الحانات تضيء ليل بيروت من جديد | | صحيفة العرب

  • 9/24/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت ـ على الرغم من وجود ركام وأنقاض حولها، فإن حانات منطقة مار مخايل التي تعرضت لدمار شديد في بيروت بسبب انفجار الميناء، بدأت تعيد فتح أبوابها للزبائن في محاولة لإنعاش حياة المرح الليلية بالمدينة بعد مرور شهر تقريبا على الانفجار المروع. فالحياة ستستمر مع أن الحانات والمطاعم، التي دُمر بعضها بسبب الانفجار الضخم الذي وقع في الرابع من أغسطس، تضررت بشدة نتيجة الانهيار المالي في لبنان ووباء كورونا، لكن أصحاب بعض الحانات -مثل سامر نخول- يقولون إنهم ما زالوا مصممين على عودة المرح إلى ليل بيروت. وقال سامر نخول “لا نستطيع أن نقبع في البيت وبيروت مغلقة، فالحياة لا بد أن تستمر رغم الجراح”، مضيفا “أنا حزين لأن في شارع مار مخايل هناك ما بين 7 و10 محلات عادت للعمل من أصل 30 محلا، سنضيء ليل الشارع خطوة خطوة وستعود بيروت إلى ليلها الزاهي من جديد”. وأدى الانفجار إلى تدمير النوافذ والأبواب والجدران في الأبنية المحيطة، على بعد أميال، كما لحقت أضرار بأكثر من 1400 نشاط اقتصادي -من بينها مطاعم ومقاه وحانات- جراء الانفجار. وحتى قبل الانفجار، أغلقت مئات المطاعم والحانات أبوابها بعد تسريح جماعي للعمالة في صناعة توظف شريحة كبيرة من القوى العاملة في لبنان. وتقدر مايا بخازي، من نقابة أصحاب الملاهي الليلية والمقاهي والمطاعم، كلفة إعادة بناء قطاع المطاعم وحده بأنها لن تقل عن مليار دولار. وترد بخازي بابتسامة على سؤال حول ما فعلته الدولة، “لا أحد يهتم”، مضيفة أن النقابة ستعمل على توفير وجبات للموظفين لمدة شهر بعد أن أصبح العمال ذوو الأجور المنخفضة هم أول الضحايا وأشدهم تضررا. وفي الأحياء التاريخية في الجميزة ومار مخايل بدأ العمال بتصليح عدد من عشرات المطاعم والمقاهي والحانات المتضررة. الحياة لا بد أن تستمر رغم الجراح الحياة لا بد أن تستمر رغم الجراح ومنذ زمن تجذب الحياة الليلية في بيروت المستثمرين والفنانين من الخارج، الأمر الذي أسهم في شهرتها عالميا. وعلى الرغم من التحديات التي تواجههم الآن يتوق الكثير من المستثمرين في القطاع السياحي للعودة إلى العمل. من هؤلاء إدي قطر -وهو شريك في حانة- الذي يقول “قررنا أن نفتح الحانة من جديد حتى تعود حياة الليل إلى الشارع، صحيح أن الشغل صار قليلا بعد الكارثة التي صارت، لكننا نعود اليوم بفضل دعم العالم لنا وبفضل دعم المجتمع والمغتربين الذين لا يحتملون أن يروا بيروت نائمة منذ صلاة المغرب”. في حانة أخرى عُلقت على واجهتها صورة روان -وهي نادلة قضت في الانفجار وتصدّرت قصتها وسائل الإعلام بعدما بكتها عائلتها وصديقاتها- يعاود بعض الزبائن التردّد إلى المكان بعد فتح أبوابه وإصلاح الأضرار. ويوضح مالك الحانة إيلي خوري قائلا “لم نُعِد فتح أبوابنا من أجل جني المال، أعدنا فتحها لنظهر أن الحياة يجب أن تستمر، إنها رسالة حياة”. ويضيف “تعرضنا في تاريخنا لحرب وقصف وانفجارات، وفي كل مرة كنا ننهض من جديد وسنواصل فعل ذلك. إنّها معركتنا، وهي معركة وجود”. وتمسّكا باستمرار الحياة من حانة في شارع مار مخايل قال زياد “نحن عشنا الحرب كلها في لبنان، وبقينا في بيروت لم نغادرها، حرب نزل علينا فيها ما لا يعد من القذائف، وبعد الانفجار سنظل أيضا، ولن يطول المشوار لتنير الحانات أضواءها وتبث الموسيقى التي تجمع عشاق الليل”. ويضيف الشاب الذي جلس مع أصدقائه “هذه طريقتنا في المقاومة، سنواصل الاحتفال بالحياة”. وكان شارع الجميزة المعروف بأبنيته ذات الطابع التراثي وبمقاهيه وحاناته ينبض بالحياة وبزحمة لا تتوقف ليل نهار قبل الانفجار. واليوم، رغم رفع الركام من بعض نواحيه وإزالة أطنان الزجاج الذي تطاير في كل ناحية وصوب، لا يزال يفتقد حيويته المعهودة. ولم تسلم “قهوة إيمان”، التي تقع في زقاق متفرع عن الشارع الرئيسي، من الانفجار الذي ألحق بها أضراراً كبيرة طالت تجهيزات المطبخ الرئيسية. ويوضح محسن الذي يتولى إدارة المقهى أن القيمين على المكان، وبعد إجراء أعمال تأهيل طفيفة، يكتفون حاليا بتقديم السندويشات، إذ هناك وجبات لا يقدرون على إعدادها حاليّا. وبدأت حياة الليل تعود شيئا فشيئا إلى بيروت، التي ذاع صيتها في جميع أنحاء العالم كوجهة للاحتفال واللهو والسهر، لتكون شاهدا ودليلا على قدرة العاصمة على تحمل الأزمة تلو الأخرى. ويتجسد ذلك واضحا جليا في سخرية اللبنانيين من صمودهم الأسطوري بما يترك انطباع أنهم يحتفلون وسط الحروب والاغتيالات، في حين يختفي وراء هذا البريق واقع شديد الحزن والكآبة.

مشاركة :