كيف تساهم الأسرة في تعزيز إرادة الطفل | | صحيفة العرب

  • 9/17/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لندن- تشكل إمكانية تعزيز قوة إرادة الطفل عبر تعليمه أسلوب “النأي بالنفس ذهنيا”، أمرا مثيرا للاهتمام بالنسبة لبعض الباحثين في مجال علم نفس الطفل، بالنظر إلى أن قدرة الصغار على التحلي بالانضباط الذاتي، تشكل عاملا مهما، بالنسبة لأدائهم الأكاديمي، مثلها مثل معدل الذكاء، وكما هو معروف فإن هذا ليس مسألة سهلة. ولا يتعلق الأمر أبدا بتوجيه الطفل وإرشاده، بقدر ما يرتبط ذلك بكفية تعليمه تنفيذ القرارات لتحقيق نتائج طويلة الأجل. وشددت الكثير من الأبحاث التي أجريت في هذا الصدد على ضرورة تعزيز قدرة الأطفال على ضبط أنفسهم، وشحذ الهمم وقوة الإرادة لديهم منذ مراحل مبكرة لديهم، بهدف تدريبهم على كيفية ضبط مشاعرهم والمرونة في التعامل مع مواقف الحياة المختلفة، والتخطيط للمستقبل بطرق عملية، إضافة إلى تمكينهم من مقاومة المغريات وكيفية تجاوز العقبات والتجارب الصعبة في الحياة. الطفل ويشبه الخبراء قوة الإرادة أو ضبط النفس بـالـ”عادة” التي لا يمكن أن تفقد فاعليتها في ظروف الحياة المختلفة، فهي تساعد الناس بدرجة كبيرة على التحكم في المواقف التي تسودها الظروف الضاغطة والغضب والإحباط والفشل. وقبل سنوات، أخضعت الباحثة في علم النفس ريتشيل وايت، مجموعة من الأطفال في سن السادسة، لاختبار يستهدف تحديد مستوى تركيزهم، وذلك عبر عرض سلسلة من الصور بسرعة أمامهم، على شاشة الكمبيوتر، ومطالبتهم بالضغط على زر بعينه من أزرار لوحة المفاتيح، كلما ظهر الجبن في أي من هذه اللقطات. وقد صُمِمَت التجربة على نحو يثير الضجر بشكل متعمد في نفوس الأطفال المشاركين فيها. لكنهم أُبْلِغوا في الوقت نفسه بأنها تمثل “أمرا بالغ الأهمية”، وأنهم سيسدون “مساعدة قيمة”، إذا واصلوا القيام بهذه المهمة لأطول وقت ممكن، وهو ما عزز دوافعهم إلى المثابرة والاستمرار فيها. وحرص فريق البحث على إيجاد عامل إلهاء محتمل للأطفال، تمثل في منح جهاز لوحي لكل منهم من نوع “آي باد”، توجد عليه لعبة أكثر إمتاعا وتسلية من مهمتهم هذه بكثير، وذلك بغرض جذب انتباههم بعيدا عنها. وقبل الشروع في التجربة، قيل للأطفال إنه قد يكون من المفيد لهم في بعض الأحيان، التفكير في المشاعر التي تساورهم، إذا ما أحسوا أن المهمة أصبحت مملة على نحو لا يطاق. وقد تم تقسيم الأطفال إلى ثلاث مجموعات، طُلِبَ من أفراد أولاها، طرح تساؤلات على أنفسهم بصيغة المتكلم، من قبيل “هل أنا أعمل بجد؟”، بينما شُجِعَ المنتمون إلى الثانية، على التفكير من الخارج ومن منظور الشخص الثالث، ليصبح تساؤلهم في هذه الحالة في صيغة “هل فلانة تعمل بجد؟”. أما الثالثة، فقد تُرِك لأفرادها خيار تغيير شخصياتهم بالكامل، وتقمص شخصيات أبطالهم الخياليين المفضلين لديهم. ضرورة تمكين الأطفال من مقاومة المغريات وكيفية تجاوز العقبات والتجارب الصعبة في الحياة ضرورة تمكين الأطفال من مقاومة المغريات وكيفية تجاوز العقبات والتجارب الصعبة في الحياة وبلغ الأمر حد إعطاء أطفال هذه المجموعة، الثياب الخاصة بالشخصيات التي اختاروا تقمصها. وعندما شعر هؤلاء بالضجر خلال أداء المهمة، طُلِبَ منهم أن يعتبروا السلوك الصادر منهم في هذا الشأن، يصدر في الواقع من الشخصية الخيالية التي يرتدون ملابسها، وأن يسألوا أنفسهم في هذه الحالة قائلين مثلا “هل الرجل الوطواط يعمل بجد؟”. وأكدت الدراسة أن الأطفال الذين فكروا في المهمة الموكلة إليهم من منظور “الشخص الثالث”، واصلوا أداءها لوقت أطول بنسبة 10 في المئة من أقرانهم الذين تأملوا الموقف بالشكل المعتاد، أي من منظور الشخص الأول. وأظهرت النتائج أن الفترة الأطول في هذا الصدد، كانت من نصيب المجموعة الثالثة من الصغار، ممن “انغمسوا” في “الأنا الأخرى” لكل منهم، عبر ارتدائهم زي الشخصية المتخيلة التي اختارها كل منهم.

مشاركة :