يد النهضة تمتد لخنق حرية التعبير وضرب استقلالية الإعلام في تونس | | صحيفة العرب

  • 10/4/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - تضع حركة النهضة الإسلامية وحلفائها مشروع تنقيح القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري في صدارة أولوياتها خلال الدورة التشريعية الثانية، رغم معارضة هياكل القطاع الإعلامي وبقية القوى السياسية. ومنذ الاعلان عن مبادرة ائتلاف الكرامة لتنقيح المرسوم 116 المتعلّق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، طالبت عديد الجهات على غرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري "الهايكا" ونقابة الصحافيين والاتحاد العام التونسي للشغل بإسقاط المبادرة لخلفياتها السياسية المعروفة. واعتبروه خطرا يُهدّد استقلاليّة الإعلام وحرية التعبير ويساهم في خلق الفوضى في المشهد الإعلامي، ويفتح الباب أمام المتطرّفين لإطلاق إذاعات وقنوات تلفزيّونية تخدم أطرافا حزبية وسياسية دون قانون أو رقابة وهذا ما يسعى إليه نواب حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس بهدف تركيع الإعلام والتحكم في القطاع السمعي البصري. وعبّرت عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين أميرة محمد، في تصريح لـ"العرب"، عن رفض النقابة لتمرير مشروع تنقيح المرسوم، الذي يحتوي "فصلا يهدد استقرار الدولة بأكملها" فعودة القنوات التلفزيونية للعمل دون ترخيص يعني فتح الباب "أمام دول وتنظيمات وجهات ذات نفوذ يمينا ويسارا لاستثمار أموالها وخدمة أجندات مختلفة لضرب الدولة التونسية"، على حدّ قولها. واستشهدت محمد بمحاولة قنوات تلفزية التأثير في مسار العملية الانتخابية، معتبرة أنّ الطريق الذي تنتهجه حركة النهضة وحليفيها في البرلمان "محاولة لضرب الديمقراطية الناشئة". وأوضحت محمد أنّ أمام البرلمان التونسي "مشروع قانون أساسي كامل يتعلّق بحريات الاتصال السمعي البصري ويحظى بتوافق الهياكل المهنية والحكومة، تم إيداعه من قبل الحكومة إلا أنّه لقي تجاهلا ولم يتم عرضه حتى على مستوى اللجان، في حين طالبت كتلة ائتلاف الكرامة باستعجال النظر في تنقيح المرسوم 116" بما يخدم أجنداتها السياسية. ومن المقرّر أن يعرض مشروع التنقيح، المتعلّق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، ضمن جدول أعمال الجلسة العامة الثانية للبرلمان والتي ستنعقد أيام 13 و14 و15 أكتوبر الجاري، وهو في الأصل مبادرة تشريعية تقدم بها ائتلاف الكرامة وتلقى رفض الهياكل المهنية والهايكا وحتى الحكومة التونسية السابقة. وأشارت محمد في تصريحها لـ"العرب" إلى أنّ نقابة الصحافيين تعتبر هذا التنقيح "معاديا لحرية التعبير وأي نائب سيقوم بالتصويت مع القانون سيعتبر عدوا لحرية التعبير وعدوا للصحافيين وللقطاع الإعلامي بأكمله". وأضافت "نعمل جاهدين على دفع النواب للتعبير بوضوح، من مع حرية التعبير ويدعم مناقشة قانون حرية التعبير الاعلامي والصحافي فعلا ومن ضدّ بدعمه مشروع تنقيح المرسوم 116". وتابعت أميرة محمد التي تصدرت نتائج انتخابات النقابة التي جرت مؤخرا " كان يجدر على النواب أن يدفعوا الدولة إلى مراقبة مدى احترام المؤسسات الإعلامية لكراس الشروط والتزامها بتشغيل نسبة 50 بالمئة من العاملين فيها من خريجي الصحافة والإعلام وفي أي وضعية يعملون" عوض تشجيعهم على العمل دون رقيب أو حسيب. وأكدت عضو المكتب التنفيذي "نحن قطاع نوعي، لا نسعى للكسب المادي بقدر ما نسعى للعمل في مؤسسات تحترم القانون وتلتزم بمواثيق وأخلاقيات المهنة الصحفية" وتابعت "اليوم يحصل الصحافيون على رواتب محدودة في حين يحصل "الكرونيكور" المنشطون على رواتب خيالية" ولم يطالب أي نائب الجهات الرسمية بالتدخل لصالح الصحافيين. وتدعي حركة النهضة وحليفيها (ائتلاف الكرامة وقلب تونس) أنّ هذه المبادرة ستدعم سوق الشغل وتتيح فرصا أكثر للصحافيين الذين يشكون من ارتفاع معدلات البطالة وكثرة الدخلاء، وظروف العمل الخارقة للقوانين والمواثيق المهنية. وهو ما أصرت محمد على نفيه بقولها إنه "مشروع يراد منه استعطاف الصحافيين العاطلين على العمل وذوي الدخل المحدود بتعلة فتح سوق الشغل وتوفير فرص العمل، لكنّ هذا السيناريو شبيه بما حصل في 2011 وأغلب القنوات لم تستمر إلى اليوم ولم توفر للصحافيين حقوقهم كاملة". وأوضح رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان نور الدين البحيري أن كتلته بصدد الحوار مع بقية أطراف الائتلاف البرلماني المساند للحكومة