تصعيد أنقرة ينذر بفشل اجتماع مينسك حول ناغورني قره باغ | | صحيفة العرب

  • 10/10/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تصطدم المساعي الفرنسية الروسية لتهدئة التوتر في إقليم ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا بتحريض تركيا لحليفتها باكو بالمضي قدما في خيار الحل العسكري بدل التسوية السلمية، ما يعقد الأزمة ويدفع باتجاه إطالة أمدها. وتجد باكو في الدعم التركي والتلكؤ الغربي المدفوع بحسابات جيوسياسية فرصة مواتية لفرض خياراتها في تسوية الأزمة. أنقرة- قال رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب الجمعة، إن المشرعين الأتراك قد ينظرون في موضوع إرسال قوات تركية إلى أذربيجان على خلفية النزاع المسلح الذي يشهده إقليم ناغورني قره باغ، في خطوة تتزامن مع انخراط باكو ويريفان في مفاوضات بينهما لتهدئة الأزمة برعاية مجموعة مينسك، ما ينذر بتقويضها. وأضاف شنطوب “خلال الأيام القليلة الماضية، أظهرت القوات الأذرية أنها قادرة على تحقيق النصر بمفردها، وإبداء العزم والمثابرة في تحرير الأراضي المحتلة. وإرسال قوات تركية إلى باكو لن يكون ضروريا ما لم تتدخل أطراف خارجية في هذا الصراع”. وتبدو تصريحات رئيس البرلمان التركي متسقة مع تصريحات الناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالين الذي توقع الجمعة فشل مساعي مجموعة مينسك (روسيا وفرنسا والولايات المتحدة) ما لم تنهِ “الاحتلال الأرميني” لناغورني قره باغ. وتأتي التنبؤات التركية بفشل اجتماع مجموعة مينسك متناقضة مع التفاؤل الدولي بالإعلان عن موافقة أذربيجان وأرمينيا على إعلان هدنة والبدء في مفاوضات جدية، حيث بدا الموقف التركي أنه الأكثر تشددا عبر وضع شروط وقيود مسبقة لنجاح الاجتماع. وقال كالين “إن الجهود التي تبذلها فرنسا والولايات المتحدة وروسيا لوقف العنف بين القوات الأذرية والأرمينية بشأن ناغورني قره باغ مصيرها الفشل ما لم تكفل أيضا انسحاب قوات أرمينيا من الإقليم”. وتندد أنقرة بما تصفه الاحتلال الأرميني لأراض أذرية في ناغورني قره باغ، المنطقة الانفصالية التي يقطنها ويديرها سكان من أصل أرمَني وتقع داخل أذربيجان، وقد تعهدت أنقرة بالتضامن الكامل مع أذربيجان ومساندتها عسكريا إن لزم الأمر. وانتقدت تركيا مرارا جهود مجموعة مينسك للتوصل إلى وقف إطلاق النار في المنطقة قائلة إن المجموعة لم تفعل شيئا على مدى نحو ثلاثين عاما من المحادثات. ويأتي التصعيد التركي في وقت أعلنت فيه فرنسا عن اقتراب التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار بين باكو ويريفان، تمهيدا لاستئناف المفاوضات بشأن وضعية الإقليم المتنازع عليه. وذكر مصدر في الرئاسة الفرنسية الجمعة إن هناك حاليا “تحركا نحو هدنة” في الصراع، مضيفا أن الوضع “ما زال هشا للغاية” مستشهدا بمكالمات هاتفية بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون وزعيمي الدولتين مساء الخميس وظهر الجمعة. وتابع المصدر أن “فرنسا تنسق مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وتعمل على استئناف المفاوضات في الأيام المقبلة”. وترأس روسيا وفرنسا والولايات المتحدة ما تسمى بمجموعة مينسك في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تقود الجهود الرامية لإيجاد تسوية سلمية للصراع منذ أعوام. وبدأت المفاوضات بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان بشأن ناغورني قره باغ حيث تتواصل المعارك، الجمعة في موسكو على ما أظهرت مشاهد بثتها وزارة الخارجية الروسية. وبعدما تجاهلتا