تزامناً مع فصل سياحي واعد، وفق توقعات المعنيّين بالقطاع، تبشّر المراسلات بين وزارة الطاقة ومؤسّسة كهرباء لبنان من جهة ووزارة المال من جهة ثانية بأزمة كهرباء وشيكة، في حال عدم حسم موضوع الجدل بين الكهرباء والمال حول واقع الكهرباء، لجهة تحسين التغذية تحديداً، حيث لا يزال الإنتاج في حدود 1500 ميغاوات، بينما الحاجة عند الذروة في موسم الصيف تصل الى حوالي 2700 - 2800 ميغاوات.. وهذا الأمر سيؤدّي حتماً الى زيادة التقنين، بمعدل 10 الى 14 ساعة يومياً، بما يعني أن ما تبقّى من صيف لبنان سيتحوّل الى فرن حقيقي! في المقابل، وفي ظلّ العتمة المطبِقة، يبتكر اللبنانيون طرقهم الخاصة أو تقنيات بؤسهم للتأقلم مع التقنين المفروض عليهم.. إنها حكاية مأساتهم التي لم تجد حتى الآن طريقها الى المعالجة الإستثنائية، ولا تزال في دوّامة البازار السياسي المفتوح على تقاذف كرة المسؤولية، حكومياً ونيابياً.. أما الصورة النمطيّة للإعتراضات المتنقّلة بين منطقة وأخرى، فلا تتعدّى إحراق الإطارات والمناوشات مع القوى الأمنية، وخصوصاً في القرى والبلدات التي عادت إلى الشمعة وإلى السهر في الشارع. وفي سياق قصة طويلة عمّرت حتى باتت من يوميات اللبنانيين وجزءاً لا يتجزأ من رواياتهم، فإن الأزمة تُربط في كل مرة بـحدث معيّن، ولا ينسى ممثلو الشعب، في عزّ حملاتهم الإنتخابية، أن يضعوا ملف الطاقة في أولوية أولويات برامجهم، فلا يلبثون أن ينسوه أو بالأحرى يتناسوه لأربع سنوات قبل أن يعود الوحي إليهم فجأة على أعتاب الموسم الانتخابي ليعودوا لـسيناريو الوعود إياه وقبل أن تدخل السياسة على الخطّ مجدداً. أما المواطن، فلسان حاله: نحن ندفع فاتورة الخلافات والإنقسامات وثمن تصفية الحسابات الضيّقة! أمر محسوم من وحي واقع التبشير الدائم للمعنيّين بهذا الملفّ: التقنين سيزداد، الأزمة ستتفاقم والكارثة آتية، فإن انقطاع التيار الكهربائي في لبنان أمر محسوم، لدرجة بات اللبناني يدرك أن لغطاً ما قد يكون أصاب مؤسّسة كهرباء لبنان، فيما لو شملت التغطية بالتيار الساعات الـ24 التي يتألف منها اليوم.. التقنين القاسي تخضع له جميع المناطق اللبنانية، ولا صوت يعلو فوق أصوات المولّدات الكهربائية. ولا يتوقف المشهد هنا، بل يتّسع ليصل لحدود الكارثة مع بورصة رسوم الإشتراك التي تتفاوت بين منطقة وأخرى. وتكرّ سبّحة المشاهد المتنوّعة، إلا أنها تصبّ في الخانة نفسها، حيث يلجأ اللبناني الى التأقلم بطريقته الخاصة مع لعبة الكهرباء، معطوفة على الغلاء الذي يطاوِل المشتقات النفطيّة.. وبين مطرقة التقنين وسندان أصحاب المولّدات، يجد نفسه ذاهباً الى دفع فاتورتين لتأمين الكهرباء، وكأن قدره أن يعيش في الظلام.. ويبقى اللافت أن أزمة الكهرباء لا تبدو واحدة. ذلك أن كل لبنان يعاني من أزمة طاقة منتشرة في كل المناطق، لكن حجم هذا الإنتشار يختلف بين منطقة وأخرى. 3 حلول مقترحة هي المعالجات الأساسية تفرض، بحسب مصادر متابعة لملفّ الكهرباء، حلّاً من ثلاثة: الأول، زيادة مساهمة الدولة لكهرباء لبنان، بما يتيح للمؤسّسة الإنتاج بالحدود القصوى، وتالياً تأمين 18 الى 19 ساعة تغذية. الثاني، تخفيض الإنتاج بما يتلاءم مع المساهمة المحدّدة من مجلس الوزراء، بما يؤمّن التغذية من 10 الى 12 ساعة، مع إمكان الإضطرار الى تخفيض ساعات التغذية المعطاة لبيروت الإدارية والبالغة 21 ساعة.. أما الحلّ الثالث، فيكمن في زيادة التعرفة بما يتناسب جزئياً مع تكاليف الإنتاج. وفي خضمّ نزاع المصالح على التلزيمات والسمسرات، تجدر الإشارة الى أن مؤسّسة كهرباء لبنان أنجزت موازنتها للعام الحالي، المقدّرة بنحو 4009.8 مليارات ليرة، وهي تقلّ من حيث النفقات عن العام الفائت بحوالي 330 مليار ليرة (حوالي 220 مليون دولار)، نتيجة تراجع أسعار المحروقات التي انخفضت حوالي 500 مليار عن العام السابق. تحسين التغذية النتائج المالية لا تعكس تحسّناً في واقع الكهرباء لجهة تحسين التغذية، حيث بقي الإنتاج في حدود 1500 ميغاوات، بينما الحاجة عند الذروة في موسم الصيف تصل الى حوالي 2700- 2800 ميغاوات.
مشاركة :