ضرير ومشلول يحقّق ما عجز عنه الأصحاء

  • 8/1/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ترجمة- كريم المالكي: لا شكّ أن ما حقّقه الشاب الأيرلندي "مارك بولوك" وهو من ذوي الإعاقة يكاد يكون أقرب إلى المستحيل، غير أن شغفه الشديد بتحقيق الاستثناءات وعدم الاستسلام شكلا حافزًا له في منجزه رغم حراجة حالته الصحية.. لقد تحدّى "مارك" كل ما صادفه من مشاقّ ومعوقات ليصل إلى ما هو أبعد مما كان يتصوره الآخرون الذين ظنّوا أنه سيبقى حبيس الكرسي المتحرك.. فقد تمكن هذا الشاب، - الذي أصبح مشلولاً بعد سقوطه من نافذة في الطابق الثاني لأحد المباني- أن يتعلم المشي من جديد، وليس هذا فحسب، بل إنه وبالرغم من فقدانه بصره وهو في الثانية والعشرين من عمره فقد ذهب في رحلة إلى القطب الجنوبي، وذلك عندما أصبح في سنّ الثالثة والثلاثين. وفي الواقع أنه عندما فَقَدَ "مارك" القدرة على استخدام ساقيه المشلولتين بعد الحادث المؤسف الذي وقع له في عام 2010م، أصبح غير متأكّد من أنه يمكن أن يعود من حافة الهاوية مرة ثانية لكنه عاد وبنتائج مذهلة وغير قابلة للتصديق بفضل بذلة ذكية صنعتها إحدى الشركات الخاصة. وبات مارك أول كفيف يصل إلى القطب الجنوبي سيرًا على قدميه، وذلك بفضل إصراره الشخصي على إيجاد حلول لمحنته ورغبته الحقيقية في التغلب على الشدائد. يتحدث "مارك"، هذا الشابّ الذي ينبض بحب الحياة عن قصته قائلًا: بعد الحادثة لم أكن أقوى على الخروج من السرير لمدة ستة أشهر. وبعد أن تركت السرير لم أقم بأي تمارين أو أي نشاطات لمدة تزيد على السنة، لقد كنت في حالة يأس شديدة جدًا، ولم أكن متأكدًا من أنني يمكن أن أعود من جديد وأحيا حياة اعتيادية. بذلة ذكية بعد عام واحد فقط من البدء بممارسة النشاطات والقيام بخطوات وصلت إلى 2500 يوميًّا أصبح مارك أول شخص في العالم يمتلك بذلة إلكترونية تصل قيمتها إلى 100 ألف جنيه إسترليني، وتعمل هذه البذلة من خلال التفاف الساقين الروبوتيتين حول جميع الأطراف السفلية للشاب مارك، إضافة إلى احتوائهما على محركات كهربائية تزوده بالقدرة على المشي، وبفضل أجهزة الاستشعار في القدمين التي تعرف متى يقوم هو بالتحول بوزنه، ترسل هذه المعلومات إلى برنامج موضوع في حقيبة الظهر التي يحملها مارك، حيث يقوم بدوره (أي البرنامج) بتحريك الساقين، فيما يُكمل زوجان من العكازات عمل الجهاز (الطقم) ككل، من خلال مساعدته على تحقيق التوازن. ويعلّق مارك الذي هو من مقاطعة داون في أيرلندا الشمالية عن تأثير التكنولوجيا الجديدة على شخصه واحترامه لذاته بأنه كان دراماتيكيًا، حيث يقول: عندما أقف أشعر بأني طبيعي مرة أخرى، ويراودني الشعور الذي اعتدت عليه من قبل. ويضيف مارك: من الناحية النفسية أشعر بأنني أفضل بكثير بعد أن بدأت السير بواسطة البذلة الإلكترونية، وأخذت أقوم بالكثير من الفعاليات الحيوية بحيث أستطيع عناق الأصدقاء ممن هم بمستوى جسمي من وضع الوقوف، وهو أمر مهمّ حقًّا. لم يستسلم للشلل لقد كان مارك مشلولاً في الأطراف السفلية قبل عامين بعد سقوطه من نافذة الطابق الثاني، لكنه لم يستسلم للشلل، لقد تركته الحادثة "في مكان مظلم جدًّا" لمدة 18 شهرًا، قبل أن يندفع مصممًا على السفر إلى جميع أنحاء العالم ومن ثم الفوز بميداليتين في التجديف بدورة ألعاب الكومنولث وهو الأمر الذي جعله يستعيد نفسه من جديد. ويقول مارك: اعتقدت أن العالم قد انتهى بعد أن أصبت بالعمى، وأنا في سن الثانية والعشرين. ولكني قرّرت أن أضع لنفسي أهدافًا، وكان هدفي الأول أن أصل إلى باب غرفة نومي، ثم إلى صحراء غوبي، ثم إلى القطب الجنوبي، ويضيف: لقد وجدت أنه إذا وضعت أهدافًا كبيرة ومثيرة، فإن ذلك يعني أنني لن أركز على المصاعب. كما أنني كنت لا أريد أن أخذل الناس الذين يدعمونني. لقد حدثت تطورات كثيرة بفضل جمع التبرعات من قبل الأشخاص الداعمين له، فقد استطاع شراء بذلة روبوتية (أكسو) خاصة به، وقد حصل عليها بعد اكتشافه أن هناك شركة مبتكرة قد أنتجتها في بداية عام 2012، وسافر مارك إلى سان فرانسيسكو حيث كان واقفًا وتحرك عدة خطوات للمرة الأولى منذ أن سقط وأصيب بالشلل. ويعلق مارك