التحالفات الانتخابية تفجر خلافات داخل "الوفد" أقدم الأحزاب المصرية | هبة ياسين | صحيفة العرب

  • 9/19/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - عكست مجموعة من القرارات المتضاربة داخل حزب الوفد الليبرالي، أقدم الأحزاب المصرية، بشأن خوض انتخابات مجلس النواب المقبلة، عمق الخلافات في صفوفه، بما ينذر بخطر جديد يهدد التماسك النسبي الذي ظهر عليه مؤخرا، في عهد رئيسه بهاءالدين أبوشقة. واجتمعت الهيئة العليا للحزب مساء الخميس وأصدرت قرارا بانسحاب الوفد من ائتلاف “القائمة الوطنية” الذي يقوده حزب مستقبل وطن، الظهير السياسي للنظام الحاكم في مصر. وألغت الهيئة التفويض الممنوح لرئيس حزب الوفد بالتفاوض مع الأحزاب المشاركة في التحالف، وتشكيل لجنة لتنفيذ القرارات، يرأسها سكرتير الحزب فؤاد بدراوي، وتضم عددا من الأعضاء. رد أبوشقة بقرار آخر يقضي بإلغاء التفويض السابق لسكرتير عام الحزب المتضمن إدارة العملية الانتخابية لمجلس النواب، معتبرا اجتماع الخميس مخالفا للائحة الحزب، ووصفه بـ”الباطل”، بحجة عدم اكتمال النصاب القانوني لصحة الانعقاد. طالب الرافضون بعدم خوض الانتخابات البرلمانية، بسبب “عدم توافر الشفافية والعدالة أمام مرشحي الوفد، وعدم عرض رئيس الوفد أسماء المرشحين على أعضاء الهيئة العليا”. محمد عبده: مستقبل وطن يريد الاستثئار بغالبية مقاعد البرلمان محمد عبده: مستقبل وطن يريد الاستثئار بغالبية مقاعد البرلمان وقال نائب رئيس حزب الوفد، عضو مجلس النواب محمد عبده، لـ”العرب” إن ما حدث نتيجة متوقعة لسياسة رئيس الحزب بعد تعمده حجب تفاصيل العملية الانتخابية، بمن فيهم أعضاء المكتب التنفيذي، والهيئة العليا، وهي أعلى سلطة في الحزب. وفسر عبده قرار الانسحاب من “القائمة الوطنية” بقوله “رأينا أن العملية الانتخابية ليست متكافئة ولا تتوافر فيها النزاهة والشفافية والعدالة، وفوجئنا أن حزب مستقبل وطن الوليد يتنعت في التعامل مع باقي الأحزاب، وبينها الوفد العريق، مبتغيا الاستثئار بغالبية مقاعد البرلمان”. وجه موقف الوفد ضربة سياسية قوية لحزب مستقبل وطن، الذي ينفرد بترتيب أوراق اللعبة السياسية، ويحظى بدعم أجهزة عديدة في الدولة، ما يضعه أمام اختبار صعب، لأن خطوة الوفد قد تدفع أحزابا أخرى متملمة من تصرفاته إلى السير على النهج نفسه. يقول مراقبون إن الطريقة التي أديرت بها انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة من قبل مستقبل وطن، خلّفت تداعيات مريرة من الأسلوب الذي يدار به المشهد الحزبي، ويمكن أن يؤدي إلى خروج الكثير من الأحزاب من هذه العباءة في انتخابات البرلمان. تكمن مشكلة الوفد في أن الحزب علم أنه لن يُمثل إلا بعدد محدود من المرشحين، حيث عرض مستقبل وطن ضم 13 سيدة باسم الوفد، منهن 8 سيدات من مستقبل وطن نفسه لكن سوف يخضن الانتخابات باسم الوفد، وستة من الرجال، اثنان فقط من الوفد وأربعة يتبعون مستقبل وطن. وترى قيادات كبيرة في حزب الوفد، أنها أصبحت كالمحلل لتجميل صورة “القائمة الوطنية”، لذلك قررت الهيئة العليا الانسحاب من الانتخابات. واُتهم أبوشقة بأنه لا يعطي الأعضاء حقهم في التفاوض حول التحالف الانتخابي، ما يبخس الحزب حقه أمام الأحزاب الأخرى، وحفاظا على كرامة الوفد الممتدة على مدار أكثر من قرن من الضروري عدم تعريضه للإهانة، ودخول