شهدت العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا الممتدة لعقود طويلة، تطوراً متسارعاً خلال السنوات الأخيرة، من شأنه أن يفتح أمامها آفاقاً واعدة نحو بناء شراكة استراتيجية للاستفادة من المقومات والفرص العديدة المتاحة لدى البلدين في مختلف القطاعات، خاصةً فيما يتعلق بمجالات الطاقة والتعدين والسياحة والتطوير العقاري والطيران والاقتصاد الإسلامي الذي بات يشكل أحد أبرز الركائز الاقتصادية المشتركة بين الجانبين في السنوات الأخيرة. وانعكس التطور الملحوظ في هذه العلاقات على حركة تدفقات الاستثمار بين البلدين والنمو القوي للتبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات العشر الأخيرة بعد أن ارتفع من 4.8 مليار درهم في عام 2010 ليصل إلى 9.74 مليار درهم بنهاية عام 2019، بارتفاع قدره 100%، وذلك وفقاً لقاعدة بيانات وزارة الاقتصاد. ويعكس النمو المتواصل في الحركة التجارية والاستثمارية وجود آفاق واسعة لترسيخ أطر التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين البلدين، خلال السنوات القليلة المقبلة، ولاسيما في ظل العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا الصديقة، واهتمام وحرص القيادة السياسية في البلدين على ترسيخ هذه العلاقات وتطويرها. وفي ضوء حرص البلدين على تعزيز الشراكة الاقتصادية، صادق مجلس الوزراء في مارس الماضي على اتفاقية بين حكومة دولة الإمارات وحكومة جمهورية إندونيسيا لتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، وذلك بعد إعلان إندونيسيا في يناير 2020 إبرامها مع الإمارات صفقات استثمارية بقيمة 23 مليار دولار بينها اتفاقيات في قطاع الطاقة ومشاريع البنى التحتية، سيتم تنفيذها من خلال صندوق ثروة سيادي إندونيسي جديد تم إنشاؤه، ليشارك فيه سوفتبنك الياباني وشركة التنمية المالية الدولية الأميركية، وفقاً للحكومة الإندونيسية. وفي هذا السياق، تبادلت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» اتفاقيات في يناير الماضي وقعتها مع شركتي «بيرتامينا» و«شاندرا آسري» الإندونيسيتين، حيث تهدف الاتفاقية الموقعة مع «بيرتامينا» لاستكشاف فرص تشييد منشأة لتحويل النفط الخام إلى بتروكيماويات في بالونجان الإندونيسية، إضافة إلى اتفاقية مبيعات تقوم «أدنوك» بموجبها بتوريد 528 ألف طن متري من غاز البترول المسال إلى شركة «بيرتامينا» بحلول نهاية عام 2020، في حين تهدف الاتفاقية التي وقعتها «أدنوك» مع «شاندرا آسري» لاستكشاف فرص توريد النافتا الخام إلى مجمع البتروكيماويات التابع لشركة «شاندرا آسري» بمدينة سيليجون الإندونيسية. آفاق واعدة نحو بناء شراكة استراتيجية آفاق واعدة نحو بناء شراكة استراتيجية مؤشرات الاقتصاد الإسلامي وعلى صعيد مؤشرات الاقتصاد الإسلامي، تتبوأ كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا مراتب متقدمة في تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2019، والذي يصدر بدعم من مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي وإعداد تومسون رويترز، وبالتعاون مع دينار ستاندارد ومركز دبي المالي العالمي. ووفقاً للتقرير، حلت دولة الإمارات بالمرتبة الأولى في 5 قطاعات، شملت الأغذية الحلال، السفر الحلال، الأزياء المحافظة، الإعلام والترفيه الحلال، ومستحضرات الأدوية والتجميل الحلال، فيما تصدرت إندونيسيا الدول الأولى من حيث الإنفاق الإسلامي على الأغذية بإجمالي 170 مليار دولار، فيما جاءت في المرتبة الثانية في مؤشر الدول الأولى في الإنفاق الإسلامي على مستحضرات التجميل بنحو 3.9 مليار دولار، ثم جاءت في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إنفاقاً على الأزياء المحافظة بنحو 20 مليار دولار، وفي المرتبة الرابعة في مؤشر الإنفاق الإسلامي على المستحضرات الدوائية بنحو 5.2 مليار دولار، والمرتبة السادسة في مؤشر الإنفاق الإسلامي على الإعلام بنحو 10 مليارات دولار، والمرتبة الثامنة في مؤشر أسواق التمويل الإسلامي من حيث الأصول بإجمالي 82 مليار دولار. أكبر جهة إصدار صكوك في «ناسداك دبي» جذبت بورصة ناسداك دبي أكثر من 12 إصداراً من الصكوك الإندونيسية خلال السنوات الماضية للإدراج في البورصة بقيمة إجمالية بلغت نحو 16 مليار دولار، لتصبح بذلك الحكومة الإندونيسية أكبر جهة إصدار صكوك في «ناسداك دبي»، من حيث القيمة وعدد الإدراجات، وذلك بعد أن قامت في مايو 2018 بإدراج إصدارين لصكوك خضراء أصدرتهما جمهورية إندونيسيا بقيمة ملياري دولار بغرض استخدامهما في مجموعة متنوعة من المشروعات، مع التركيز على التنمية المستدامة، فيما شهد إصدار الحكومة الإندونيسية المدرج في «ناسداك دبي»، بتاريخ 23 يونيو 2020، لصكوك بقيمة 750 مليون دولار، لتطوير المشروعات والمبادرات الخضراء، إقبالاً من مستثمرين إقليميين وعالميين. وتأتي الإدراجات المتواصلة للصكوك الإندونيسية في «ناسداك دبي»، لتؤكد العلاقات الوثيقة بين الإمارات وإندونيسيا، أكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان، وعلى نمو دبي، بوصفها العاصمة العالمية للاقتصاد الإسلامي. صناعة الاعتماد الحلال في مجال صناعة الحلال، يلعب البلدان دوراً مهماً في دعم هذه الصناعة التي يبلغ حجمها نحو 1.3 تريليون دولار، ويتوقع أن تصل إلى 1.8 تريليون دولار في عام 2023، الأمر الذي دفع البلدين لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الاعتماد الحلال، أبرمتها هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات»، مع لجنة الاعتماد الوطنية، بهدف تسهيل انسيابية حركة التجارة بين البلدين، وتذليل العوائق الفنية، فضلاً عن تعزيز التعاون الفني في مجال الاعتماد الحلال.
مشاركة :