حلما الأمومة والأبوة

  • 7/31/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد وفاة والده التاجر تحمل مسؤولية الأسرة واستقال من عمله الحكومي وتفرغ للتجارة، أفاء الله عليه بالرزق الوفير، وبعدما تزوجت شقيقته الوحيدة أخذت أمه تلح عليه للزواج أيضاً، استجاب لرغبتها وتزوج من ابنة عمته وسارت بهما الحياة في سعادة وهناء لا يعكر صفوهما أي شيء، لكنها تأخرت في الإنجاب فكان لا بد من اللجوء إلى الأطباء الذين أكدوا جميعاً عدم وجود ما يمنع الإنجاب لديهما وأنها إرادة الله التي لم تحن بعد، شعرت زوجته بأعراض الحمل عدة مرات، لكن سعادتهما كانت تتبدد عندما تؤكد نتائج التحليل في كل مرة أن الحمل كاذب حتى مرت 9 سنوات. بدأ يفكر في الزواج من أخرى حتى ينجب الولد قبل أن يمر به العمر، واستقر على الزواج من مطلقة تعمل لديه ولديها طفل عمره ثلاث سنوات، لكنه لم يفاتحها في الأمر حتى يحصل على إذن زوجته، شعرت زوجته بطعنة كبيرة في كرامتها وكبريائها، وأقامت الدنيا ولم تقعدها خاصة أنها ليست المسؤولة عن عدم الإنجاب وهجرت منزل الزوجية وطالبته بالطلاق لكنه رفض فأقامت دعوى أمام محكمة الأسرة تطلب فيها الطلاق، لكن قبل الموعد المحدد لنظر القضية بثلاثة أيام فقط حدثت المفاجأة المثيرة، تبين أنها حامل في شهرين. نشأ زكريا في أسرة متحابة ومتراحمة وحصل على بكالوريوس التجارة والتحق بالعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، وبعد أقل من عامين فارق والده الدنيا بعد مرض قصير فورث عنه محلاً لتجارة القماش فآثر زكريا التفرغ له واستقال من وظيفته واتفق مع شقيقته الوحيدة يسرية التي تشاركه في ملكية المحل على تخصيص مبلغ شهري عادلاً لها تنفق منه على نفسها وتدخر بعضه لجهازها إلى جانب تكفله التام بإعالة والدتهما، وجميع نفقات المنزل الذي يضمهم جميعاً وبالفعل استفادت شقيقته من المبلغ الشهري واشترت بمشورة أمها أشياء كثيرة لجهازها وادخرت الجزء الأكبر للأثاث ومتطلبات الزواج. تقدم ابن خالتهما المهندس عادل يطلب يد يسرية فوافقت، كما سعد زكريا به لأنهما كانا يرتبطان بعلاقة صداقة قوية منذ الطفولة ناهيك عن صلة القرابة وتم الاتفاق على كل شيء وتعمد زكريا ألا يرهق صديقه بالمطالب المادية الكثيرة وقبل منه ما عرض من دون زيادة وتكفلت مدخرات يسرية بتغطية باقي التكاليف وتم زفافها لابن خالتها في حفل جميل. بعد أقل من عام من زواجهما أنجبت يسرية ابنها الأول وسعد به زكريا سعادة طاغية لحبه الشديد للأطفال وبدأت أمه تحثه على الزواج بعد أن اطمأنت على شقيقته واستقرت الأحوال في المحل وراحت تغريه بالإسراع بالزواج، لكي ينجب طفلاً أو طفلين يشبعان لديه حبه للأطفال وأخذت تلح عليه حتى اقتنع بالفكرة. أثناء زيارته مع أمه لعمته الوحيدة فوجئ أن فريال ابنة عمته كبرت وأصبحت في غاية الجمال فوجهها كالقمر وعلامات الحسن في خديها تعبر عن مدى جمالها وقوامها ممشوق يذهل