يسيطر الحزن على وجه الفلسطيني أبو أحمد الباقة صاحب مقهى مطل على شاطئ بحر غزة لرؤية مكان عمله مغلقا منذ ثلاثة أسابيع بسبب الإجراءات الوقائية لمكافحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19). وأغلق أبو أحمد في الثلاثينات من عمره، أبواب المقهى بعد فرض السلطات الحكومية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قيودا مشددة على الحركة في غزة منذ تسجيل أول إصابات محلية بمرض كورونا في 24 من شهر أغسطس الماضي. ورغم إعلان إجراءات تخفيف جزئي للإغلاق الأيام الماضية في بعض مناطق القطاع، إلا أن إغلاقا شاملا لا يزال ساريا على المطاعم والمقاهي وصالات الأفراح والأسواق العامة والمؤسسات الحكومية والخاصة. ويقول أبو أحمد الذي لم يعتاد على طول مدة الإغلاق لمصدر رزقه الوحيد لوكالة أنباء (شينخوا)، إن المقهى كان يعج بالزبائن يوميا إلا أنه في لحظات توقف تنفيذا للقرارات الجهات الحكومية في غزة. ويضيف الرجل بينما ينظر من حوله إلى المكان الذي أصبح شبه مهجور، أن المقاهي والمطاعم تنتظر قدوم فصل الصيف لأن الإقبال فيه كبير وهو موسم بالنسبة لنا يعوض باقي شهور العام. ويوضح الباقة الذي يستأجر المكان من بلدية غزة بآلاف الدولارات سنويا، أن فترة الإغلاق تحسب على المستأجر دون تعويض من أي جهة حكومية، لافتا إلى أن الإغلاق يضاعف معاناة وخسائر أصحاب المقاهي والمطاعم. ويشير بنبرة حزينة وصوت متقطع، إلى أن المقهى يوميا يسجل خسائر مادية جراء الإغلاق حوالي 200 دولار تتمثل بإيجار المكان، ورواتب عاملين، وأمور فنية أخرى. ويوضح الباقة، أن الجهات الحكومية لم تبلغ أصحاب المقاهي والمطاعم بإعادة فتح الأماكن من جديد، معربا عن أمله أن لا تطول مدة الإغلاق حتى لا تتراكم الخسائر ويفقد موسم الصيف. وهو يطالب بضرورة فتح قطاع السياحة قبل فوات الأوان مع أخذ إجراءات السلامة والوقاية عبر التباعد الاجتماعي بين طاولات الزبائن وارتداء الكمامات. ويعمل لدى الباقة داخل المقهى قرابة 25 عاملا جميعهم أصبحوا عاطلين عن العمل، إلا أنه يقوم عبر علاقاته الشخصية بتوفير مساعدات غذائية لهم من مؤسسات حكومية وأهلية لإعالة أسرهم. وأغلقت ما يزيد عن 500 منشأة سياحية ما بين فنادق ومطاعم واستراحات وصالات أفراح أبوابها بفعل الإغلاق العام، تشغل ما يزيد على 7 آلاف عامل أصبحوا بدون عمل بفعل أزمة كورونا. كما توقف إقبال الزوار والصحفيين الأجانب الذين يترددون إلى القطاع بشكل مستمر منذ إعلان حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية في مارس الماضي وما صاحبه من إغلاق للمعابر الحدودية للحد من انتشار الفيروس. وتحذر إيمان عواد نائب رئيس هيئة الفنادق والمطاعم في غزة، من انهيار وإفلاس القطاع السياحي في غزة جراء الإجراءات الحكومية المشددة، وفرض حالة منع التجوال لمواجهة كورونا. وتقول إيمان عواد لـ (شينخوا)، إن عمل الفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية وصالات الأفراح متوقف بنسبة 98 في المائة بسبب كورونا، والقليل من المنشآت تعمل لتزويد النزلاء في الحجر الصحي بالوجبات الغذائية اليومية. وتضيف أن القطاع السياحي في غزة يعتمد أساسا على السياحة الداخلية، في ظل الحصار الإسرائيلي على غزة منذ 13 عاما، مشيرة إلى أن الخسائر السياحية تقدر بملايين الدولارات جراء إغلاق المنشآت الأمر الذي يهدد بانهيارها وإفلاسها. وتدعو إيمان عواد المؤسسات الحكومية في غزة والضفة الغربية والأهلية والدولية إلى تقديم الدعم المالي لعمال المنشآت السياحية، بوصفهم عمال "مياومة"، لا يتوفر لهم أي دخل مالي في ظل حالة الإغلاق الشامل. وبموازاة ذلك يخيم السكون على طول شاطئ بحر غزة المتنفس الوحيد لسكان القطاع في ظل حر فصل الصيف وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وعلت أصوات الأمواج الهادرة بسبب خلوه من الرواد منذ بدء الإغلاق العام. وتوقف توجه السكان إلى الاستجمام في وقت تشهد هذه الأيام من كل عام اكتظاظا كبيرا على طول الساحل الممتد من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع وحتى رفح جنوبه. ودفع ذلك الشاب العشريني هيثم بدير وعشرات آخرين من الباعة المتجولين إلى التوقف عن الذهاب إلى شاطئ البحر لبيع الذرة كما كان يفعل يوميا قبل كورونا. ويشكو بدير بينما يراقب صفحات التواصل الاجتماعي عبر هاتفه لعله يعثر على خبر إعادة فتح البحر، من فقدان مصدر رزقه الوحيد في إعالة أسرته المكونة من 6 أفراد. ويقول بدير لـ (شينخوا)، إن إغلاق البحر تسبب بفقدان العمل لعشرات الباعة المتجولين من الشباب والصبية، معربا عن أمله أن ينتهي المرض قريبا ويعاد فتح البحر أمام الجميع. وتظهر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ارتفاع معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية إلى 27 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي، من 25 في المائة في الربع الأول بفعل أزمة مرض كورونا. وبحسب البيانات الرسمية فإن سوق العمل كان من أكثر القطاعات تأثرا بأزمة مرض كورونا، التي سجلت أولى إصاباتها في الأراضي الفلسطينية في 5 مارس الماضي، ومنذ ذلك الحين أعلنت حالة طوارئ صحية واتخذت إجراءات إغلاق حكومية واسعة. وتشير بيانات الإحصاء الفلسطيني إلى أن التفاوت لا يزال كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ المعدل 49 في المائة في القطاع في الربع الثاني من هذا العام، مقارنة بـ 15 في المائة في الضفة الغربية.
مشاركة :