على ذلك بالقول: شعرت بأنني أنهض بعد رحلة طويلة، وكانت العضلات مشدودة جدًّا. آمال وآثار إيجابية وفي الوقت الحالي يجري مارك مشاركة في تجارب سريرية لمدة ستة أشهر في كلية ترينيتي في دبلن ليرى كيف أن المشي في البذلة الروبوتية يؤثر على الصحة مقارنة بمرضى الكرسي المتحرك، لكنهم لاحظوا أن وظيفتي قلبه ورئته قد تحسنتا بالفعل، وبالتالي فإن ذلك يعني أن هناك آثارًا إيجابية. ويضيف مارك: أعتقد أنه أمر سيئ بالنسبة لك أن تكون جالسًا طوال الوقت، لأن جميع أجهزة الجسم الخاصة بك، وكل شيء داخلك سيكون مضغوطًا وأنت جالس. وبالتالي فإن ذلك يضع ضغوطًا على بعض أعضاء الجسم ويمكن أن يسبب مشكلات في القلب والمثانة والكلى وتدفق الدم. ويعتقد مارك أن مزيجًا من التدريب، والأجهزة الروبوتية والتدخل الطبي، سوف يؤدي في يوم ما إلى استخدام ساقيه أي أن أمله كبير في التخلص من الشلل. ويقول مارك: عليك أن تتقبل ما أنت عليه، فأنا أجلس على كرسي متحرك، ولكن الشيء المثير هو الأمل بأن هناك شيئًا ما قد يتغيّر، وأنني يمكن أن أكون جزءًا من الحل، وأريد أن أرى ما إذا كان من الممكن إصلاح نفسي من الخارج، وإذا كانت هذه المحاولة لا تخدمني شخصيًّا، فإن الأمل يحدوني في أن تنجح في مساعدة الآخرين في يومٍ ما. الركض ثانية وكان هناك من يدعم بشدة ما يذهب إليه في هذا الاتجاه، أنه اختصاصي العلاج الطبيعي السريري في شركة EKSO المنتجة للبذلة الروبوتية، حيث يؤمن بقوة بإمكانات الشاب مارك، حيث يقول: إن مارك شخصية فريدة ومميزة من نوعها، ولا شيء يوقفه، وبالتأكيد إن مارك لن يبقى خاملاً، فقد نظم أيضًا رحلة لمدة 10 أيام إلى سيبيريا باستخدام دراجة خاصة مصممة حسب الطلب تستخدم بواسطة اليد. كما أن الجمعية الخيرية التي وقفت خلفه قامت بدعمه أيضًا بإدارة فعاليات ليلية للركض في وقت متزامن في لندن ونيويورك وأيرلندا لتمويل جهوده المتواصلة في إعادة التأهيل ومساعدة جمعيات الإعاقة الخيرية الأخرى. وعلى الرغم من أنه لن يشارك هذه المرة في فعاليات الجري، إلا أن الشاب مارك لا يستبعد الانضمام إلى المشاركين من خط البداية في المستقبل. ويختتم مارك حديثه بالقول: أنا أستكشف حدود ما هو ممكن، ورغبتي تكمن في أن أركض مرة أخرى. أمل جديد لمستخدمي الكراسي من الممكن ارتداء البذلة الروبوتية (Ekso) من قبل المرضى الذين يعانون من الشلل في الأطراف السفلية، ولكن لديهم القدرة على نقل أنفسهم من وإلى الكرسي المتحرك. ويبلغ وزن البذلة مع البطاريات 32 كيلوجرامًا ولكن مستخدمها يشعر وكأنها على ظهره وفقًا لمصدر في شركة Ekso المبتكرة للبذلة، لأن الوزن يتحول من خلال الإطار إلى الأرض. كما يمكن فصل بطاريتي الليثيوم العاليتي الجودة في تزويد الطاقة، ومن ثم شحنهما بواسطة التيار الكهربائي في ساعة واحدة. وتقع محركات البذلة في الوركين والركبتين. أما أجهزة الاستشعار فهي في القدمين، حيث تكشف عن أي تحول في الوزن. وتستخدم البرمجيات التي وضعت في حقيبة الظهر اللوغاريتمات لترجمة ذلك إلى حركة. ويستخدم الكمبيوتر المحمول باليد لضبط المشي، بما في ذلك ارتفاع الخطوة، وكذلك سرعة الخطوة وطولها. وتبلغ تكلفة الجهاز "بذلة Ekso الروبوتية" 100 ألف جنيه إسترليني ورسوم الخدمة ستة آلاف جنيه إسترليني في السنة. ويوجد في المملكة المتحدة ستة "سفراء" يستخدمون البذلة الروبوتية بانتظام، وقد اختبرت البذلة من قبل نحو 60 شخصًا في عدد من المستشفيات. وتتضمن البذلة الذكية ثلاث مراحل من التدريب: 1)- يقوم المعالج بتحديد طول الخطوة والسرعة وتشغيل الأزرار لتحريك الساقين عندما يرى المريض وهو يحول وزنه. 2)- يقوم المريض بتشغيل الخطوات عن طريق الأزرار الموجودة على العكازين، في الوقت الذي يتم فيه تحويل وزنه، بينما يقوم المعالج الطبيعي بواجب التحديد. 3)- يقوم المريض بتشغيل الساقين بمفرده عند تحويل وزنه. ويحتاج حاليًا إلى أن يكون اختصاصي في العلاج الطبيعي موجودًا عندما يتم استخدام البذلة الروبوتية لأسباب تتعلق بالسلامة. وتأمل الشركة أن يكون لدى كل شخص "بذلة روبوتية" بحيث يمكنه استخدامها دون إشراف في المنزل. عن صحيفة الديلي ميل البريطانية

مشاركة :