انتخابات لتحسين صورة القائمة الوطنية والنظام فقط. وأكد نائب رئيس الوفد محمد عبده أن “ضبابية الموقف الانتخابي عموما، واستئثار أحد الأحزاب بكل المقاعد ومنح الآخرين الفتات من دواعي رفض المشاركة، لأن الحزب لا يزال يملك المبادرة للانسحاب من القائمة، ومن المشهد السياسي برمته، لينفرد مستقبل وطن بالعملية الانتخابية، لكن أقول لهم: يجب ألا تنسوا انتخابات 2010”. وحذر متابعون من أن يقود ترتيب الأوضاع في الانتخابات المقبلة على مقاس مستقبل وطن إلى تكرار المشهد السياسي الذي سبق ثورة يناير 2011، حيث اقتسم الحزب الوطني المنحل، أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك مقاعد البرلمان مع بعض أحزاب المعارضة، ومنح جماعة الإخوان عددا من المقاعد، وشاع غضب في الشارع، وكان رفض القوى السياسية لنتائج انتخابات برلمان 2010 واحدة من مقدمات الثورة. كانت صفحة حزب الوفد الرسمية، نوهت الثلاثاء بموافقة الهيئة العليا على خوض انتخابات مجلس النواب ضمن ائتلاف “القائمة الوطنية”. لكن محمد عبده نفى لـ”العرب” صدور هذا القرار، قائلا “كنت أحد حضور الاجتماع ولم يصدر قرار بالمشاركة وقام 17 عضوا بالتصويت بالرفض، مقابل 13 وافقوا على الاستمرار في خوض الانتخابات، وقررنا استمرار انعقاد الهيئة العليا، إلا أنه جرى التدليس وإصدار بيان من رئيس الحزب ادعى فيه موافقة الهيئة العليا خوض الانتخابات”. ولفت إلى الاجتماع الذي عقد الخميس، وصوت فيه 30 عضوا من الهيئة العليا بالموافقة على الانسحاب من قائمة الائتلاف، بينما رفض عضو واحد فقط الانسحاب من الانتخابات، ما يعطي شرعية كبيرة للقرار. وأصدر أبوشقة قرارا بدعوة الهيئة العليا للحزب إلى اجتماع عاجل، السبت 19 سبتمبر، لمناقشة فكرة إجراء انتخابات مبكرة على رئاسة الحزب، وفقا لأحكام اللائحة الداخلية. تحذيرات من تكرار المشهد السياسي قبل ثورة يناير 2011 تحذيرات من تكرار المشهد السياسي قبل ثورة يناير 2011 جاءت الخطوة على خلفية دعوات أطلقها بعض الأعضاء للاعتصام داخل مقر الحزب، رفضا لقرار خوض انتخابات مجلس النواب ضمن قائمة حزب مستقبل وطن. وذكر مراقبون أن ما يحدث داخل الوفد قد ينفض الغبار عن الساحة الحزبية الخاملة، وينجح في تحريك المياه السياسية الراكدة. وكشف النائب السابق وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد محمد عبدالعليم داوود لـ”العرب”، “هناك حاجة إلى إعداد قائمة وفدية، ما يؤدي إلى حراك في الشارع، وكي لا تكون العملية الانتخابية حكرا على حزب بمفرده”. وبدأ الغليان داخل أروقة الحزب خلال انتخابات مجلس الشيوخ، مع النسبة الضئيلة التي خصصت له، وكانت هناك وعود من رئيس الحزب للأعضاء بتعويض ذلك في مجلس النواب عبر الدفع بنحو مئة نائب من الوفد، ضمن مرشحي “القائمة الوطنية”. وشغل بهاء أبوشقة رئاسة اللجنة التشريعية والقانونية في البرلمان المنتهية ولايته، وهو قريب من الحكومة، وابنه محمد أبوشقة يعمل مستشارا قانونيا لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، ما جعل الكثير من قراراته محل اتهام بالانحياز للنظام الحاكم. وكشفت مصادر داخل حزب الوفد لـ”العرب” أن الاحتقان تفاقم مع عزم أبوشقة الدفع بابنته ضمن قائمة حزب مستقبل وطن، عن محافظة أسيوط في جنوب مصر، مقابل استبعاد أحد قيادات الوفد المعروفة.

مشاركة :