الدنيا لا تساوي شيئًا إذا لم يوفق للعمل الصالح

  • 8/1/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال فضيلة د.محمد حسن المريخي إن من أكبر منن المولى عز وجل على عبده بعد الإيمان بالله ورسوله هي أن يتفضل عليه فيهديه للعمل الصالح. وأكد في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد عثمان بن عفان بالخور أن هذه هي المنة الكبرى والرصيد الحقيقي والمدخر ليوم تتقلب فيه القلوب والأبصار. وأشار إلى أن صاحب هذه المنة يفوز بإذن الله في الدارين وتكتب له السعادة والعافية والبركة في العمر والوقت والحياة مع ما ينتظره من قرة العين في الآخرة، حيث يقول تعالى: "من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون". ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله فيقول: كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت) رواه الترمذي وحسنه. هدي الرسول وأكد خطيب مسجد عثمان بن عفان أن الدنيا كلها لا تغني عن المرء شيئًا إذا لم يوفق للعمل الصالح، موضحًا أن العمل الصالح الذي يعنيه هو المشروع في دين الله الإسلام الذي يكون خالصًا لله تعالى والذي يتقرّب إليه العبد به إلى ربه عز وجل بعد الإيمان بالله ورسوله وهو العمل الموافق لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبيّن أنه لا يسمى العمل صالحًا إلا إذا كان مشروعًا خالصًا موافقًا يعمله المؤمن الموحد، لأنه إذا عمله الكافر لا يكون عملاً صالحًا ولا يقبل منه لأنه لم يأتِ من مؤمن بالله ورسوله، وفي هذا يقول تبارك وتعالى عن أعمال الكفرة (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا). وقال د.المريخي: لم يثب الله عز وجل أبا طالب ولم يكافئه على ما عمل من رعاية للإسلام وحماية رسوله بل خلده في النار لعدم إيمانه بالله وحده وعدم إقراره برسالة رسول الله مع إنه عمل عملاً كبيرًا أيد الله به دينه وأظهره كما يقول رسول الله (وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) رواه البخاري. وأضاف: لا يسمى العمل صالحًا من المنافق لأنه لم يرد به وجه الله تعالى حيث يقول الله تبارك وتعالى (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً) ويقول عز وجل (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون). ودلل د.المريخي على ذلك فإن الله عز وجل لم يقبل من عبدالله بن أبي سلول صلاته خلف رسول الله لنفاقه بل أخبر بكفره وخروجه من الملة كما في قوله (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) وقال (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون). وزاد خطيب مسجد عثمان بن عفان: لقد بشر الله تعالى عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات بكبير الجزاء وعظيم الثواب ورفيع الدرجات في آيات كثيرة من كتابه الكريم، بشرهم بالجنة والخلود فيها، والأمن يوم الخوف والفوز يوم يخسر الناس كلهم، وبشرهم بزيادة الفضل لهم، والوعد بالمغفرة وعظيم الثواب والأجر ورفع الحرج عنهم وهنأهم بالفوز والمقام الطيب في مستقر رحمته وبشرهم بادخار أعمالهم وحفظها لهم. كما وعدهم الله عز وجل بأن يجعل لهم مودة في قلوب الخلق حيث قال تعالى في محكم التنزيل: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا). وتابع: لقد استثناهم المولى سبحانه أيضًا من القوم الغاوين وحفظهم من أن يهيموا على وجوههم فيقولون ما لا يفعلون، حيث يقول تعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا). كما اعتمد الله تعالى عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأنهم خير الخليقة فقال (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه). وقال الخطيب: الذين يعملون صالحات هم أهل الأمن والأمان يوم يفزع الناس (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). وأوضح أن الأمن حينئذ لهم خاصة من دون الناس يوم يجمع الله الخلائق في صعيد واحد في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وتدنو الشمس من رؤوس الخلائق ويذهب الناس في العرق كل على قدر عمله، فمنهم من يكون عرقه إلى كعبيه وإلى ركبتيه، ومنهم إلى خصره ومنهم من يبلغ عرقه شحمة أذنيه ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا فيغيب في عرقه.. في هذا الموقف العصيب الشديد يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات بقوله (يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون). وأكد د.المريخي أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم أمان لأنفسهم ومجتمعاتهم وبلدانهم لأنهم بأعمالهم الصالحة يصرف الله تعالى عن البلاد والعباد السوء والمكروه من الحوادث والكوارث والعذاب والأمراض، يقول تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون). أعقل العباد وأشار إلى أنه ببركتهم يبارك الله تعالى على البلاد والعباد ويحفظ الله تعالى بهم من الفتن والمحن كما إنهم يتميّزون بأنهم أعقل العباد وأفطنهم، لأنهم أدركوا بفضل الله ومنته وفطنوا لماذا خلقهم الله فقاموا بما أوجب عليهم وهي العبادة له سبحانه، حيث يقول تبارك وتعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وأوضح أنه لم تشغلهم تجارة ولا دنيا ولا متاع عن عبادة ربهم عز وجل، زكاهم الله تعالى وقد أثنى عليهم المولى سبحانه فقال (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين). وقال: لو لم يكن في العمل الصالح إلا السلامة والنجاة في الآخرة لكفى به شرفًا فكيف وقد أحاط العمل الصالح بكل فضيلة وكرامة. مؤكدًا أن العمل الصالح نجاة وسلامة وعافية، مشيرًا إلى أن الله عز وجل قد فرّج عن الثلاثة الذين دخلوا الغار فتدحرجت صخرة فسدّت باب الغار عليهم فدعوا الله تعالى بأعمالهم الصالحة التي عملوها ففرّج الله عنهم، كما أنجى الله تعالى ذا النون من الظلمات ببركة ذكره لربه عز وجل كما قال تعالى (وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). ونوّه إلى أن "ذا النون" كان ذاكرًا لربه من قبل هذا وليس في بطن الحوت فقط. وقال إن الله تعالى حفظ كنز الرجل الصالح لولديه حتى يبلغا لصلاح والدهما، حيث يقول تعالى (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحًا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك)

مشاركة :