روما - (د ب أ): بصفته رئيسا منتخبا تحت شعار «أمريكا أولا»، لم يكن دونالد ترامب شريكا سهلا لأوروبا، ولهذا السبب إذا فشل في إعادة انتخابه والفوز بولاية جديدة في الانتخابات الرئاسة المقبلة المقررة في 3 نوفمبر المقبل، فمن المحتمل ألا يكون هناك الكثير من الوجوه الآسفة أو الحزينة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وكتب أولريش سبيك، الزميل البارز في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة في برلين، في موجز سياسي حديث: «ترحب معظم الدول الأوروبية بشدة بفوز المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن». وأوضح سبيك ان هذا يرجع إلى «شعورهم المشترك الواسع النطاق بأن رئاسة ترامب تمثل أدنى نقطة للعلاقات عبر الأطلسي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية». من جانبها، قالت ناتالي توتشي، مديرة مركز أبحاث «معهد الشؤون الدولية» في روما والمستشار الخاص لمنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «إن صورة (العلاقة الحالية عبر الأطلسي) كارثية حقا، ولا أعرف كيف أصفها غير ذلك». فقد مزقت رئاسة ترامب اتفاقات دولية يدعمها الاتحاد الأوروبي مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، كما انسحبت من منظمة الصحة العالمية ومقرها جنيف وسط جائحة فيروس كورونا، وشككت في جدوى حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما فاجأ الرئيس الأمريكي أوروبا ووضعها في موقف سيء بتعامله مع عملية السلام في الشرق الأوسط وسورية، وأثار نزاعا بشأن العقوبات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، ووصف الاتحاد بأنه «عدو» على قدم المساواة مع الصين وروسيا، وقال إن لديه «مشكلة كبيرة مع ألمانيا»، أكبر اقتصاد في القارة. وردا على طلب لذكر مجال تعاونت فيه أوروبا والولايات المتحدة بنجاح في الأعوام الأخيرة، حاولت توتشي جاهدة الرد، قبل أن تقول إن قضايا الناتو «لم تسر بالسوء الذي كان يمكن أن يسير به.. ربما لأنه (ترامب) لم يتابع الملف شخصيا». وكان من الصعب أن يحدث توافق بين نهج ترامب القائم على الانفراد والقومية والتذبذب إزاء السياسة الخارجية-ربما السياسة بشكل عام- وبين النموذج المتعدد الأطراف التدريجي الذي يؤيده الاتحاد الأوروبي. وقالت توتشي: «كل آراء وتوجهات الاتحاد الأوروبي، بالتعريف الحرفي للكلمة، تتعارض مع رؤية (ترامب) للعالم». وتابعت أن المشكلة «ليست فقط كراهيته العميقة للتعددية، التي يمثل الاتحاد الأوروبي أفضل تعبير عنها، ولكن أيضا كراهيته العميقة بنفس القدر لألمانيا». وفي المقابل، من المتوقع أن يكون جو بايدن -وهو رئيس سابق للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي ونائب الرئيس لفترتين في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ويتمتع بخبرة في السياسة الخارجية عدة عقود- أكثر تفهما للحساسيات الأوروبية. وكتب بايدن المرشح الديمقراطي للرئاسة في مجلة «فورين أفيرز» (الشؤون الخارجية) قائلا: إن «أجندة السياسة الخارجية لبايدن ستعيد الولايات المتحدة إلى رأس الطاولة، في وضع يمكنها من العمل مع حلفائها وشركائها للقيام بعمل جماعي بشأن التهديدات العالمية». وتحدث أحد مستشاريه، توني بلينكين الشهر الماضي عن إنهاء «الحرب التجارية المصطنعة» مع الاتحاد الأوروبي، بينما تعهد بأن الإدارة الديمقراطية ستظل ترغب في معالجة الاختلالات في الصادرات الزراعية.ومن المتوقع أيضا أن تكون رئاسة بايدن أكثر تعاونا مع أوروبا على جبهات أخرى مختلفة، بدءا من تغير المناخ بالعودة إلى اتفاقات باريس، وتجديد الالتزام بحلف الناتو العسكري.
مشاركة :