تحذيرات من تداعيات الصدام بين المحامين والقضاة على صدقية القضاء الجزائري | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 10/11/2020
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

تجدد الصدام في الجزائر بين المحامين والقضاة على خلفية تصريحات رئيس نقابة القضاة يسعد مبروك المنتقدة لاحتجاجات المحامين الأخيرة والمشككة في أهدافها. ويحذر المتابعون من تداعيات هذا الصدام على صدقية وأداء القضاء الجزائري، داعين إلى ضرورة تخفيف الضغوط على القطاع والحرص على استقلاليته. الجزائر - عاد السجال مجددا بين المحامين والقضاة في الجزائر إلى الواجهة، بعد التصريحات الجديدة التي أدلى بها رئيس نقابة القضاة، بشأن تداعيات دخول التجاذبات السياسية على خط الأزمة على العلاقة المثالية بين الطرفين، في حين ذهب أحد وجوه الدفاع إلى التحذير من مغبة الغلو في المواقف، لما يخلفه على صدقية القضاء الجزائري في المحافل الدولية، وتعزيز الشكوك القائمة حوله لمّا يتعلق الأمر بالمطلوبين الدوليين. ودعا رئيس النقابة الوطنية للقضاة يسعد مبروك، في الدورة العادية لنقابته، إلى ضرورة ” تخليص القضاء من تأثير الأهواء السياسية والضغوط الفردية”، في إشارة إلى الخلفيات السياسية التي أحاطت بالحملة الاحتجاجية التي نفذها قطاع المحامين خلال الأسابيع الماضية، وانتهت إلى إضراب وطني شامل نهاية الشهر المنقضي ومطلع الشهر الجاري. وكان المحامون حينها قد أبدوا تضامنا مطلقا مع رئيس نقابتهم المحامي عبدالمجيد سليني، ورفعوا عدة مطالب رددوها في وقفات احتجاجية أمام مقار مؤسسات قضائية، دعوا فيها إلى “الكف عن قضاء الهاتف”، وطالبوا بـ”رحيل وزير العدل بلقاسم زغماتي”. واستوجب رئيس النقابة في كلمته “الوقوف في وجه من يختفون وراء جبة القطاع ليمارسوا السمسرة، وعدم السماح بتسميم العلاقة بين القضاة والمحامين، فمهما كانت النقائص يبقى القضاة قاطرة العدالة فیما يشكل المحامون صمام أمان الدفاع عن الحقوق، ولا يمكن لأي مناورة أن تسمم العلاقة بين الاثنين”. وجاء تصريح نقابة القضاة، ليعيد السجال القائم إلى الواجهة، لاسيما وأن نقابة المحامين لم تتوان في اتهامها في بيان سابق بـ”العمل لصالح تكريس الممارسات القضائية السائدة”، وما أسماه المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، بـ”الانزلاق غير المسبوق في تاريخ القضاء الجزائري”. وعمل مبروك على تقديم الحملة الاحتجاجية التي نفذها المحامون، في قالب تصفية الحسابات الشخصية، وتوظيف مهنة القضاء للتأثير على تطبيق القانون في قضايا رأي العام، وشدد على أن ما وقع بين المحامي سليني ورئيس محكمة بالعاصمة لمحاولة التأثير على مخرجات المحاكمة التي عالجت ملف أحد المساجين المحسوبين على نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة. وألمح تصريح نقابة القضاة إلى الخلفيات السياسية في الصراع القائم بين الطرفين، وإلى “توظيف مهنة المحاماة في الضغط على السلطة القضائية للسير في اتجاه معين، كامتداد للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، والقطيعة المشتدة بين السلطة والمعارضة الشعبية”. دعوات لتحييد