هي قضية كبيرة وهي قضية خطيرة ينبغي علينا جميعاً أن نتروى وان يهدئ البعض من غلوائهم بل ومن تطرفهم في استخدام الحرية واستثمار مساحاتها بما أساء للبحرين الوطن وللبحرين الشعب وللبحرين الحكومة. ولا نحتاج هنا الى ان نؤكد المؤكد وهو موقفنا المعلن منذ سنوات بعيدة في الاصطفاف المبكر مع الحرية وعلى فكرة معارضتنا الحالية لم تخترع العجلة وهي ترفع عند كل شاردة وواردة شعار الحرية وكأنها تغمز وتلمز.. فهذا الشعار في البحرين قديم قدم الحركة الوطنية والحركة الفكرية والثقافية وقدم المجتمع المدني البحريني الذي لم يعرف تاريخها الحديث سواه ولم تدخل بلادنا في نفق الدولة الدينية التي تسعى جماعات الدوار لاقامتها اليوم. وبالتالي فلا الوفاق ولا الجمعيات التي تسير في ركبها يمكن ان تختطف تاريخ الحركة الوطنية البحرينية فتنسب لنفسها ولحركاتها وجمعياتها الفضل فيما تحقق لنا من مكاسب في فضاء الحرية.. فهذه عملية تراكمية معقدة وطويلة لا يمكن لطرف ان ينسبها لنفسه وحده. ما يمكن الوقوف امامه بتقدير وطني كبير هو المشروع الاصلاحي لجلالة الملك الذي فتح فعلا وعملا مساحات وفضاءات واسعة امام الحرية وممارستها مجتمعياً. وعند نقطة الممارسة للحرية نقف مطولا ونسأل الى اي مدى قوى معارضتنا وهي الانشط في الحراك الاجتماعي والسياسي ان تستثمر هذه المساحات في الحرية وعلى كافة المستويات لما يصب في مجرى الاصلاح ومجرى الوحدة الوطنية وحدة النسيج الاجتماعي على وجه خاص ومحدد؟ المعارضة استثمرت كل مساحات الحرية وعلى مدى سنوات وسنوات للتنديد خارجيا بالبحرين حتى شوهت سمعتها في الخارج بما لم تشوه به معارضة سمعة بلادها.. ومن جانب آخر استثمرت من2001 حتى 2011 كل المساحات في الحرية لتنظيم التظاهرات والمسيرات والاعتصامات شبه اليومية فما بين اعتصام واعتصام كانت هناك تظاهرة أو مسيرة وعلى ذلك قس. لم نجد عملا مؤسساتيا داخل المجتمع وبين اطيافه وتلاوينه ينجز مشروعاً لوحدة النسيج الوطني بل عزلت المعارضة نفسها عن المكونات المجتمعية الأخرى وراحت تستفرد بأجواء الحرية على نحو استفز المكونات الاخرى بشكل اشاع مناخا اجتماعيا عاما متربصا ببعضه البعض الى درجة سمعنا معها من يكاد يكفر بالحرية ومن يتأفف منها ضيقا وهو يرى ويعيش انعكاسات نشاط المعارضة على الحس المجتمعي وعلى النسيج الوطني الذي بدأ يتنافر. ثم كانت الطامة الكبرى المريعة وطنيا واجتماعيا حين خططت المعارضة لاحتلال الدوار مستغلة ومستثمرة مساحات الحرية في تنظيم مسيرات شبابية مجهولة للوصول الى الدوار ثم خرجت علينا بوجوهها وقياداتها المعروفة لتعتلي المنصة ثم كان ما كان باسم الحرية. اذن الخلل والعطل والخطأ والخطيئة ليست في الحرية ولكن في سوء استخدام هذه الحرية وخطورة استثمارها على نحو انقلابي بدأ بتمزيق الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي الواحد، وارتفعت النبرة الطائفية في خطابها بمفردات غريبة من مثل التمييز والمظلومية وما شابه من مفردات غزت وجهنا الاجتماعي المنسجم طوال تاريخه المديد وشوهت ملامحه. للأسف حدث ذلك باسم الحرية التي تشوهت هنا بفعل فاعل معروف فالحرية بريئة من هكذا استغلال ومن هكذا سوء استعمال ومن هكذا مخطط لاستثمارها لهكذا نتيجة. لكن الفاعل لا يريد ان يعترف او حتى ان يحاسب ناهيك من ان يعاقب.
مشاركة :