والأطراف السياسية الأخرى بخصوص تعديل المرسوم بما يخدم المصلحة العامة للمشهد الاعلامي وحماية حياد الهيئة المستقلة للاتصال السمعي والبصري، وفق تقديره. ويتضمّن مقترح قانون ائتلاف الكرامة إضافة فصل 17 مكرر للمرسوم 116 ينص على أنه "لا يخضع إحداث القنوات الإذاعيّة أو التلفزيونية الفضائية لأي ترخيص لكن على كل من يحدث قناة فضائية أن يقوم بإيداع تصريح بالوجود لدى كتابة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري مقابل وصل في ذلك، يتضمن كل المعطيات المتعلّقة باسم الشخص أو المؤسسة المالكة للقناة ومقرّها ورقم سجلّها التجاري ومعرّفها الجبائي وبقائمة في أسماء مؤسسيها ومسيريها". وفي الإطار الحالي الذي ينظم القطاع السمعي البصري ويشترط العمل وفق تراخيص وكراس شروط، مازالت نقابة الصحافيين التونسيين والهايكا، تبحثان وراء تمويلات بعض القنوات، ومحاولة فكّ نقاط الاستفهام الكبرى التي تحوم حول مالكيها الحقيقيين، والسعي لافتكاك حقوق العاملين فيها وضمان حرية التعبير والالتزام بأخلاقيات المهنة. ولم يحظ مشروع تنقيح المرسوم برضاء رئاسة الجمهورية، اذ عبّر الرئيس قيس سعيد عقب لقاء نقيب الصحافيين السابق ناجي البغوري أنه لن يسمح بمرور أي مشروع قانون يكون مخالفا لأحكام الدستور وللمكاسب التي جاء بها لضمان حرية الرأي والتعبير والتفكير، أي أنه لن يختم مبادرة ائتلاف الكرامة في حال المصادقة عليها خلال الجلسة العامة. وفي هذا السياق، عبّرت محمد على أمل النقابة في أن يقوم رئيس الجمهورية قيس سعيد بدوره الفعلي "ويكرّس كلامه على أرض الواقع ويثبت أنه حامي حرية التعبير وحامي الحقوق والحريات في تونس، ويثبت أن كلامه ليس مجرد شعارات ووعود". وفي حال تم المصادقة على القانون وختمه رئيس الجمهورية "سنقوم بتحديد خطواتنا الاحتجاجية القادمة" حسب قولها. وكانت الكتلة الديمقراطية، وهي إحدى المكونات السياسية بالبرلمان، عبّرت عن رفضها لمشروع قانون تنقيح المرسوم، معتبرة أنّ الهدف من المبادرة تصفية حسابات سياسية مع مجلس الهايكا في لجنة يترأسها عضو عن حزب قلب تونس المعلوم عداوة رئيسه نبيل القروي لمجلس الهايكا، وخرقه للقوانين عبر قناته التلفزيونية، وقد اعترض ممثلو الكتلة الديمقراطية خلال عملية التصويت على مشروع القانون. من جانبه، أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، نوري اللجمي، في تصريح خلال مؤتمر النقابة الوطنية للصحافيين، آخر الشهر الماضي، أنّ مبادرة ائتلاف الكرامة مخالفة للدستور وتهدف لنسف حرية التعبير ووضع اليد على المؤسسات الإعلامية. وأشارت منظمة البوصلة إلى "تضارب مصالح، لدى الجهة المبادرة (ائتلاف الكرامة) وأعضاء لجنة الحقوق والحريات المصادقة على مشروع تنقيح المرسوم عدد 116 ، إذ أنّ رئيسة اللجنة من كتلة قلب تونس ونائب الرئيس ومقرّر اللجنة ينتمي إلى كتلة ائتلاف الكرامة، وفي الوقت ذاته ينص مقترح القانون على حذف شرط الترخيص لإحداث القنوات الفضائية والإذاعية، وهو ما من شأنه أن يمكّن بعض الأطراف المنتمية للكتل المذكورة وبعض الأطراف الموالية لها من تسوية وضعية قنواتها وإذاعاتها غير القانونية". وكان نقيب الصحافيين التونسيين السابق ناجي البغوري، علّق على مصادقة لجنة الحقوق والحريات على مبادرة تنقيح المرسوم 116، وقال في تدوينة له “قريبا في تونس إذاعة داعش وتلفزيون جبهة النصرة وقناة جند الخلافة". وتابع إن تنقيح المرسوم تم كما تريده النهضة وإئتلاف الكرامة وقلب تونس، وأضاف قائلا “الإرهاب يتمدد في حضن الدولة". والمرسوم رقم 116 الصادر في 2 نوفمبر 2011، يتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، وبحرية ممارسة الهيئة مهامها باستقلالية تامة دون تدخل من أي جهة. وتراقب الهيئة التزام الإذاعات والقنوات التلفزيونية بالقانون ويحق لها فرض عقوبات على كلّ من يتجاوز أخلاقيات المهنة، إلاّ أنّ العديد من الأشخاص النافذين في البلاد قاموا بالتمرّد على قانون الاتصال السمعي البصري وأحدثوا قنوات تلفزيونية وإذاعات غير قانونية على غرار قناة نسمة لصاحبها رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي وإذاعة القرآن الكريم لصاحبها رئيس حزب الرحمة سعيد الجزيري، وقناة الزيتونة المدعومة من النهضة. وتمرّدت هذه القنوات على “الهايكا” ولم تخضع لقراراتها واستمرت في البثّ بطريقة غير قانونيّة، كما أنّ العديد من الأحزاب الإسلامية تعمّدت ممارسة أسلوب الضغط على العديد من القنوات التلفزيونية والإذاعية.

مشاركة :