تصل القيمة النقدية لمبيعات التمور المتداولة خلال اليوم الواحد إلى ما يقارب 30 مليون ريال، تشمل جميع الصفقات على أرض السوق، وبعض منافذ ونقاط البيع المحيطة بالسوق. ويقف خلف تلك المبيعات الضخمة الدلالون الذين يتقاضون 7 في المئة مقابل دلالتهم، وتعتبر الدلالة وهي مهنة أزلية، لا تكاد تنفك عن أي عملية بيع وشراء تتم في أي موضع في العالم، تعتمد على الجمع بين البائع والمشتري. وقد عاشت تلك النسبة الدقيقة مخاضا قاسيا في سنوات مضت، فبعد أن كانت لا تتجاوز 3% أو 4 % أجبرت متطلبات السوق، والأسعار العالمية للسلع، وحركات البيع والشراء الكثير من الدلالين؛ على رفع تلك النسبة حتى وصلت 7%، لتحقق درجة مرضية لجميع الأطراف. وظلت تلك النسبة ثابتة ومقاومة، عبر سنوات، لكثير من الإغراءات والمحفزات، التي لم يمنعها من التقدم والزيادة إلا العرف والعادة، المتصف بها المجتمع وسوقه المحلي، فبالرغم من التحرك المستمر والمتواصل لأسعار التمور بأنواعها وأصنافها خلال فترة السوق، وبالرغم من تصاعدها الملحوظ، بقيت تلك النسبة راسخة في كل عمليات البيع المليونية، التي تعيشها ساحات السوق كل يوم. وبحسب أحد الدلالين المتواجدين في سوق مدينة التمور ببريدة فإن نسبة 7 % التي يتقاضاها الدلال من البائع، تعد هي الحافز الأول والأخير لجميع الدلالين المتواجدين في السوق، بل ويزيد الأمر أهمية حينما تصبح تلك النسبة هي الهدف الرئيسي للمهنة برمتها، كونها أصبحت فنا من فنون التسويق والدعاية الحقيقية للسلع والمنتجات، المتطلبة لتوافر العديد من الشروط والمواهب الذاتية والخاصة في الدلال نفسه. ويعتبر سوق مدينة التمور ببريدة أحد أبرز الساحات التي تظهر فيها أهمية الدلالة وضرورتها، باعتبارها حلقة من الحلقات الرئيسية التي تتصل بأكبر حدث اقتصادي موسمي في المملكة، تقوم جميع معاملاته وتعاملاته النقدية والعينية على الوقوف المباشر والمتصل بين البائع والمشتري والوسيط (الدلال)، كما تكمن الميزة الحقيقية للسوق بوصفه سوقا عاما لا يختص بفئة أو شريحة محددة من شرائح المجتمع، فالجميع يرتاده ويشتري منه، ما يجعل من حركة «الدلالة» حركة فاعلة ونشطة، بل وحاضرة في صغيرة وكبيرة.
مشاركة :