يسمونه القتيل ونسميه الشهيد . يصفونه بالطفل ونصفه بالرضيع .يقولون إن القاتل مستوطن ونقول انه مستعمر فهذا ليس وطنه بل وطن الفلسطينيين العرب الكنعانيين . يسميه نتنياهو بالارهابي وان إحراقه للطفل الفلسطيني علي الدوابشة جريمة بشعة ونحن نقول لنتنياهو انت ايضا إرهابي ووجودك في ارض فلسطين اكبر عمل إرهابي ارتكبه العالم بحق الشعب الفلسطيني .انها المفارقة التي يغمض العالم ضميره عليها فيما يغمص الفلسطيني يده على مفتاح بيته هناك متمسكاً بحقه في العودة الى البيارة والبرتقالة والزيتونة والبحر الذي كلما طال الفراق زاد عطشا . بعد عام على حرق الفتى محمد أبو خضير، أبى الصهاينة إلا أن يذكّرونا بأنهم موجودون هنا؛ يستمتعون بقتلنا، وحرق قلوبنا قبل أجسادنا. لم يحمل علي دوابشة حجرا بعد، ولم ينطق لسانه باسم فلسطين، ولم ينشد للمقاومة، ولم يلعن الغزاة، فهو لم يكمل عامين بعد، لكن القتلة كانوا له بالمرصاد، فأحرقوه ووالديه وشقيقه. لم يحتمل الرضيع النيران، فذهب إلى ربه يشكو ظلم القتلة؛ وتخاذل الأشقاء؛ ودناءة المتعاونين مع المحتل، بينما جاهد الوالدان والشقيق لكي يبقوا على قيد الحياة، ربما لكي يرووا الحكاية للأجيال جيلا بعد جيل حتى يعود الى وطنه المحتل جيل العودة . لقد اثبتت نتائج التحقيق ان الرضيع علي عندما أحرق كان على قيد الحياة، وأن سبب الوفاة يعود للحروق ومضاعفاتها.كما اشارت نتائج التشريح الى أن جثمان الشهيد كان متفحما وأن معالمه كانت مختفية بسبب شدة التفحم وأن جزءاً من الأطراف العلوية والسفلية كانت مختفية بسبب شدة التفحم والحروق، كما أن جزءاً من القفص الصدري وأجزاء من الرئة في حالة ذوبان وتفحم. ايضاً لسنا بحاجة الى التأكد من ان العقلية الصهيونية تسكن قلعة الخوف من كل ما هو ليس يهودياً . لذلك يسكنون المناطق المرتفعة ويحيطونها بالاسوار والجدران ،وكذلك هو جدار الفصل العنصري الذي بنوه حول اسرائيل مملكة بيغن وشامير وشارون ونتنياهو ، وما سيبنوه على حدودها مع الاردن ولبنان وسوريا ومصر . لكن تاريخهم يؤكد ان الجدران لم تحمهم ،انهارت ممالكهم واحدة بعد الاخرى لأنهم عابرون في كلام عابر كما قال محمود درويش . انهم يرسمون بالدم خارطة من الوهم ، يحاولون تغيير اللون والارض وتعليم البحر ان يافا هي تل ابيب والقدس اورشليم ونابلس السامرة ويهودا .لكن عبثا يحاولون ، فالشهيد الرضيع كان سيلثغ انا فلثطيني وحليب امه كان سيظل مزيجا من قمح سهول فلسطين وتين حقولها وهواء بحرها .انه من القوم الجبارين ، ابن الارض التي بارك الله فيها وبما حولها . لم تحمل جريمة حرق الشهيد الرضيع علي دوابشة، في بلدة دوما قرب نابلس، أي جديد من حيث بشاعتها وفظاعتها، فلم يمر أكثر من عام بعد على جريمة حرق الطفل المقدسي محمد أبو خضير، حتى تكرر المشهد من قبل قطعان المستعمرين المستمرين بجرائمهم ضد المواطنين الفلسطينيين وبحماية جيش الاحتلال، غير أن الجديد هو فقط بظهور شعار ديني يهودي جديد، من ضمن ما خطه هؤلاء على جدران المنازل في دوما. الجريمة اكدت طبيعة الاحتلال الممعن في قتل الأطفال الأبرياء، الذين لم يعودوا يأمنون على أنفسهم، من بطش هؤلاء وغيّهم، حتى وهم يغطّون في منامهم، حيث اعتاد هؤلاء (الخفافيش) كما يصفهم الفلسطينيون، على تنفيذ جرائمهم وأفعالهم المريبة، في ساعات الليل المتأخرة، فلم تأمن منهم دور العبادة، ولا المدارس، ولا حتى الأطفال الرّضع، وكل ذلك بمباركة ودعم من جيش الاحتلال، وحكومة تل ابيب التي تضع قناعا وراء قناع من رسومات السلام لتغطي به الوجه الارهابي البشع. لقد اعتاد الفلسطينيون على جرائم وإرهاب مجموعات (تدفيع الثمن) الإرهابية، لكن ظهور شعارات ترمز لتنظيم ديني جديد، زاد من مخاوفهم من تنامي الفكر الصهيوني المتطرف، وازدياد جرائم الحرق والقتل والاعتداءات بشتى أشكالها، لا سيما وأن مضمون الشعارات التي تركها قتلة الطفل دوابشة، لا تخرج عن النص ذاته الداعي لقتل العرب، من خلال شعارهم الموحد (الموت للعرب) وعبارات الانتقام التحريضية. انهم تلاميذ حاخامهم المقبور عوفاديا يوسف الذي افتى بقتل العرب قبل سنين ووصفهم بأبناء العقارب .لقد كان هذا الحاخام العنصري الذي نفق عن 93 عاماً يدعو عشية عيد الفصح اليهودي في خطبة تقليدية تُبث بالقمر الصناعي الى شتى انحاء العالم الى قتل العرب الذين يناصبون العداء لإسرائيل منذ 100 سنة ويحاولون تدميرها. وقال في احداها: أكثروا من ذكر هذه الآية من التوراة خلال عيد الفصح: صب غضبك على الاغيار فهذه مناسبة جدا لأوضاعنا، لأن اعداءنا يحاولون القضاء علينا منذ خروجنا من مصر وحتى اليوم، من دون توقف. ودعا الله الى ان ينتقم من العرب ويبيد ذرّيتهم ويسحقهم ويخضعهم ويمحوهم عن وجه البسيطة. وأوصى اليهود بالشدة مع العرب ممنوع الاشفاق عليهم، يجب قصفهم بالصواريخ بكثافة وإبادتهم. انهم لشريرون!! إن من أحرق الرضيع علي هو عوفاديا يوسف مكرراً .انهم مجموع ابناء العقلية اليهودية ذاتها الذين يعتبرون انفسهم شعب الله المختار .لكنهم في الحقيقة اتباع الشيطان الذي تمرد على الله وهم المغضوب عليهم . * كاتب أردني
مشاركة :