العقول، نسى كل شيء حوله وظل يتفحصها ويمتع عينيه بجمالها ووجد فيها الزوجة المناسبة التي يمكن أن يقضي معها باقي أيام حياته، لم يترك الفرصة تضيع منه ولم يعط لنفسه فرصة للتفكير وقرر الطرق على الحديد الساخن، وطلب يدها في الحال من والديها وكان طلبه المفاجئ مثار دهشة للجميع لكنه قوبل بالترحاب بالطبع فهو إنسان متزن وحالته المادية ميسورة ولديه كل الإمكانات التي تؤهله للزواج علاوة على تمتعه بوسامة كبيرة وكان شرطه الوحيد عدم خروجها للعمل حيث يرفض تماماً الفكرة، فأحواله المادية ميسورة والغريب أنها وافقته في الرأي وتمكنت من إقناع والديها بها وألحت عليهما حتى وافقا. أعلنت الخطوبة وقدم زكريا شبكة كبيرة عبر بها عن مدى إعجابه وسعادته بها حسدتها عليها معظم صديقاتها وكانت فريال تتزين بها فخورة وخلال مدة الخطوبة التي استمرت حوالي العام عاشت معه قصة حب جميلة ثم تم الزواج من دون أي معوقات ورفضت والدته رفضاً قاطعاً إقامة العروسين معها أو مغادرة مسكنها وأصرت على أن يكون لابنها مسكن مستقل للزوجية وأن تظل تعيش في شقة الأسرة مع سيدة ترعاها، وعللت رغبتها بأن يظل بيت العائلة مفتوحاً. عاش زكريا مع زوجته في سعادة بالغة وكل منهما يتفانى لإسعاد الطرف الآخر ومنذ الأيام الأولى للزواج وزكريا، ينتظر أن تفاجئه زوجته بالخبر السار بشأن حملها لكن مضت الأيام من دون أن تبدو في الأفق أي بادرة تشير إليه وبعد عام من الزواج ازداد قلق العروس وعرضت نفسها على أحد الأطباء، وبعد إجراء الفحوص اللازمة أكد أنه ليس لديها ما يمنع حملها وإنجابها وأنها طبيعية تماماً فكان لازماً عليه هو أيضاً إجراء الفحوص الطبية للتأكد من قدرته على الإنجاب وعلى الرغم من خوفه من مواجهة النتيجة وتردده عدة أسابيع، إلا أنه حزم أمره في النهاية وعرض نفسه على الأطباء وأكدوا جميعاً أنه سليم تماماً وقادر على الإنجاب وإنها إرادة الله التي لم تحن بعد، وأن هناك أزواجاً يمر على زواجهم عشر سنوات وربما أكثر من دون إنجاب حتى تنفذ إرادة الله ويرزقون بالأولاد وطلب منهما الأطباء التمسك بالصبر فتعلق الزوجان بهذا الأمل، حتى جاء هذا اليوم بالفعل عندما شعرت فريال بأعراض الحمل فكادت تطير وزكريا من السعادة حتى تبين بعد ثلاثة شهور أن الحمل كاذب وتكرر هذا الأمر عدة مرات. عاش زكريا على هذا الأمل يؤدي عمله ويرعى والدته وزوجته ويفرغ حبه للأطفال في طفلي شقيقته ويهتم بتجارته حتى نمت واتسع الرزق وأصبحت حياته جميلة من كل النواحي عدا الحلقة المفقودة ومع ذلك تعمقت علاقته مع زوجته يوماً بعد يوم حتى أصبح لا يستطيع الحياة من دونها، خاصة أنها كانت تحظى بحب أمه وشقيقته وتتمتع بمكانة كبيرة لديهما لطيبة قلبها وكرم أخلاقها وتدينها وحرصها على مودتهما لكن أخذت وساوس الشيطان تلح عليه أن كل ذلك لا قيمة له بلا إنجاب الأطفال وأنه ما دام سليماً من الناحية الصحية وقادراً على الإنجاب فلا بد أن يكون