في حين تمضي الأزمة اليونانية نحو مرحلتها التالية، تواجه ألمانيا، واليونان، والأطراف الأخرى الثلاثة المكونة من صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، والمفوضية الأوروبية -التي يطلق عليها «الترويكا»- انتقادات شديدة. وعلى رغم أن هناك الكثير من اللوم الذي يمكن أن يوجه لهذه الأطراف، فإننا يجب ألا يغيب عن أنظارنا ما يدور بالفعل على أرض الواقع. والحقيقة أنني أتابع الأزمة اليونانية عن كثب منذ خمسة أعوام على وجه التقريب، وأنا على تماس مباشر مع أطرافها المختلفة، وقد أمضيت الأسبوع الماضي في أثينا مستمعاً للمواطنين العاديين الكبار منهم والصغار، ومنصتاً للمسؤولين الحاليين والسابقين، وقد توصلت من خلال ما سمعته وما رأيته إلى تقييم مؤداه أن هذه الأزمة تتعلّق بأمور أكبر كثيراً من مشاكل اليونان واليورو وحدها. وبعض القوانين الأساسية المطلوب تطبيقها من قبل «الترويكا»، تتعلّق بالضرائب والنفقات، كما تتعلّق بالتوازن بين الاثنين، وبالأنظمة واللوائح التي تؤثر على أسواق بعينها، والشيء اللافت للنظر بالنسبة إلى البرنامج الجديد المسمى «المذكرة الثالثة» هو أننا لو نظرنا إليه من جانبيه، فسنجده أنه لا معنى له سواء لليونان أو الدائنين. الدرس الإندونيسي وعندما أمعنت النظر في قراءة التفاصيل، تولّد لديّ إحساس بأنني أمام حالة حدثت من قبل، فعندما كنت أشغل منصب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي في أواخر عقد التسعينيات من القرن الماضي، رأيت في شرق آسيا الآثار المدمرة للبرامج التي يتم فرضها على الدول عندما تلجأ إلى صندوق النقد الدولي طلباً للمساعدة. وهذه الآثار المدمرة لا تنتج عن خطط التقشف فحسب، وإنما أيضاً عما يطلق عليه الإصلاحات الهيكلية، التي يطلب الصندوق من مثل تلك الدول إدخالها على اقتصاداتها حتى تتمكن من الحصول على القروض التي تطلبها من الصندوق. ولم يقتصر الصندوق على ذلك فحسب، بل كان يقيد مثل تلك الدول بمئات الشروط، بعضها معقد، وبعضها بسيط، وبعضها سليم، وبعضها خاطئ، وبعضها لا لزوم له على الإطلاق، ولكن معظمها كان يفتقد إلى التغييرات الكبيرة والفعالة، التي كانت تتطلبها الظروف السائدة. ... المزيد
مشاركة :