يرى مراقبون أن موضوع اللاجئين والاندماج في ألمانيا قد أصبح من المواضيع الرئيسية التي بنت عليها الأحزاب سياستها الانتخابية للمرحلة المقبلة، ما أثار مخاوف من تحول اللاجئين إلى كبش فداء لهذه الانتخابات. في الأسبوع الأخير من شهر/ أيلول/ سبتمبر القادم، ستكون ألمانيا على موعد لانتخاب برلمان جديد، وبالنظر إلى برامج الأحزاب الالمانية، يجد المراقب أن موضوع اللاجئين والاندماج في ألمانيا قد أصبح من المواضيع الرئيسية التي بنت عليها الأحزاب سياستها الانتخابية للمرحلة المقبلة. هذا الأمر بدأ يتركز في انتقاد خطة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السياسية، واتهامها بأن سياستها أضعفت أوروبا وألمانيا، كما ورد على لسان مارتن شولتس الخصم الاشتراكي الديمقراطي لانغيلا ميركل في الانتخابات التشريعية. ويبدوا أن شولتس بدأ يحصد في الانتخابات البرلمانية القادمة استحسانا وانتقادا في الوقت ذاته من حزب البديل لأجل ألمانيا "ِAFD"، المعارض للاتحاد الأوروبي والمناوئ لعمليات إنقاذ اليورو، كرد فعل على تحذيره من حدوث أزمة لاجئين جديدة. إذ صرح نائب أحد رئيسي الحزب المعارض ألكسندر غاولاند بأن "شولتس أقر أنه لا يمكن أن يصمت على استمرار الهجرة غير الشرعية الحاشدة إلى أوروبا حتى يوم 24 أيلول/سبتمبر". وأكد أن مناقشة الأزمة يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من المعركة الانتخابية، وقال: "وفي هذا الشأن كان مارتن شولتس محقا لمرة واحدة بشكل استثنائي". اللاجئون والانتخابات من جهته، يرى مستشار وزارة الداخلية لشؤون مؤتمر الإسلام الألماني سامي شرشيرة في حوار مع DW عربية أن موضوع اللاجئين أصبح محورا أساسيا في الحياة السياسية في ألمانيا ، لذلك أصبح من الطبيعي جدا طرحه ضمن فترة التحضير للانتخابات البرلمانية المقبلة، إلا أن شرشيرة يرى أن التركيز على قضية اللاجئين أخذت أيضا أبعادا أكبر من حجمها، وهو ما ينذر بتحول قضية اللجوء إلى "كبش فداء" في خضم المعترك الانتخابي ويقول" قضية اللاجئين أصبحت جزءا أساسيا أو شغلت حيزا كبيرا من البرامج الانتخابية للعديد من الأحزاب الألمانية"، ويتابع "أنظر مثلا حزب البديل لألمانيا، أو التقييدات التي يطالب بها الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الأستاذ سامي شرشيرة ويرى مراقبون أن شولتس زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد أدخل قضية اللاجئين في برنامجه الانتخابي على أمل اللحاق بمنافسته المتقدمة بفارق كبير في استطلاعات الرأي. كما حذر منافس المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على المستشارية في الانتخابات البرلمانية المنتظرة في شهر أيلول/سبتمبر القادم من تكرار أزمة اللاجئين التي حدثت في عام 2015. إنتقاد سياسة ميركل بشأن اللاجئين جاء أيضا من جانب حلفائها، حيث أعرب رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا الألمانية هورست زيهوفر، الشقيق الأصغر للحزب المسيحي الديمقراطي في الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل، والذي يشكل حاليا الائتلاف