تدخل الانتخابات الأمريكية، اليوم الثلاثاء، مرحلة جديدة تحتدم فيها المنافسة، عندما يجري الرئيس دونالد ترامب، وخصمه جو بايدن، أول مناظرة بينهما، في عرض تلفزيوني يتيح للأمريكيين متابعتهما في مواجهة مباشرة. وتأتي مناظرة الثلاثاء بعدما تحدى ترامب الديمقراطيين ورشّح شخصية محافظة للحلول مكان قاضية المحكمة العليا الليبرالية روث بادر جينسبورج التي توفيت هذا الشهر. ويتصدر بايدن (77 عاماً) استطلاعات الرأي على صعيد البلاد كما في معظم الولايات المتأرجحة التي تبدّل ولاءها بين الحزبين الجمهوري، والديمقراطي، وتعد حاسمة بالنسبة لنتيجة الانتخابات في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني. لكن ترامب يخوض حملته الانتخابية بشراسة إذ يتنقل بين هذه الولايات على متن طائرته الرئاسية «إير فورس وان»، في وقت يتّبع بايدن استراتيجية أهدأ. ومع تاريخه كشخصية استعراضية ماهرة، ونقاشاته الحامية، يأمل ترامب بأن تدفع به المناظرة التي ستجري في كليفلاند ليتصدر النتيجة. بنود خاضعة للتعديل ونظراً إلى القيود المفروضة جرّاء «كوفيد-19»، جرت معظم فعاليات هذا الموسم الانتخابي عن بعد. ويزيد ذلك من أهمية أول مناظرة من ثلاث تتواصل كل منها 90 دقيقة، وحيث سيقارن الأمريكيون بين المرشحين اللذين يتهم كل منهما الآخر بأنه يشكل تهديداً للولايات المتحدة. وأعلن مذيع «فوكس نيوز كريس والاس» الذي سيدير المناظرة، أنها ستتمحور حول 6 ملفات؛ من بينها جائحة «كورونا»، والمحكمة العليا، والاقتصاد، والقضايا العرقية والعنف، فضلًا عن نزاهة الاستحقاق الرئاسي المقرّر في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني. وقالت لجنة المناظرات الرئاسية، إن الموضوعات المُدرجة للمناقشة تخضع للتغييرات المحتملة بسبب تطورات الأحداث، موضحة أنه تم الإعلان عن مواضيع المناقشة المقبلة مسبقاً من أجل تشجيع المناقشة العميقة للقضايا الرئيسية التي تواجه البلاد. البراعة الخطابية مقابل البرود وسيكون على ترامب الإجابة عن أسئلة تتعلق بوفاة 200 ألف شخص بكوفيد-19، وتداعيات الوباء الاقتصادية، وأخبار الفضائح والفوضى التي تعصف بإدارته بين حين وآخر. ولدى ترامب ثقة كبيرة ببراعته على المسرح. لكن بخلاف التودد الذي يقابل به في اتصالاته الأسبوعية مع «فوكس نيوز» أو الأجواء الداعمة في التجمّعات الانتخابية، سيجد نفسه بمواجهة خصم يصفه علناً ب«السام». وقال الخبير الاستراتيجي الجمهوري ستيف شميدت، المعارض لترامب «عندما يصعد جو بايدن إلى مسرح المناظرة، ستكون تلك أول مرة منذ أربع سنوات يحظى الأمريكيون فيها بفرصة لمواجهة دونالد ترامب على ما قام به». أما بايدن، فسيكون عليه الثبات فحسب باعتباره متقدماً في الاستطلاعات. لكنه سيواجه خصماً يصفه كثيرون بالأكثر استفزازاً على الساحة. وقال مدير مركز دراسات الكونجرس والرئاسة في الجامعة الأمريكية، ديفيد باركر «لا يوجد شك فعلياً في أن ترامب سيحاول الإيقاع به». وأضاف أن «لدى بايدن تاريخاً طويلاً كشخصية يسهل استفزازها، وجاءت معظم زلّاته التي يمكن تذكرها عندما كان يرد على سؤال أو تعليق استفزه». مؤشرات الفوز في الجولة الأولى وقضى ترامب شهوراً وهو يعلّق على حالة بايدن العقلية. ويقول إن نائب الرئيس الأسبق في وضع ذهني سيئ للغاية، حتى أنه طرح احتمال أن يكون بايدن تناول عقاقير تحسّن أداءه في الانتخابات التمهيدية، كما اعتبر رفضه الخضوع لاختبار المنشطات قبل المناظرة يثير تساؤلات. لكن بايدن خاض تجربة المناظرات في انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية في وقت سابق هذا العام. كما ألقى سلسلة خطابات لاقت ترحيباً بشكل عام خلال حملة الانتخابات. وقال مدير المناظرات في جامعة ميشيجان والمؤلف المشارك لكتاب «مناظرة دونالد» آرون كال إنه «عادة تكون أول مناظرة الأصعب بالنسبة للرئيس». وأضاف «عندما تكون رئيساً، تكون نوعاً ما في فقاعة، وتاريخياً تجري هذه المناظرة الأولى بشكل أفضل بالنسبة للخصم». وتقام المناظرة الأولى في مدينة كليفلاند في أوهايو، التي تعد من الولاية المتأرجحة بين بايدن، وترامب، حيث يمكن أن تؤدي نتائج المناظرات الرئاسية إلى ترجيح كفة أحدهما، وتكشف مبكراً عن الفائز المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة في 3 نوفمبر المقبل. ومع ذلك، يرى محللون أنه بالنسبة للمشاهدين ومستخدمي الإنترنت، لن يكون لهذه المناظرة تأثير حاسم في مجريات الانتخابات. ويذكّر هؤلاء بعام 2016، حين اعتبرت المرشحة كلينتون منتصرة بعد المناظرات الثلاث، قبل أن تخسر الانتخابات. إحراجات مشتركة ويجد الرئيس دونالد ترامب نفسه في موقف دفاعي للرد على المعطيات الخطيرة التي كشفتها صحيفة نيويورك تايمز حول وضعه الضريبي، عشية المنازلة، وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الملياردير دفع 750 دولاراً فقط كضرائب على الدخل عام 2016، أي العام ذاته الذي فاز فيه بالانتخابات الرئاسية. كما يواجه بايدن إحراجاً مماثلاً بعدما نفت جامعة أمريكية أن يكون المرشح الديمقراطي التحق بها، أو كان أحد طلابها، بعد أن قال إنه بدأ«دراسته هناك»، ما وضعه في موقف «عصيب». وذكرت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أن المرشحين لن يتصافحا في المناظرة، في إطار تدابير التباعد الاجتماعي. ونقلت المجلة عن مسؤولين في حملتا المرشحين، قولهم إن ترامب، وبايدنن ومذيع قناة فوكس نيوز الذي سيدير المناظرة، كريس والاس، لن يرتدوا أقنعة وجه (كمامات)، وسيقف الرئيس الأمريكي إلى اليمين ومنافسه إلى اليسار على المنصة الخاصة بهما. وذكرت «بوليتيكو» أن عدد الحضور سيكون محدوداً بين 75 و80 شخصاً، وسيتم إخضاعهم جميعاً لاختبارات «كوفيد-19» قبل حضور المناظرة.
مشاركة :