تتحول الشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة إلى قاطرة النمو الاقتصادي، بدعم برنامج الحلول التمويلية الجديدة الذي يعزز دورها ومكانتها في المساهمة في تنويع الناتج المحلي الإجمالي، من خلال منصة تمويل المبيعات التي اعتمدها مصرف الإمارات للتنمية أول أمس، بحسب خبراء اقتصاد ومصرفيين، وتهدف المنصة إلى دعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة الوطنية في السوق المحلية، وتسهل عليها الوصول للمستهلكين في الدولة، وتفتح لها آفاق النمو والاستمرارية والتطور. وستمكن المنصة الجديدة المنتجين الإماراتيين من الحصول على كامل قيمة المبيعات بمجرد تسلم الفاتورة من المشتري، حيث سيقوم مصرف الإمارات للتنمية بتسديد ثمن السلع أو الخدمات للشركات الصغيرة والمتوسطة بالدولة، في حين يقوم المشتري بالدفع في الوقت المحدد في الفاتورة والذي يكون غالباً خلال فترة تتراوح بين 90 يوماً إلى 120يوماً بعد تسليم البضاعة. وقال الخبراء: إن آلية الدفع المؤجل كانت تعتبر العائق الأبرز أمام الشركات الصغيرة والتي تحول دون تمكنها من عرض منتجاتها للمستهلكين، وقد جاءت المنصة الجديدة لحل هذه المعضلة، وتوفير تمويل لمبيعات هذه الشريحة المستهدفة من الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح هؤلاء أن الشركات كانت تلجأ للاقتراض بأسعار فائدة على التمويل عالية جداً تتجاوز 10%، أو تبقى عاجزة عن إيصال منتجاتها للمستهلكين، وتبقى بذلك قدرتها على التطور والنمو محدودة. وقال فيصل عقيل البستكي الرئيس التنفيذي بمصرف الإمارات للتنمية لـ «الاتحاد»: إن المنصة الجديدة تستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة التي توفر السلع والخدمات للشركات الحكومية أو شبه الحكومية والشركات الكبيرة، وتهدف لتوفير تمويل لرأس المال العامل للشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تسديد مستحقاتها الآجلة بشكل فوري. وأوضح البستكي، أن بإمكان المنصة الجديدة تسديد كامل قيمة السلع والخدمات المباعة للشركات البائعة أو الموردة بناء على اتفاقيات مع الشركات والجهات المشترية التي تلتزم بتسديد المبالغ المستحقة في تاريخ الاستحقاق المتفق عليه والمبين في فواتير البائع، الذي يكون عادة بعد 90 أو 120 يوماً، وذلك مقابل تكلفة متدنية جداً. وأكد أن الهدف من هذه المنصة هو تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة الوطنية العاملة بالدولة من إيصال منتجاتها للمستهلكين دون عوائق تمويلية، الأمر الذي سيوفر دعماً كبيراً للاقتصاد الوطني وقطاعات الأعمال في السوق المحلية. وأشار إلى أن الدخول على هذه المنصة وإجراءات تمويل المستحقات جد سهل، حيث يتم تسديد الفواتير بمجرد اعتمادها من المشتري من خلال رقم الحساب المصرفي الدولي للبائع «الآيبان». وأوضح البستكي أن معظم القطاعات يمكنها الاستفادة من هذه المنصة، بما في ذلك الشركات والمقاولين في قطاع الإسكان وشركات التجارة الموردة وغيرها. وأكد أن المرحلة الأولى من المنصة التمويلية سيتم توسيعها لتشمل منتجات عديدة ومتنوعة لكافة مراحل سلسلة التوزيع والتوريد، كما سيتم تقديم خدمات الصيرفة الإسلامية خلال المراحل اللاحقة. وقال نجيب الشامسي مدير عام مركز المسار للدراسات الاقتصادية والنشر، إن إطلاق منصة لتمويل المبيعات ودفع مستحقات الشركات بشكل فوري يساعد على