العيب في زوجته وربما تكون الفحوص التي أجرتها خاطئة أو ليست دقيقة فطلب منها أن تعيد فحص نفسها فاستجابت له وأجرت المزيد من الفحوص وتلقت العلاج بلا جدوى. عندما وجد زكريا نفسه تقدم به العمر من دون إنجاب بدأ رغم حبه الكبير لزوجته يفكر في الزواج من أخرى بغرض الإنجاب فقط واستشار شيخ المسجد الذي يواظب على الصلاة فيه فأكد له أن الرغبة في الإنجاب مبرر شرعي للزواج مرة أخرى، أخبر أمه برغبته فأيدته على طول الخط وأكدت أنها تتمنى أن ترى حفيداً لها من صلبه، حزم زكريا رأيه فلم يعد يجدي التردد حيث مضى على زواجه 9 سنوات من دون وجود أي بادرة للحمل واستقر رأيه على الارتباط بمطلقة تعمل لديه تدعى سعاد لديها طفل عمره ثلاث سنوات، وشعر أن لديها الاستعداد للارتباط به مع استمرار زواجه الأول حيث لم يفكر أبداً في الانفصال عن زوجته، كما أنها قادرة على الإنجاب بدليل إنجابها لطفلها خلال زواجها الأول الذي لم يطل أكثر من عام واحد لكنه لم يفاتحها في الأمر انتظاراً للحصول أولاً على الموافقة من زوجته فريال وأصبحت المشكلة الرئيسية التي تواجهه كيف يفاتح زوجته في الأمر من دون تأثير لذلك على حياتهما معاً أو أن يتأثر الحب الكبير الذي يجمعهما. استشار زوج شقيقته فأجابه قائلاً أن وقوع البلاء خير من انتظاره وبالفعل نفذ النصيحة وتخير الوقت المناسب وأخبرها برغبته وحاول تخفيف الموقف عليها مؤكداً لها أنه سيتزوج لكي ينجب الابن فقط وليس أكثر وسوف يطلق زوجته الجديدة على الفور ويأخذ الطفل منها ليكون ابنهما، خاصة أن سعاد لديها طفل من زوجها الأول وأنه لا زوجة سوف تكون سواها فهي الحبيبة والزوجة وابنه عمته وليس عنده أي استعداد للتخلي عنها لأي سبب، خاصة أنها ليست المسؤولة عن عدم الإنجاب. ثارت فريال وأعلنت عن رفضها أن يكون لها ضرة وخيرته بين الاستمرار معها وبين زواجه عليها فتمسك بحقه الطبيعي في أن يكون أباً قبل أن تمضي سنوات العمر ويجد نفسه عجوزاً غير قادر على إنجاب ولد يحمل اسمه ويجعل لحياته معنى ويستند إليه في شيخوخته، فطلبت الطلاق وصممت عليه فرفض زكريا تطليقها، دارت بينهما مشاجرة احتد خلالها كل منهما على الآخر وعايره بعجزه وجمعت فريال ملابسها وغادرت منزل الزوجية مؤكدة اعتزامها طلب الطلاق واتهمته بالأنانية وحب الذات فهي في نفس موقفه لكنها لم تفكر أبداً في الحصول على الطلاق لتتزوج من جديد وراء حلم الأمومة الذي ربما يتحقق وربما لا، حاول الأهل والأصدقاء التدخل للصلح بينهما، وأبدى زكريا استعداده للتراجع عن فكرة الزواج الثاني لكن فريال صممت على موقفها ولجأت إلى محكمة الأسرة وأقامت دعوى تطلب فيها الطلاق حيث أصبح همها الوحيد التخلص منه بأية طريقة، تم تحديد موعد لنظر القضية لكن قبل الموعد المحدد بثلاثة أيام فقط شعرت فريال بأعراض غريبة واصطحبتها أمها إلى الطبيب الذي أكد لهما أنها حامل في شهرين، وإن كل شيء طبيعي ولا تحتاج إلى أي أدوية.

مشاركة :