غادة السمان : يا دمشق وداعاً

  • 8/4/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتابع الكاتبة السورية، غادة السمان، في روايتها الجديدة (يا دمشق وداعاً.. فسيفساء التمرد)، معاركها الأدبية والفكرية من أجل هدف اختصرته بحرف (الحاء)، ليشمل عالما سعت إلى تحقيقه يقوم على عمودي وجود هما (الحرية) و(الحب). والحرية هنا لا تقتصر على مجرد ممارسة الحق السياسي بأشكاله المختلفة، بل تتجاوز ذلك إلى وجوه اجتماعية متعددة تجعل الإنسان شبه مستعبد فيها، باسم السلطة الذكورية وباسم التقاليد الاجتماعية والمفاهيم التي يسميها البعض دينية. كما أن الحرية في العمل، لا تنفصل عن (حاء) أخرى بل عن اثنتين هما الحق في الحب. والحق في الحب لا يقتصر على حق الإنسان في أن يحب ويكون محبوباً، وأن يختار توأم روحه ورفيق عمره، بل يشمل هنا الإيجاب والسلب.. أن تختار من تريده رفيقا للطريق، وأن يكون لك الحق أن تقول له وداعا. إذ انتهت القصة إذا اكتشفت أن توقعاتك وأحلامك لم تكن في موضعها. تحد أما زين الخيال بطلة غادة السمان في العمل، فواجهت المجتمع الذي كان ضاريا معها في حالتي الإيجاب والسلب. إذ اختارت من تحب وتزوجته، متحدية غضب مجتمعها.. ثم أثارت غضب هذا المجتمع عندما أخذت بزمام المبادرة ومارست حريتها معلنة أنها تريد أن تطلق هذا الذي أحببته في البداية، وما لبثت أن اكتشفت أنه تحول إلى شبه جلاد لها وإلى زير نساء وإلى متحكم ذكوري يعيش بعقلية قرون مضت. ولا يمكن للحرية الاجتماعية أو للظلم الاجتماعي هنا، خاصة عندما تكون الأنثى أديبة كاتبة، من أن يتقاطع مع الاستبداد السياسي أو مع قمع بوليسي يفرضه متحكم برقاب الناس. وكان أمام زين الخيال خياران، الأول هو أن تدفع الثمن غاليا من أنوثتها وكرامتها، أو أن تختار المنفى إذا كانت حسنة الحظ.. إلى درجة أن يتاح لها الهرب إليه. منفى إنها هنا رمز التحدي ونشر جراثيم التمرد والحرية بين النساء، ولذا تخلى عنها الجميع إلا أقلية محبة مناضلة. ومن هنا انتهت بعيدة عن دمشق ستينات القرن العشرين.. دمشق التي تعشقها لكنها كانت على رغم الغصة تحب منفاها، أي لبنان بحرياته وازدهاره الثقافي في تلك الحقبة. وعندما جاء والدها الذي كان صديقها وداعمها الرئيسي لزيارتها في لبنان وتوفي بنوبة قلبية، وصفت بطريقة مؤثرة وداعها الأخير له عند الحدود اللبنانية السورية ليلا. وكيف راقبت وسط دموعها الأضواء الخلفية لسيارة دفن الموتى تبتعد به وسط الظلام وقد حالت بينها وبين اللحاق بالموكب ما أسمته أسوار دمشق اللامرئية.

مشاركة :