كل الحمقى في العصر الحديث أصابهم الحول والعمى فأخذوا يروجون أن تحرير فلسطين يمر عبر السعودية أو الكويت أو مصر.. إلى آخره. هذا ما فعله صدام حسين، ورغم التباين والتباعد مع فكر البعث إلا إن “القاعدة” و”داعش” ومن سار على نهجهما ارتأوا أن قتل المسلمين طريقا لتحرير فلسطين. وكانت “القاعدة” ومن بعدها “داعش” تزعم أنها تحارب لإعلاء كلمة الله، ثم رأيناهم يستهدفون عباد الله ويقتلون المسلمين، ويزعمون أن هذا الفعل لتحرير فلسطين وللتقرب إلى الله والفوز بالحور العين. لكنّ هؤلاء الحمقى والمغفلين بدءا من رئيس عصابة “داعش” أبو جهل البغدادي وانتهاء بمراهقيهم المأزومين، أضاعوا الحقيقة، فأصبحوا يقتلون إخوتهم وأقاربهم ويمارسون العقوق ضد آبائهم وأمهاتهم ويقتلون حتى من هم بين يدي ربهم ركعا وسجودا. ..لم يكن مستغربا أن تأتي رسائل وأدبيات “القاعدة” و”داعش” لتستنسخ التوحش، وتستنسخ الكذب، فقد بدأوا بزعم استهداف الطوائف غير المسلمة، ثم صاروا يستهدفون المسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم. وهم يفعلون أكثر من ذلك في سورية والعراق حتى مع شركائهم في الإرهاب مثل جبهة النصرة الوجه اللعين للقاعدة في سورية. وهناك طابور خامس يقف خلفهم يمارس التخويف والترويع من انتقادهم أو فضح تصرفاتهم، ويأتي بالأعاجيب من الحماقات والحيل كي يدافع عنهم ويضع العوائق ضد كل من يجرؤ على كشف إجرامهم ونزع هالات الزيف التي يتم إسباغها عليهم من خلال مسميات تنزع إلى تجاهل جرائمهم. بل إننا شهدنا البعض يزعم إن وجود “داعش” وجبهة النصرة وسواهما في العراق وسورية، كان صمام أمان للناس هناك، وهذا إفك عظيم. فإذا كان السنة في العراق قد واجهوا ظلما وضيما قبل “داعش”، فقد لاقوا بسبب “داعش” ظلما وضيما أكبر، إذ وقعوا بين مطرقة الحكومات الطائفية وسندان “داعش” التي عوقبوا بسببها، وكأن كل أبناء السنة هناك هم من “داعش”. وفي سورية ينحسر الإجماع على دعم الثورة السورية، بسبب تغول “داعش” وجبهة النصرة والمخاوف من تبعات ذلك. وهكذا استفاد النظام من “داعش”. كما أن “داعش” خدمت المشروع الصفوي وأعطته مبررات لمزيد من التدخل في العراق وسورية. وبعد ذلك يأتي بعض المتنطعين ليعطينا دروسا عن “داعش” وينبش الكتب الصفراء ليبرر حرق طيار مسلم أو استرقاق أبرياء وتحويلهم إلى عبيد وجواري في عصر انحسرت فيه العبودية وتلاشت، وهذا كان هدفا جليا من أهداف الإسلام. لكن كان لـ”داعش” ولمنظري “داعش” وللمتعاطفين مع “داعش” وللمستفيدين من وجود “داعش” جهود وآراء تذكي الفتنة وتؤجج الحقد وتستقطب الشباب ليكونوا وقود محرقة عبثية وعمليات انتحارية ظالمة. إن تفجير مسجد الطوارئ في عسير، مجرد مظهر من مظاهر التوحش والتغول والجور والإفساد الذي تقوم به “داعش”. ومثل هذا الفعل الدنيء مواجهته تتطلب إلى جانب القوة، تجفيف منابع هذا الفكر وردع أولئك الذين يفرحون ويشجعون بعض أفعال “داعش”، وينتقدون بعضها الآخر، وهذا لا يسوغ ولا يجوز القبول به أو السكوت عنه.
مشاركة :