الدعوات للتوصل إلى هدنة، أوفدت كل من باكو ويريفان وزير خارجيتها، إلى موسكو لإجراء مفاوضات سعى إليها الكرملين، ما يشكل أول بصيص أمل لوقف القتال الذي استؤنف في 27 سبتمبر. والمطلب الرئيسي لرئيس أذربيجان إلهام علييف للموافقة على وقف إطلاق النار هو أن تحدد أرمينيا إطارا زمنيا للانسحاب من ناغورني قرة باغ وأراض حولها تابعة لأذربيجان، فيما تستبعد أرمينيا الانسحاب من منطقة تعتبرها موطنا تاريخيا لسكانها. وقال علييف تزامنا مع وجود وزير خارجيته في موسكو إنه مستعد للعودة إلى المحادثات بشأن إقليم ناغورني قرة باغ، لكنه ليس مستعدا لتقديم تنازلات إلى أرمينيا ولن تتمكن أي دولة أخرى من التأثير على موقف باكو من الصراع. وأضاف علييف، في خطاب موجه إلى بلاده بثه التلفزيون، أن المحادثات لا يمكن أن تعقد إذا واصلت أرمينيا الإصرار على أن ناغورني قرة باغ جزء من أراضيها. وأشار إلى أن لجوء بلاده إلى القوة غيّر الحقائق على الأرض وأنه أثبت أن الصراع يمكن حله عسكريا. وساهم الدعم التركي لباكو منذ بداية الأزمة في تصلب مواقف الرئيس الأذري وجنوحه للحل العسكري بعد أن كانت في بداية المطاف ميالة إلى الحلول السلمية في إطار المساعي الدولية. وانبرت تركيا منذ الساعات الأولى لاندلاع الاشتباكات للتحريض على التصعيد، وسط تقارير عن إرسالها لمرتزقة سوريين للقتال إلى جانب باكو وهو ما لمحت إليه موسكو وأكدته باريس. وقال ماكرون “لدينا معلومات تشير بشكل مؤكد إلى أن مقاتلين سوريين من مجموعات جهادية انتقلوا عبر غازي عنتاب للوصول إلى مسرح العمليات في ناغورني قره باغ. فهذا واقع جديد خطير للغاية يغيّر الوضع”. وأضاف “اتفقنا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تبادل كل المعلومات المتوفرة لدينا حول هذا الوضع والقدرة على استخلاص كل العواقب”. ونقلت وكالة تاس للأنباء عن الكرملين قوله إن مجلس الأمن الروسي يعتبر أي نشر لمقاتلين من سوريا وليبيا في منطقة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان تطورا خطيرا للغاية، فيما أبلغ مصدران من المعارضة السورية المسلحة رويترز أن تركيا أرسلت مقاتلين سوريين لدعم أذربيجان. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون آخرون بأن تركيا نقلت عناصر تابعة لفصائل المعارضة المسلحة السورية إلى أراضي أذربيجان على خلفية التصعيد العسكري مع أرمينيا. وقال المرصد إن “دفعة من مقاتلي الفصائل السورية الموالية لأنقرة وصلت إلى أذربيجان، حيث قامت الحكومة التركية بنقلهم من أراضيها إلى هناك”. وأوضح المرصد أن هذه الدفعة “وصلت الأراضي التركية قبل أيام قادمة من منطقة عفرين شمال غربي حلب (…) دفعة أخرى تتحضر للخروج إلى أذربيجان، في إطار الإصرار التركي على تحويل المقاتلين السوريين الموالين لها إلى مرتزقة”. وتداول ناشطون أرمن مقطع فيديو يوثق حركة مكثفة لمسلحين يرددون هتافات باللغة العربية على متن عربات قيل إنها تتجه إلى جبهات القتال في صفوف أذربيجان ضد القوات الأرمينية. واتهمت أرمينيا تركيا بالفعل بالتورط المباشر في الصراع، قائلة إن مقاتلة تركية من طراز أف16 أسقطت طائرة حربية أرمينية، مما أسفر عن مقتل الطيار. وشهدت المنطقة تجددا للقتال منذ أواخر سبتمبر الماضي، حيث تشير فرنسا بأصابع الاتهام إلى أذربيجان، التي تحظى بدعم تركيا، في اندلاع القتال الأخير. وفي الخارج، يسود قلق من أن يتم تدويل هذا الصراع في منطقة حيث للروس والأتراك والإيرانيين والغربيين مصالح مختلفة، ولاسيما أن باكو تحظى بدعم تركي فيما ترتبط موسكو بمعاهدة عسكرية مع يريفان.

مشاركة :