الثقافة بوصفها علاجاً... - أيمـن الـحـمـاد

  • 8/10/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حالة الاحتقان السياسي الحاضرة في المنطقة العربية المثخنة بالجراحات والأسى، لاسيما ونحن نشاهد الفوضى في دول "الربيع العربي" تضرب يمنة ويسرة دون هوادة وتسقط قتلى وجرحى من هذا الطرف وذاك، مخلفة مشهداً من الدموع وحالة من الضياع. يجعلنا هذا أمام حالة يشوبها الضيق عما آلت إليه أحوال تلك الدول، وما يزيد في ذلك الحصار الذي تضربه علينا وسائل الإعلام المندفعة بكل عِدها وعتَادها وراء هذه الأحداث، فوسائل الإعلام التقليدية والجديدة ما فتئت تمطرنا أخباراً وتحليلات ولقاءات عما يجري في جوارنا وما وراء الجوار، والحاصل في تلك البقع الساخنة، وما بلغته أوضاع البلاد والعباد هناك، هذا المشهد التراجيدي المصبوغ بالسوداوية الحالكة يحتم علينا الهروب الضروري إلى ما يمكن أن يواسي ضيقنا إلى شيء أكثر رحابة وانشراحاً. فأين يمكننا اللجوء؟ تغيب الفعاليات الثقافية اليوم كمتنفس عن أجوائنا ويومياتنا، فتلك الأنشطة والفعاليات غائبة عن أجندة الناس وعائلاتهم وكذلك المعنيون بهذا الأمر، وتظل الفعالية الوحيدة الصامدة الحاضرة في المشهد الإعلامي والاجتماعي إلى يومنا هذا، والتي ينتظرها الإعلام والجمهور من عام إلى عام, هي فعاليتا سوق عكاظ ومعرض الرياض الدولي للكتاب التي نعيشها ونرى تفاعل الناس معها على المستوى الوطني، خلاف ذلك لا شيء يُذكر أو يستحق الذِكر. تعد الرزنامة الثقافية أمراً جوهرياً تحرص على إعدادها الجهة المعنية في كل بلد يدرك أهمية الثقافة وأبعادها وتأثيرها على السياقات المرتبطة بالمجتمع، وهي مظهر من مظاهر التقدم والارتقاء والتحضر، وتعمل الدول المهتمة وتلك التي تتعامل مع الثقافة كمنتج حضاري، على ربط الرزنامة الثقافية بفصول السنة فلكل فصلٍ أنشطته التي تحاكي طبيعته وتناسب الأجواء المناخية التي يمر بها هذا البلد، بل إن إنها تستغل من أجل الترويج للسياحة، وذلك حسب الحدث الثقافي الذي يتنوع بين الفن التشكيلي والأدب والمسرح والرياضة، وحتى المهرجانات المرتبطة بموسم بيع المحاصيل والمنتجات كالتمور والعسل وغيرها يمكن أن تنخرط ضمن هذا المشهد، الذي يبث في نفسك حالة من طبيعية الحياة وأنها ليست بالضرورة تلك التي تطل علينا عبر شاشات التلفاز أو نقرؤها على صفحات الجرائد أو تلك التي نستعرضها على هواتفنا المتنقلة. يجدر بنا الذهاب إلى إعداد جدولة ورزنامة لفعاليات ثقافية على مدار العام، بشكل أكثر تنظيماً وتفاعلاً وألا تترك الأمور لأن تقودها الاجتهادات، التي إن أصابت فلها الشكر وإن أخطأت فلا ملامة عليها ولاعتب. ندرك أن نقصاً وفقراً يعتري المشهد الثقافي بالمجمل لكن الملاحظ لحالة التفاعل المجتمعية لأي فعالية ثقافية تطرح وانكباب وإقبال الجمهور عليها، تجعلنا ملزمين أمام ذلك لإرواء عطشنا وإشباع حواسنا.

مشاركة :