. وتابع المسؤول النقابي أن “اتحاد الشغل تبنى الاحتجاجات وأعطى مهلة للحكومة لتنفيذ بنود الاتفاق، لكن لم يتم إرسال وفد وزاري إلى المنطقة”. وقال “حزب النهضة وائتلاف الكرامة، يدفعان بالاحتجاجات إلى أقصى ما يمكن لتأزيم الوضع كرد فعل سياسي عمّا يحدث برلمانيا وحكوميا”، مستغربا من تزامن توتر الوضع في الكامور مع استقالة رئيس الحكومة من منصبه وإقالته لوزراء النهضة، وهو تصفية للحسابات السياسية بامتياز. وفي الاتجاه ذاته ذهب مروان فلفال، النائب بالبرلمان عن كتلة تحيا تونس (ليبرالي)، محذرا من أن تتخذ الاحتجاجات في الكامور منعرجا خطيرا، مؤكدا أن أي طرف يسعى لتعكير الأجواء هو ’’طرف لا يريد الخير للبلاد’’. وأضاف فلفال في حديث لـ”العرب”، أن “كل طرف (لم يحدّد أيّ طرف) يهدد الأمن القومي واستقرار المواطنين ويسعى للزج بالبلاد نحو مربع العنف، لا بدّ أن تُجمع الطبقة السياسية على عزله من المشهد”. ويرى متابعون أن التطورات الحاصلة في المسار الحكومي والبرلماني ساهمت في حدوث التصعيد بالكامور. وكان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ قرر إقالة 6 وزراء من النهضة في الحكومة سويعات قبل تقديم استقالته وهو ما شجبته الحركة. وتزامنت استقالة الفخفاخ مع تقديم كتل النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة لائحة لسحب الثقة من الحكومة، لكن أبطلتها استقالة الفخفاخ. وحذرت النهضة في بيان صادر عنها من مغبة قيام رئيس الحكومة المستقيل بتعيينات وفرض إقالات داخل أجهزة الدولة من الممكن أن تطول أتباعها. وسبق أن أكد هيكل المكي النائب عن حركة الشعب في تصريح لـ”العرب”، أن “الموالين للنهضة ومن يدورون في فلكها على غرار ائتلاف الكرامة يدفعون نحو الفوضى في هذه البلاد من خلال الدعوة إلى إسقاط الحكومة وإذكاء نار الاحتجاجات في الجنوب التي في ظاهرها تدعو إلى مطالب نساندها ولكنها في الخفاء تم تأجيجها بالفعل”. وأضاف المكي “من الأفضل أن تبقى حركة النهضة في المعارضة مع ائتلاف الكرامة، وعلى بقية الأحزاب أن تبحث عن نقاط التقاء، وبالأخص قلب تونس الذي يمثل جزءا من التونسيين، وعليهم تحمل مسؤوليتهم التاريخية”. والخميس، قالت وزارة الدفاع التونسية، إنها تعاملت مع “حالة الاحتقان” التي شهدتها منطقة “الكامور” بقدر عال من المسؤولية للحيلولة دون إزهاق أرواح بشرية. وتشهد ولاية تطاوين تظاهرات منذ حوالي شهر، تخللتها مواجهات بين المحتجين ورجال الأمن. فضلا عن عمليات حرق إطارات عجلات وإغلاق الطرقات، على خلفية مداهمة قوات الأمن خيام المعتصمين لإزالتها. ودخلت الولاية في 4 يوليو الحالي، في إضراب عام مفتوح، شمل كافة المؤسسات العمومية والخاصة ومنشآت النفط والغاز. ووفق أرقام رسمية، تساهم حقول تطاوين بـ40 في المئة من إنتاج تونس من النفط، وبـ20 في المئة من إنتاج الغاز. اقرأ أيضاً: قيس سعيد يبدأ مشاورات تكليف رئيس حكومة جديد
مشاركة :