دفع عجلة النمو الاقتصادي، ويفتح آفاقاً واسعة للشركات الصغيرة والمتوسطة الوطنية لتحقيق قفزة نوعية في التطور والنمو، الأمر الذي يتوافق مع أهداف الخمسينية للدولة. وأضاف أن دولة الإمارات اتخذت العديد من الإجراءات والمبادرات التي تدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، وأن هذه المنصة الجديدة التي أعلن عنها، أول أمس، مصرف الإمارات للتنمية، إنما تصب في خدمة هذه السياسة الاقتصادية والتنموية بشكل مباشر. وقال الشامسي، إن هذه المنصة ستوفر مستويات أعلى من السيولة النقدية بشكل مباشر لقطاعات الأعمال والاقتصاد الوطني عامة، ما سيشكل عنصراً مهماً في دعم النمو الاقتصادي. وأضاف: إن هذا الإجراء يساعد الشركات الصغيرة الوطنية على الاستمرارية في أعمالها والتطور والتحول إلى شركات كبيرة في المستقبل، وهو المطلوب للاقتصاد الوطني. وقال إن هذه الإجراءات والبرامج جميعها تصب في اتجاه واحد، وهو تحويل القطاع الخاص إلى شريك أساسي للتنمية في المستقبل. إلى ذلك، قال أمجد نصر خبير التمويل المصرفي الإسلامي، إن تمويل رأس المال العامل يعتبر أحد أهم التحديات بالنسبة للشركات الصغيرة، إذ إن العديد من الشركات تملك سلعاً وخدمات منافسة، لكن قدرتها المالية المحدودة تحول دون إمكانية وصول منتجاتها للمستهلكين؛ نظراً لأن المشتري في غالب الأحيان يشترط تسديد الاستحقاق بعد فترة تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تسليم البضاعة. وأوضح نصر أن برامج تسييل الفواتير قبل موعد استحقاقها تتكون عادة من ثلاثة أطراف، وهم البائع والمشتري والبنك الممول، حيث يقوم البنك بالتأكد من ملاءة المشتري وتصنيفه المصرفي، وإذا ثبت أنه يملك الملاءة اللازمة يقوم بتسييل الفاتورة أي دفع قيمتها للبائع مقابل أن يحصل على المبلغ من المشتري خلال الفترة التي ينص عليها اتفاق البيع أو الفاتورة. وأوضح أن البنوك تستفيد من هذه المعاملات التي تعتبر قروضاً قصيرة جداً وسريعة وبإمكانها تقسيط المبلغ على المشتري أيضاً لفترات محددة أو على دفعات، ما يسهل الأمر على البائع والمشتري في آنٍ واحد. وأضاف: هناك قطاعات عدة مرشحة للاستفادة الفورية من هذا البرنامج، وهي الشركات الصغيرة الموردة للمراكز التجارية الكبيرة ذات الملاءة العالية، وكذلك القطاع الطبي، حيث تقوم شركات التأمين بتسديد مبالغ التأمين الصحي بعد فترة تتجاوز ثلاثة أشهر، وهي شركات كبرى ذات ملاءة عالية أيضاً، ما يسمح للبنوك بتسييل الفواتير المستحقة لصالح العيادات والمستشفيات والمراكز الطبية، الأمر الذي سيشكل دعماً مهماً للقطاع الطبي والصحي في الدولة. وقال نصر: هناك مجالات وأنواع عدة في إطار خدمة التمويل هذه بشكل عام، بحسب ممارسات البنوك السابقة في تمويل المستحقات المالية المؤجلة، حيث يمكن للبنوك أحياناً تمويل كامل الفاتورة المستحقة أو جزء منها قد يصل إلى 80%، حسب ملاءة المشتري، كما يمكن أحياناً أن يكون هناك حق للبنك للرجوع إلى البائع للمطالبة بالمبلغ في حال تخلف المشتري عن السداد وأحياناً أخرى لا يحق له ذلك، إضافة إلى أن البنوك تلجأ أيضاً إلى شركات التأمين من أجل التأمين على القرض أو التمويل الممنوح وفِي حال عدم تسديده تقوم شركة التأمين بتسديد المبلغ المستحق للبنك، مبيناً أن هذه البرامج ذات أهمية كبيرة للاقتصاد الوطني والشركات الصغيرة العاملة بالسوق المحلية.
مشاركة :