الرباط – يثير تعدد الحركات التصحيحية داخل الأحزاب المغربية (معارضة وحاكمة) في الآونة الأخيرة تساؤلات بشأن دوافع هذه التحركات خاصة أنها تأتي قبيل الاستحقاق الانتخابي المقرر للعام المقبل ما يجعل مراقبين يرجحون أنها تندرج في إطار معارك انتخابية لكن القاسم المشترك بين هذه الحركات هو عدم الرضا على أداء وسلوكيات قيادة أحزابهم. فبعد بروز حركات منتقدة لقيادات حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار تنضم إليهم فئة معارضة بالأصالة والمعاصرة، وهو أكبر حزب معارض بالمغرب، تحت عنوان “لا محيد”، التي تم الإعلان عنها الثلاثاء وذلك “دفاعا عن مشروع التنظيم السياسي‘‘، وعلى خلفية الإقصاء الذي ظل يمارسه أمين عام تنظيم “الجرار” و’’استفراده بالقرارات وتحمله المسؤولية بممارسات ارتجالية فردية خاضعة لمنطق تصفية الحسابات والانتقام‘‘. وبحسب بيان أصدره أصحاب الحركة، عقب اجتماع لهم فإن “وضعية الحزب الآن هي وضعية إقصاء الرأي الآخر عن المشاركة وإبداء الرأي في مواجهة من لا يُسدون الولاء للأمين العام”. وما يسترعي الانتباه هو خروج هذه الحركات التصحيحية الأخيرة قبيل الموعد الانتخابي المزمع تنظيمه العام المقبل، ما يطرح تساؤلات بشأن جديتها في المساهمة في إصلاح تنظيماتها السياسية وإجراء تقييم موضوعي لمساراتها، خصوصا بعد توجهات صدامية ناتجة عن طموحات سياسية فردية لأشخاص معينين داخل تلك الأحزاب. ومما زاد الأمور تعقيدا، وفق بيان مناصري الحركة التصحيحية، بالأصالة والمعاصرة ما أسموه “التزوير الخطير الذي مس القانون الأساسي للحزب حسب هوى الأمين العام الذي غير بعض بنوده التي صادق عليها المؤتمر الوطني، تلاه تزوير توقيعات البرلمانيين من أجل تثبيت رئيس الفريق الموالي لتياره والمتنافية مع مبادئ العمل الأخلاقي السياسي”. ويؤكد عبدالإله السطي، وهو باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس في الرباط، في تصريح لـ”العرب”، أن ’’الحركة التصحيحية التي ظهرت داخل الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، تدخل ضمن المخاض الذي يسبق العملية الانتخابية، وتشكل مرحلة عرضية في مسار الحزبين ولا يمكن أن نتحدث عن قوة إصلاحية قادرة أن تخل بالموازين داخل الحزبين، وذلك لعدم توفرها على قيادات وازنة قادرة على إحداث الفارق، أو إحداث توجه سياسي أو فكري جديد بالحزبين‘‘. ولم يخرج حزب العدالة والتنمية الحاكم من موجة الحركات التصحيحية التي تضرب هذه الأيام بعض التنظيمات السياسية بسبب خلافات داخلية بين تيارين مختلفين على طريقة تدبير المرحلة، حيث وصل الأمر إلى إطلاق مبادرة يقودها بعض قيادات وقواعد الحزب تدعو في مذكرة إلى تقييم الوضع الداخلي في عهد الأمين العام الحالي سعدالدين العثماني، والتّلويح بعقد مؤتمر استثنائي لمناقشة أزمة الحزب وتصحيح أوضاعه. ويرى بنيونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة، أن ’’الحركات التصحيحية توضح عدم قدرة الأحزاب على إدارة الاختلافات الداخلية بشكل ديمقراطي‘‘ موضحا أن هذه الحركات موجهة ضد القيادة الحزبية وذلك ليس على أساس خلافات ذات بعد أيديولوجي أو سياسي. وقدم دعاة “الحركة التصحيحية” بالأصالة والمعاصرة بعض مظاهر خدمة الأمين العام لأجندة انتخابية مصلحية من قبيل قيامه بجولة لدى بعض الأحزاب الغرض منها تقديم الولاء لحزب معين من أجل الحصول على الرضا التام من أجل الانتفاع بمصالح ذاتية خاصة في غياب انعقاد مؤسسات الحزب (المجلس الوطني والمكتب السياسي). أما الحركة التصحيحية الأخيرة بالتجمع الوطني للأحرار، المشارك في الحكومة، فتقول إنها تعكس توجها يقوي الحزب ’’لو عرف كيفية استغلاله بدل صم الآذان، لأن في النقد الصريح تعرية لمكامن الخلل قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ولو تجاوز الحزب كل هذه الهفوات وتخلص من الانتهازيين لكان حاله أفضل‘‘. ويرى مراقبون أن هذه الحركات، لن تحقق مبتغاها، رغم التداول الإعلامي المضخم الذي يواكب بداياتها. ولكن الباحث المغربي عبدالاله السطي يرى أنه ’’لا يمكننا التكهن بأن الحركتين بالأصالة والأحرار، ستمضيان قدما نحو خلخلة الميزان السياسي داخل الحزبين، بقدر ما يمكن القول إنها تيارات تظهر عشية كل عملية انتخابية من أجل الظفر ببعض المواقع الانتخابية وليس من أجل تقويم مسار الحزبين، وهذا يبرره أن الحركتين لا تقدمان مشروعا سياسيا بديلا ولا توجها فكريا يقطع مع الممارسات داخل الحزبين‘‘. وفي رد على هذه الانتقادات برر عبدالرحيم بوعيدة، القيادي، وهو يتزعم الحركة التصحيحية بالتجمع الوطني للأحرار، في تصريح لـ”العرب”، خروج حركته دون أن تكون ضد شخصيات بعينها أو تصفية حسابات سياسية قديمة‘، مضيفا أنه ’’ليس ولدا عاقا شق عصا الطاعة بل مناضل ساهم بمقدرات متواضعة في إعطاء صيت لحزب داخل جهة فريدة.. وحاربنا باسم الحزب فسادا في العلن يسانده هو في الخفاء‘‘. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :