مصريون بجيوب خاوية يسابقون الزمن لدفع غرامات المصالحة | | صحيفة العرب

  • 10/5/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - يجد مئات الآلاف من المصريين أنفسهم في سباق مع الوقت لجمع مبالغ تفوق قدرتهم، لإنقاذ بيوتهم، حيث وضعت الحكومة المصرية مهلة زمنية تنتهي موفى الشهر الجاري لدفع غرامات وإلا فإن الهدم ينتظر منازلهم المبنية بشكل غير مرخص في مناطق زراعية. من بين هؤلاء شيماء صالح البالغة من العمر 35 عاما، والتي تقضي لياليها دون أن يغمض لها جفن وهي تفكر كيف لها الحصول على مبلغ يعادل حوالي 1000 دولار لإنقاذ منزلها غير المكتمل من الهدم. يقول مسؤولون إن قانون التصالح على مخالفات البناء الذي تم إقراره العام الماضي هو جزء من حملة على المباني غير القانونية التي تخالف معايير السلامة، وتعيق حركة المرور والتنمية، وتتعدى على الأراضي الزراعية الخصبة. ويضيفون إنه جزء من حملة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتحديث البنية التحتية والإسكان والتعامل مع عقود من البناء العشوائي الذي استشرى بعد انتفاضة 2011. لكن بالنسبة للسكان، يمثل تهديد الهدم ضربة جديدة بعد سنوات من التقشف الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، ومؤخرا تداعيات فايروس كورونا الذي أرخى بظلاله على حياتهم. وقالت شيماء، وهي من سكان قرية دفرية بمحافظة كفر الشيخ “أكافح واشتغل في جمع المحاصيل (الزراعية) باليومية عشان أجيب أكل لبناتي الثلاث من بعد ما مات زوجي في الكويت منذ سنة”. وأضافت “دخلي حوالي 1500 جنيه (95.48 دولار) من شغلي ومن معاش (راتب التقاعد) أبويا المتوفي. الحكومة تريد 15 ألف جنيه عشان التصالح. اجيب منين فلوس المصالحات؟” وبدأ زوجها الراحل، والذي كان عامل معمار، في بناء المنزل المبني من الطوب الأحمر في عام 2014 دون تصريح وأضاف لاحقا طابقين لم يتم استكمالهما، وهو نمط سائد في مصر حيث كان البناء العشوائي هو القاعدة منذ فترة طويلة. حال شيماء ينسحب على المئات الذين قالوا إنهم يعانون لدفع رسوم تصالح تتراوح بين 50 و2000 جنيه للمتر المربع الواحد. وأدت حملة الحكومة إلى توتر في بعض المناطق. وقال سكان في قرية سرياقوس الواقعة على مشارف القاهرة إن جرافات هدمت أربعة منازل غير مرخصة في أواخر أغسطس قبل انتهاء المهلة المحددة لتسوية المخالفات. ورشق سكان غاضبون الجرافات والعمال الذين كانوا برفقة رجال الشرطة بالحجارة، بحسب ما نقله السكان ومقطع فيديو نُشر على الإنترنت. ورفضت وزارتا الإسكان والتنمية المحلية التعليق على شكاوى من عمليات الهدم قبل الموعد النهائي. ولم ترد السلطات المحلية في محافظة القليوبية على أسئلة بشأن الواقعة التي شهدتها سرياقوس، لكن مسؤولًا أمنيا قال إن الشرطة ألقت القبض على 15 رجلا لقيامهم بأعمال شغب. وكشفت جماعة حقوقية أن السلطات المصرية اعتقلت عدة مئات في الأيام الأخيرة وسط تقارير عن مظاهرات صغيرة ومتفرقة ضد السيسي. واشتكى الرئيس من ضعف الإقبال على التقدم بطلبات للتصالح، وهدد في تصريحات تلفزيونية بنشر الجيش في القرى لهدم المنازل المخالفة إذا لم تتوقف المخالفات. وقال بعض سكان سرياقوس إنهم سارعوا بتقديم طلبات تصالح على منازلهم بعد الواقعة. وحذرت ليلاني فرحة، التي زارت مصر بصفتها مقررا خاصا للأمم المتحدة بشأن الحق في السكن في 2018 وتترأس الآن مجموعة (ذي شيفت) المعنية بالحق في السكن، من أن الحملة على البناء المخالف قد تثقل كاهل الفقراء بالديون. وقالت “كثيرون ممن يبنون ليسوا أثرياء بالطبع وليس لديهم الموارد لدفع غرامة. لا يمكنك استخراج الماء من حجر”. ورافقت الحملة على البناء المخالف طفرة في تشييد الطرق السريعة والجسور والمدن الجديدة والمناطق الصناعية تحت قيادة الجيش، ولم يتباطأ العمل في هذه المشروعات حتى في ظل جائحة كورونا. وقال السيسي، الذي أمر الحكومة مؤخرا ببناء مليون وحدة سكنية جديدة، إن كل مصري يريد شقة سكنية سيحصل عليها. وصرح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن رسوم التصالح على مخالفات البناء التي يمكن سدادها على مدى ثلاث سنوات سيتم استثمارها في تحسين البنية التحتية. ويقول المسؤولون إنهم يكافحون أيضا للحفاظ على الأراضي المحدودة الصالحة للزراعة. وبلغ عدد سكان مصر 100 مليون هذا العام، ويعيش 97 في المئة منهم على 8 في المئة فقط من أراضي البلد الصحراوي على طول نهر النيل. وظهرت تجمعات عمرانية كاملة حيث استغل كثيرون من الناس التراخي في إنفاذ القانون في ظل الاضطرابات التي أعقبت 2011. وقال مدبولي إن مصر خسرت 90 ألف فدان من الأراضي الزراعية (37800 هكتار) نتيجة لذلك. في المقابل يقول مواطنون إنهم يتعرضون لضغوط مالية بعد أن غضت الدولة الطرف عن مساكنهم لسنوات، بينما تحدث آخرون على أن أصحاب العقارات باعوا لهم شققا بدعوى أنها بنيت بشكل قانوني. وقال ثلاثة من صغار المقاولين وأصحاب مبان سكنية مرتفعة إنهم اضطروا لدفع الملايين لتسوية مخالفات مبانيهم وحذروا من أن هذا من شأنه أن يقوّض أعمالهم. وتحدث أحدهم على أن أربعة من أبراجه السكنية هُدمت في مارس الماضي. وخففت الحكومة من موقفها في الأسابيع الأخيرة من خلال تمديد الموعد النهائي لتقديم طلبات التصالح لمدة شهر واحد والذي كان محددا في البداية في 30 سبتمبر، كما خفضت رسوم التصالح. وذكر بيان لوزارة التنمية المحلية أن السلطات جمعت حوالي 7 مليارات جنيه رسوم تصالح بحلول منتصف سبتمبر. وقد ورد حوالي 1.1 مليون طلب تصالح حتى ذلك التاريخ.

مشاركة :