انتخابات الرئاسة تفجر خلافات داخل الأحزاب المصرية

  • 6/23/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم تغادر أحزاب المعارضة السياسية المصرية ثقافة الانقسامات والخلافات بشأن مرشحي الاستحقاقات الانتخابية الكبرى، ما يخدم المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي الذي يبدو أنه في طريق مفتوح لولاية جديدة دون منافسة جدية. القاهرة - تفجرت خلافات داخل حزب الوفد الليبرالي عقب إعلان رئيسه عبدالسند يمامة ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما تسبب في تأجيل الإعلان عن تفاصيل ترشحه في مؤتمر صحفي، الأربعاء الماضي، إلى ما بعد عيد الأضحى. واتهم عدد من قيادات الحزب يمامة باتخاذ قراره بشكل منفرد دون الحصول على موافقة أكثر من نصف أعضاء الهيئة العليا عبر التصويت الرسمي، بعد أن روج إلى أنه حصل على موافقة 90 في المئة من أعضاء الهيئة البالغ عددها 60 شخصًا. ومن المتوقع أن يشهد اجتماع تعقده الهيئة الأحد المقبل أزمات متصاعدة بسبب رغبة آخرين في الترشح في الانتخابات على منصب رئيس مصر، ودراسة الحالة التي وصل إليها أبرز الأحزاب المصرية، والذي بات شبيهًا بأحزاب كرتونية ليس لديها قدرة على التأثير السياسي والشعبي. وذكر عدد من أعضاء الهيئة العليا أن يمامة طلب توقيع عدد من أعضاء الهيئة العليا لتزكية ترشحه رئيسًا للجمهورية عن الحزب، واستدعى عدد من أعضاء الهيئة العليا في لقاء ودي بمنزله بشأن دخول الحزب لانتخابات الرئاسة. وتحمل الخلافات أبعادا تتعلق بوضعية الأحزاب المصرية بوجه عام التي يغيب عنها الإطار المؤسسي، وتخضع لشخصيات تقبع في منصب رئيس الحزب وتسعى لتطويعه لتحقيق مصالحها. فؤاد بدراوي: إعلان عبدالسند يمامة ترشحه يعبر عن رؤية خاصة به فؤاد بدراوي: إعلان عبدالسند يمامة ترشحه يعبر عن رؤية خاصة به وقال عضو الهيئة العليا لحزب الوفد فؤاد بدراوي إن إعلان يمامة ترشحه يعبر عن رؤية خاصة به مع عدم رجوعه إلى الهيئة العليا للحزب وما أحدثه ذلك من ردود فعل سلبية من جانب الأصوات الشبابية داخل الحزب، والقيادات التي لديها حنكة سياسية وترى أن ترشحه بهذه الطريقة يضر بالحزب ومصالحه السياسية. وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “اجتماع الهيئة العليا للحزب (الأحد المقبل) سيحدد مصير ترشح رئيس الحزب من عدمه، حيث تصوت بالموافقة أو الرفض على قراره، وحال كان هناك مرشحون آخرون رغبوا في الترشح سيتم اللجوء إلى الجمعية العمومية لاختيار المرشح الرئاسي”، لافتا إلى أن عدم المشاركة في الانتخابات أمر تحسمه الهيئة العليا للحزب. وأبدى بدراوي الأربعاء رغبته في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، في تحد جديد لرئيس الحزب الذي يتمسك بترشحه ويرفض التنازل عن هذه الخطوة. وأثارت تصريحات رئيس حزب الوفد جدلاً خلال الأيام الماضية بعد أن أكد تأييده للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي يُتوَقّع أن يخوض الانتخابات أمامه، ما أعاد إلى الأذهان تكرار سيناريو الانتخابات السابقة التي شارك فيها رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى وأعلن تأييده لمنافسه السيسي، ولذلك بدا موقف حزب الوفد وكأنه يسير على طريق تقديم “مرشح صوري”. وتكمن أزمة الوفد وغيره من الأحزاب المصرية في السعي لتكون رديفا خاملا وتظهر في المشهد السياسي بلا رؤية واضحة أو توفير الآليات التي تُقنع الرأي العام بجدية خوضها المعارك الانتخابية. وتوظف الأحزاب الأجواء السياسية لصالح تحقيق مكاسب مجانية دون أسس شعبية، ما يجعلها تقبل