لا زال الباب موارباً.. - أمجد المنيف

  • 8/6/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

** كل الأشياء ظلت رهينة العودة، تقتات على وعود سابقة، تمزق بعضها، وبقي بعض يقاوم الغياب، بصلاحية اللحظات الأخيرة، الممتدة حتى ما بعد الرحيل، والمختزلة لروح ما قبل اللقاء، وبقيت بعمر آخر التفاصيل المدهشة، التي تجردت من لذتها، بعدما قررت أن تكون شيئاً آخرَ لا يشبه كل أنواع الحضور. ** العابرون كثيرون، بصيغ متلونة، وظروف متباينة، وبنهايات تقليدية متشابهة، يجيدون الأدوار ذاتها، والأعذار نفسها، وحتى السوء، يحترفون استنساخه، ولا يظهرون سوى بنسخ سيئة، تشوه كل ما بعده، وأحلام ما قبله، ثم يتلاشون إلى "اللا وجود"، كأنهم لم يمروا من هنا.. وحدهم "الاستثنائيون"، الذي يحترفون صنع الارتباك، وتحريك "الكوامن" بدواخلنا، وفرض كل أنواع الجنون، القادرون على تحويلنا لآخرين، أطفالاً وعشاقاً ومجانين، يستفزون أجمل ما يسكننا، ويصنعون منا أشخاصاً يهتدون للحياة من جديد، ويعيدون اكتشاف الأشياء مرات أخرى. ** ونحن في مساحات الدهشة؛ كل الأشياء مبهرة، ولذة الاكتشاف "طفولية"، تفرح بالتفاصيل الصغيرة، التي نقبل معها كل شيء، ونتجاوز من أجلها الكثير، ونتعلم مهارة التفتيش، ونلاحق اللحظة باللحظة، شغفاً وفضولاً وحباً، ونركض كصبية؛ أحلامهم لا تتجاوز أبعد من الآن، ثم يتهاوى كل شيء فجأة.. عندما تغيب! ** عندما نتسكع في زوايا الحياة، ونحرث البلدان فضولاً؛ نزعم دوماً أننا نفتش عن الأماكن المنسية في قوائم أقدارنا، عن الزمن الفاصل بين مناطق الحضور والغياب، عن الوعود المنثورة على الشواطئ الرطبة، عن ليالٍ أبت الاستنساخ، عن الحب.. عن الراحلين عن أحلامنا، والهاربين لخيالات موقتة، عن كل التفاصيل.. والحقيقة أننا نبحث عنا وعنهم. ** دعينا نتراهن على طاولة الاحتمالات، نخمن من يفوز ثانية، من يكسر مسافة البعد ويأتي، من يطوي الغياب ويدسه في علبة صدِئة؛ ويقذفها في بحر الماضي، من يجدف في وجه الكبرياء، من يصرخ في وجه الاشتياق، من يعود طفلاً.. ويعود! ** هذا الصباح لم يولد تقليداً كأخوته، اختار أن يكون مختلفاً عن السياق، ومتمرداً على النسق، مولود بنكهة التغيير، بقرار التحول، وبجرأة الغياب.. بشجاعة مؤجلة، وبضعف مترصد، لأن المنعطفات في حياتنا هي مصادقة رسمية منا، ودونما نشعر، بالفرح تارة، وبالغضب تارات، وتعبير صريح للانتقال من مستوى لآخر.. نتأخر، عندما نتهرب، أو عندما تملينا الحياة، لكن القدر يخبرنا دائما أن قوائم الخيارات لا تنسدل باستمرار، وكعادته "أغسطس" يثبت لنا أن الشهور لا تحبل بالمفاجآت كما يفعل.. والسلام.

مشاركة :