انتقد الخطاط التونسي عامر بن جدو حركة الخط العربي في بلاده، وقال لـ"الوطن" إنها تشكو ضعفا في الأداء، نتيجة التهميش التاريخي، مضيفاً "إذا عدنا إلى ملفاته القديمة لا نجد من الخطاطين من يعتد به سواء من ناحية الإنتاج أو من ناحية المستوى الفني، حتى الخطاط محمد صالح الخماسي رائد الخط العربي ببلادنا، ورغم غزارة إنتاجه في زمانه لم يبلغ ما بلغه أهل المشرق، بل إن الجيل الذي تلاه في بلادنا وبفضل شبكة التواصل الحديثة تجاوزه بمسافات كبيرة".وعن الحركة الخطية في الخليج أكد أنه خلال السنوات الأخيرة شهدت نهضة في ميدان الخط العربي، وما تلك القائمة الطويلة من الأسماء في السعودية تحديدا إلا قرينة واضحة وقطعية الدلالة على ذلك. عامر بن جدو، الخطاط التونسي الذي بدأ دراسته للخطّ العربي أواخر شبابه اعتمادا على بعض الكراسات التعليمية، والحائز على الجائزة الثالثة في الخطّ الكوفي في مسابقة الأرسيكا، يقول لـ"الوطن": "ما أقدمه رسم بالحروف لمشاهد تجريدية يتفاعل معها المتأمل دون أن يحيط بكنهها، لمشاهد يتعاظم أمرها كلما انساقت النظرات بين التآلف والتقارب والتعانق والتقاطع والتوافق بين الحروف، مكتشفا في البناء ترتيبا عجيبا وتماسكا مهيبا، إنه رسم بالحروف بحثا عن مواطن الجمال خارج الصور النمطية التي ألفها الخطاطون، وما ساد لديهم من تقاليد". ويضيف "اهتمامي بالخط تزايد بعد حصولي على الجائزة الوطنية سنة 2006، ودرسته انطلاقا من كتابات علي أحمد الوراق صاحب مصحف الحاضنة الذي كتب سنة 420 هـ، وتدريجيا حافظت على أسلوبه مع تجاوز مواطن الضعف التي تخللت كتابته، حتى تزداد أناقته وجاذبيته، وبعد أن ضبطت قواعد له وطبعت به كل أعمالي تقريبا سواء السطرية أو التركيبية، تلك التي شاركت بجلها في الملتقيات الدولية والوطنية". ويرى بن جدو أن قيمة اللوحة تبرز أساسا في التركيبة ذاتها، وأما ما تخللها من ألوان وما أحاط بها من زخارف فلهما وقعهما الكبيران في نظر المشاهد ووجدانه، ولكن يظل في المقام الثاني، مقام المحسنات التي يمكن الاستغناء عنها عند الضرورة، بل غيابها لا يغض دائما من قيمة اللوحة، والشواهد على ذلك لا يحصى لها عد، وكذلك شأن الخامات التي يظل اختيارها من الضروريات التي ترفع من شأن العمل الفني، والخطاط المحترف الذي يحترم فنه لا بد أن يولي هذا الجانب ما يستحقه من الأهمية، إنما لو تعثر الأمر لديه لسبب أو لآخر فلا أعتقد أن روحه الإبداعية ستتوقف عن التحليق وأن إنتاجه سيفقد كثيراً من الألق.
مشاركة :