أن تصبح جزءاً من تحالفات لا تتماشى مع أيديولوجيتها، وتشارك في معترك انتخابي لخدمة أطراف أخرى. وتشي الطريقة التي سلكها يمامة لضمان تأييد الهيئة العليا بأنه يبحث عن دعم شكلي من داخل الحزب لمسألة ترشحه، بغض النظر عما يمتلكه من إمكانيات تؤهله لخوض الانتخابات من عدمه، ما يكرر تاريخا من الصراعات على زعامات الأحزاب والاستفادة من مكاسب يحققها أشخاص من وراء جلوسهم على مقعد رئيس الحزب. وتشهد الحركة المدنية الديمقراطية، التي تمثل أكبر تكتل معارض وتضم في عضويتها 12 حزبًا وشخصيات عامة، خلافات عميقة بسبب غياب التوافق على مرشح واحد لخوض الانتخابات ورغبة عدد من رؤساء الأحزاب المنضوية داخلها في الترشح، ما قاد إلى إرجاء الاجتماع المقرر لمناقشة ملف الانتخابات أكثر من مرة. ولم تتوافق الحركة بعد على دعم ترشيح رئيس حزب تيار الكرامة السابق أحمد الطنطاوي في الانتخابات، والذي لم يحصل على الدعم المنتظر خلال لقائه بقيادات الحركة أخيرا، وأبدت بعض الأحزاب ملاحظات سلبية على برنامجه وشخصه. ويثار الحديث عن إمكانية ترشح رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، في خضم بحث حثيث عن دعم مرشح توافقي من خارج الحركة المدنية. وأكد المحلل السياسي جمال أسعد أن الأحزاب المصرية من الصعب أن تتوافق على مرشح أو اثنين لخوض الانتخابات، حيث ترتكز على توجهات أفراد وليس مؤسسات سياسية راسخة، وكل شخص يبحث عن المكسب الضيق بلا نظر لحاجة البلاد إلى مرشحين لديهم القدرة على إفراز تنافس انتخابي قوي. جمال أسعد: من الصعب أن تتوافق الأحزاب المصرية على مرشح واحد جمال أسعد: من الصعب أن تتوافق الأحزاب المصرية على مرشح واحد وذكر في تصريح لـ”العرب” أن الأمر يرجع إلى تاريخ الحياة السياسية بمصر التي لا توجد فيها أحزاب بالمعنى الحقيقي، وغالبيتها تجمعات شعبوية أو عائلية لإثبات الذات، والنخبة السياسية الحالية هي نتاج لتاريخ شخصي، وتأثرت بما يمكن تسميته بـ”تخيل الزعامة” اقتداءً بزعامات سياسة كبيرة. وأشار أسعد إلى أن فقر القيادات في انتخابات الرئاسة المقبلة انعكاس لغياب الحياة السياسية، ما يجعلها أمام منافسة غير متكافئة، وأن الأحزاب لا تستطيع تقديم مرشحين لديهم قدرة على قيادة دولة تمر بتحديات عديدة، وتقع في بؤرة تنتشر فيها الصراعات المسلحة على نطاق واسع. وهناك قناعة عامة بأن الاستمرار على هذا الوضع أفضل من اللجوء إلى أحزاب وشخصيات يصعب أن تشكل بديلاً يمكن الاعتماد عليه، ما يُعيد هواجس الفوضى. ويقول متابعون “يهيمن على المجال السياسي الفراغ وعدم التيقن من إقامة حياة سياسية حقيقية والوصول إلى إصلاح ينهي خواء الأحزاب المتشرذمة، وسط شكوك تحوم حول قدرة الحركة المدنية نفسها على الحفاظ على تماسكها في الفترة المقبلة”. وترجح المؤشرات الحالية الاستغراق في مسألة اختيار المرشحين والبحث عن توافق يصعب أن يتحقق على الأسماء التي تخوض الانتخابات، وبالتالي الوصول إلى فتح باب الترشح في غياب العثور على شخصيات لها تأثير يقود إلى تنافس انتخابي قوي، ما يضاعف المخاوف من استمرار الهشاشة السياسية وعواقبها الوخيمة، وقد تفرز عودة تنظيمات الإسلام السياسي التي تنتظر الفرصة للانقضاض على المشهد. ومن المنتظر أن يتم فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر بحد أقصى في الثالث من ديسمبر المقبل على أن يتم إعلان نتيجتها قبل بداية أبريل من العام المقبل، ويُلزم الدستور الحالي وفق أحدث تعديلاته عام 2019 أن تكون الولاية المقبلة الأخيرة للرئيس السيسي حال انتخابه مجدداً، ومدتها ست سنوات.

مشاركة :