بيروت- بعد أن دمّر انفجار الميناء في بيروت الشهر الماضي معرضه، في غاليري تانيت بحي مار مخايل، أحد أشد أحياء العاصمة اللبنانية تضرّرا من الانفجار، يرسم الفنان اللبناني عبد القادري جداريات يلخّص فيها موقفه ممّا حدث تحت عنوان “أود اليوم أن أكون شجرة”. والعنوان وليد فكرة أن الأشجار “لها القدرة على العطاء والقدرة على الشفاء” وأنها “راسخة بجذورها في الأرض”. هذا المشروع من تصوّرات القادري وإخراج مارك موركش، ويتألف من جداريتين تنقسم كل واحدة منهما إلى رسومات على الورق المقوى. وقال القادري إنه يعكس فكرة “الحاجة إلى العودة إلى الطبيعة في وضع لا نستطيع فيه تحمل المزيد في هذا البلد”. الأشجار لها القدرة على العطاء ووقع الانفجار الكبير في 4 أغسطس الماضي، وأسفر عن مقتل نحو 190 وإصابة ستة آلاف آخرين، وتدمير مساحات شاسعة من العاصمة، وكان لبنان يعاني بالفعل من تبعات انهيار مالي بدأ في العام الماضي، فضلا عن ضغوط جائحة فايروس كورونا المستجد. وعاش القادري في الخارج تسعة أعوام، لكنه قرّر العودة إلى لبنان في 2015. وقال إنه أراد “إعادة إطلاق الموسم الفني” إيمانا بدور الفن لكن “هذا ما حدث”. وحل الدمار بمعرض غاليري تانيت، الذي كان القادري يقدّم فيه أحدث عروضه “رفات آخر وردة حمراء”، ما أدّى إلى إتلاف أعماله تحت تلال الحطام المتساقط من النوافذ والجدران. ولم تعد في المكان نوافذ أو أبواب، لكن القادري (36 عاما) يقضي أيامه مع قلم رصاص، وإصبع فحم ومع الأشجار التي يرسمها وسط الركام في الشوارع، حيث يساعد عمال ومتطوعون في التنظيف وإعادة البناء في المباني المحيطة. وعندما يعود بالذاكرة إلى لحظات الانفجار، يستحضر مفردات الصدمة والوجع وخيبة الأمل الكبيرة. وتُعرض لوحات “أود اليوم أن أكون شجرة” للبيع، بسعر يبدأ من 500 دولار أميركي للواحدة، وتذهب جميع العائدات إلى جمعية “بسمة”، إحدى المنظمات التي تعيد بناء المنازل الأشد تضرّرا في بيروت. ومن أهداف المشروع أيضا تكريم ذكرى المهندس المعماري الراحل جان مارك بونفيس، الذي شيد مبنى غاليري تانيت، وكان بونفيس، أحد ضحايا الانفجار، ولقي حتفه في شقته بنفس المبنى. ورغم كل ذلك يرى القادري أن بيروت منارة للفن وعاصمة للثقافة، ولن تخسر دورها.
مشاركة :