الحاكم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أنه لم يتم حل مشكلة اللاجئين حتى الآن، وقال: "في الوقت الحالي هدأ الوضع، ولكننا جميعا نعرف أن موجة الهجرة سوف تستمر". وحمل زيهوفر على ميركل بأن فتحها الحدود أمام اللاجئين في عام 2015 أدى إلى عدم حصول الاتحاد المسيحي على أغلبية مطلقة في الانتخابات البرلمانية القادمة، ولا زال بين السياسيين خلاف جوهري في قضية اللاجئين يتعلق بفرض سقف أقصى لعدد اللاجئين الذين يتم قبولهم داخل ألمانيا. وهو مطلب زيهوفر الذي تعارضه ميركل بقوة. الفصل بين الإسلام واللاجئين ويرى الخبير في شؤون الهجرة والاندماج شرشيرة بأن معظم الأحزاب الألمانية فصلت بين موضوع الإسلام في ألمانيا وموضوع اللاجئين، وهو أمر "جيد"، إلا أنه يعتقد أن الرابط بين الأمرين قد يزداد صلة مع اقتراب موعد الانتخابات، ويقول "لغاية الآن بقي موضوع الإسلام في ألمانيا، بعيدا عن المناوشات الانتخابية، إلا أنني أعتقد أن موضوع الإسلام وأسلمة ألمانيا قد يتم طرحها مع اقتراب موعد الانتخابات". ويرى شرشيرة أن التوتر في العلاقات أثر سلبا على حياة المسلمين في ألمانيا، فبعض الجمعيات الإسلامية في ألمانيا، فقدت الدعم الحكومي الألماني بعد اتهاماها بأنها يد لأردوغان في ألمانيا، كما أن هنالك مطالب من قبل بعض الأحزاب الألمانية بمراقبة أكبر حزما لهذه الجمعيات من قبل الدولة. الأستاذ محمد عسيلة خبير شؤون الاندماج في ألمانيا الخوف من الأحزاب المتطرفة مستشار شؤون الاندماج في مدينة دوسلدورف، عاصمة ولاية شمال الراين وستفاليا، محمد عسيلة أكد في حوار مع DW عربية أنه آن الأوان للساسة الألمان أن يتوقفوا عن تغليب ثقافة على أخرى، خاصة إن كانت مسيحية، وقال عسيلة إن المستشارة الألمانية والرئيس الألماني السابق غاوك أكدوا مرارا على أن الإسلام هو جزء من ألمانيا، كما اعتبر أن ألمانيا هي بلد متعدد الثقافات، لذلك فإن هذا الكلام لا يخدم الاندماج كما يطالب به الوزير الألماني. وقال عسيلة إن المسلمين في ألمانيا يرحبون بالتحاور مع أي حزب، ولا يرون أن هناك فرقا بين الأحزاب الألمانية، بشرط أن يتم هذا الحوار بناء على الدستور الألماني، واحترام حقوق الإنسان. وشدد الخبير من أصل مغربي على أن اللجوء حق لكل محتاج، ونصت عليه القوانين الدولية وألمانيا ملزمة أيضا بالاتفاقات الدولية التي تضمن هذا الحق، إلا أن المشكلة تكمن، كما يرى عسيلة، بعدم وجود التزام أوروبي متساو في قضايا اللاجئين، وهو ما دفع بألمانيا لتحمل العبء الأكبر. بالمقابل يرى شرشيرة أن على المسلمين في ألمانيا إبراز المزيد من التعاون والتعاضد، خاصة في المرحلة المقبلة، وذلك لعدم تحول قضية اللاجئين إلى قضية "أسلمة الدولة" كما تنادي بعض الأحزاب الألمانية، وحذر من دفع الأحزاب المتطرفة لهذا الأمر من أجل تأجيج المشاعر. وتابع "الأحزاب الألمانية باتت مدركة بأنها لن تستطيع منع حزب البديل من دخول البرلمان في المرحلة المقبلة، إلا أن هذا التشدد هو من أجل تقليص نفوذه لأدنى حد ممكن، لكن لا نريد أن يكون تقييد حياة المسلمين في ألمانيا هو الثمن" الكاتب: علاء جمعة
مشاركة :