المؤسسة القضائية عن التدخلات السياسية دعوات لتحييد المؤسسة القضائية عن التدخلات السياسية وفي نفس السياق ذهب عميد محامي الجزائر رشيد قسنطيني، لمّا صرح بضرورة تجاوز الأزمة القائمة بين القضاة والمحامين، تفاديا للتداعيات التي تضر بصدقية القضاء الجزائري، وتعزز الشكوك القائمة حوله من طرف دوائر دولية، الأمر الذي سيعيق تمكن البلاد من استعادة المطلوبين لديها، تحت طائلة أزمة القضاء وما يتردد بشأن وضعية حقوق الإنسان. ولم يخف المحامون قلقهم المتنامي، في ما يتصل بـ”حقوق المتهمين وبتوسع دائرة الحبس المؤقت، والتوظيفات السياسية للنصوص التشريعية، التي تحولت إلى أداة لوأد حريات التعبير عن الرأي ، في إشارة إلى تهم المساس بأمن وسلامة البلاد وتهديد الوحدة الوطنية.. وغيرهما”. وأبدى رئيس نقابة القضاة تضامنا لافتا مع منتسبي هيئته، من خلال متابعته لتطورات الأزمة، ولم يتوان في سرد تفاصيل التلاسن بين نقيب المحامين والقاضي رئيس جلسة محاكمة رجل الأعمال المسجون مراد عولمي، المحسوب على نظام الرئيس السابق، مما أوحى بنية الرجل في إضفاء الطابع الشخصي للأزمة ووقوف جهات موالية للنظام السابق بتحريك احتجاجات المحامين. وذكر في أحد منشوراته على صفحته الرسمية في الفيسبوك، بأن “الخلاف الأول حصل في جلسة الـ16 سبتمبر المنقضي، المتعلقة بملف رجل الأعمال المسجون طحكوت محي الدين، لما رفض طلب نقيب العاصمة تحويل موكله قصد محاكمته عن قرب بدلا من المحاكمة المرئية، وتلفظه بعبارات غير مقبولة وجهها للقاضي”. وأضاف “الحادثة الثانية شهدتها جلسة محاكمة رجل الأعمال المسجون أيضا مراد عولمي، في الـ25 سبتمبر المنقضي، فقد تقدم المحامي والنقيب عبدالمجيد سليني، بطلب إرجاء الفصل بدعوى وجود تزوير في الحكم المستأنف منسوب لقاضي الدرجة الأولى، وأبلغه رئيس الجلسة أن المجلس سيدرس مدى قانونية الطلب عند البت في الموضوع، وتواصلت الإجراءات ورافع ما يقارب 40 محاميا عن موكليهم وفي حدود الساعة السادسة مساء التمس نقيب العاصمة تأجيل المحاكمة ليوم السبت الموالي بسبب التعب وضمانا لمحاكمة عادلة، وهو ما تم رفضه من المجلس الذي قرر مواصلة المرافعات”. ولفت إلى أن “قرار المجلس أثار غضب النقيب مجددا، فشرع في الصراخ وغادر القاعة رفقة بعض المحامين وفي البهو تصادم مع عون مؤسسة وقاية واتهمه بأنه يتجسس عليه”. وأمام قناعة رئيس نقابة القضاة بالطابع الشخصي للسجال القائم بين الطرفين، وتشديده على أن “استقلالية العدالة هي معركة المجتمع بكل أطيافه بعيدا عن الفئوية والاستعراض ودون مزايدة أو شعبوية، والابتعاد عن الصراع الفلكلوري بين القضاة والمحامين لأن الخصم المشترك لهما يوجد في موقع آخر”. يصر المحامون على ضرورة وقف نفوذ المؤسسات الرسمية في أداء واستقلالية الجهاز القضائي. وذكر في هذا الشأن بيان لنقابة المحامين، بأن “الحق في الدفاع حقّ مقدّس لا يمكن المساس به مهما كانت الظروف، وأن تعميم المحاكمات المرئية يفقد العدالة قيمتها الإنسانية، وأن تعميم هذه الآلية جعل من المحاكمات الأخيرة محاكمات شكلية وصورية تمس بمعايير المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع”.

مشاركة :